محاولاً اختراق حواجز الثلاثي المتمرّس، النروجي كارستن فارلهوم، البرازيلي أليسون دوس سانتوس والأميركي راي بنجامين، يتمسّك العدّاء القطري عبد الرحمن سامبا بأمل الوقوف على المنصّة الأولمبية في باريس في سباق 400 م حواجز، مستنداً إلى ارتقاء تصاعدي في أدائه، تجلّى أواخر الموسم الماضي بإحرازه ذهبية دورة الألعاب الآسيوية في هانغجو.
يقول سامبا الذي سيواجه مهمة شاقة أمام فارلهوم، حامل ذهبية أولمبياد طوكيو والرقم القياسي العالمي (45.94 ثانية)، وبنجامين، وسانتوس (حاملاً فضية وبرونزية طوكيو توالياً)، إن فوزه في الآسياد منحه الكثير: "أنهيت موسمي دون إصابة، وأتطلّع إلى التالي".
لكن إبن الثامنة والعشرين الذي سجّل وقتذاك 48.04 ثانية، وهو أفضل رقم شخصي له في الموسم الماضي، حلّ سابعاً في أولى مشاركاته هذا الموسم، ضمن لقاء ستوكهولم في الدوري الماسي، مطلع حزيران (يونيو)، بزمن 49.69 ثانية. وفي منتصف تموز (يوليو)، سجّل 48.27 ث في لقاء موناكو الماسي حيث حلّ خامساً في سباق أحرزه بنجامين أمام فارهولم ودوس سانتوس.
معنويات بعد الإصابات
يرى طلال المنصور، البطل القطري السابق، وحامل ذهبية 100 متر في آسيا سيول 1986، أن: "سامبا يسير في إعداده بأفضل ما يكون بحسب ما رُسِم له من بعد آخر إصابة تعرّض لها".
يشير المنصور (60 عاماً) لوكالة "فرانس برس" إلى أن سامبا سيدخل بمعنويات عالية بعد إحرازه ذهبية الآسياد: "كانت الدورة اختباراً بالنسبة له لكي يحدّد مستواه وجاهزيته".
سامبا الذي وُلد ونشأ في السعودية قرّر تمثيل بلد والده موريتانيا، قبل أن يحمل ألوان قطر بدءاً من 2015. لجأ إلى ألعاب القوى في بداياته لزيادة سرعته أثناء ممارسته لكرة القدم، كما مارس كرة اليد والطائرة والسلة.
وبعدما خضع للسيطرة الثلاثية وحلّ خامساً في أولمبياد طوكيو صيف 2021 بزمن 47.12 ثانية، وقبلها ثالثاً في بطولة العالم 2019 في الدوحة، عانى سامبا من الإصابات في مراحل متفرّقة، آخرها خضوعه لجراحة في عضلات الفخذ في أيار (مايو) 2022.
تخوّف المنصور، الملقب بالسهم، من اصاباته المتكرّرة: "للأسف، سامبا قليل الحظ بسبب الإصابات الكثيرة التي تعرّض لها، لكن إذا وصل إلى الأولمبياد في كامل حضوره، فلكل حادث حديث".
"قد لا تتكرّر السيطرة"
لكن، ما حصل في طوكيو من سيطرة للثلاثي فارلهوم، بنجامين ودوس سانتوس قد لا يتكرّر في باريس بحسب البطل الأولمبي السابق الأميركي إدوين موزيس.
يقول حامل ذهبية 400 متر حواجز في أولمبياد مونتريال 1976 ولوس أنجلس 1984 لوكالة "فرانس برس" إن: "كل عام مختلف عن الآخر. يمكن أن تكون درجة الحرارة 42 في ذلك الأسبوع في باريس. من يدري ماذا سيحدث حينها؟".
بالمقابل اعتبر المنصور الذي يشغل حالياً منصب الأمين العام المساعد في الاتحاد القطري لألعاب القوى، أن سباق 400 متر حواجز سيكون الأكثر تشويقاً: "لا يمكن التكهّن بمن سيفوز بسبب قوة المنافسة"، معتبراً أن جولة الدوحة في الدوري الماسي قدّمت بعض المؤشرات عبر العداء البرازيلي (دوس سانتوس) الذي حقق 46.86 ثانية".
يضيف: "كل عداء خائف من الآخر ويراقبه من بعيد في تمارينه ومشاركاته، وأعتقد أن تذاكر هذا السباق ستباع في السوق السوداء".
"على سامبا شق طريقه مرّة أخرى"
وفيما اعتبر المنصور أن حظوظ سامبا بإحراز ميدالية في باريس تتساوى مع غيره، يقول موزيس (69 عاماً): "مرّ عامان منذ أن ركض سامبا بشكل جيّد، لذلك عليه أن يبدأ من القاع ويشقّ طريقه مرة أخرى".
لكن موزيس، بطل العالم مرتين (1983، و1987) يرى أيضاً أن مواطنه راي بنجامين سيكون أيضاً في الموعد: "نعم، قد ينافس، وسيكون حاضراً بقوة".
يوافق البطل الأميركي السابق أن فارلهوم المتوّج بذهبية بطولة أوروبا في حزيران (يونيو) هو الأفضل: "كونه يمتلك تفوّقاً ذهنياً"، لكنه يردف قائلاً "لا يمكن اغفال دوس سانتوس الفائز ببطولة العالم 2022. عانى من إصابة، لكن يمكنه العودة مرّة أخرى".
بحسب موزيس، ثمة فارق شاسع بين الأولمبياد وبطولة العالم واصفاً الأخيرة بـ"الأسهل بكثير للرياضيين".
يضيف: "البنية التحتية تكون أقل في بطولة العالم في حين أن الألعاب الأولمبية تشهد إجراءات أمنية في كل مكان وداخل القرية الأولمبية".
وفيما اعتبر سامبا الذي تخصّص في 400 حواجز قبل أشهر قليلة من مونديال 2017 أن: "ألعاب القوى هي لعبة شغف وتحد، وخصوصاً التحدي مع النفس قبل أن يكون مع الآخرين"، أكّد أن رسالته هي دعوة للأجيال كي "تعيش الشغف" في أم الألعاب.
ولفت موزيس إلى أن رسالته للعدائين في المنطقة العربية هي نفس الرسالة لأي عداء آخر: "عليك أن تقاتل وتبدأ من الأسفل لتشقّ طريقك إلى القمة. لا يهم من أين أتيت، الأمر كله يتعلق بمدى تفانيك في الرياضة، ونوع التدريب الذي لديك، وكم أنت محظوظ!"
وينظر سامبا بإعجاب وفخر إلى مواطنه معتز برشم، البطل الأولمبي في الوثب العالي واصفاً إياه بـ"الأخ والبطل الكبير الذي نستفيد من نصائحه ومن الانجازات التي حققها، فهو الأيقونة الرياضية التي نقتدي بها".