على مدار الموسمين الماضيين، انقلب سوق انتقالات كرة القدم رأسًا على عقب بسبب المبالغ المالية الكبيرة التي بدأت تتدفق من جيوب أندية دوري روشن السعودي للمحترفين، وذلك بعد انتقال كريستيانو رونالدو إلى النصر وهي الصفقة التي غيّرت مجرى الانتقالات في عام 2022، حيث تغير مشهد كرة القدم تمامًا؛ وقرر نجوم آخرون مثل كريم بنزيما ورياض محرز ونغولو كانتي وغيرهم الانتقال إلى الدوري الآسيوي والتخلي عن بريق أوروبا مقابل رواتب ضخمة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تسعى فيها إحدى الدوريات الناشئة إلى إظهار قوتها المالية لإحداث تأثير، حيث يتبادر إلى الذهن على الفور الدوري الصيني الممتاز، لكنها كانت تجربة أثبتت فشلها على المدى الطويل، في الوقت الذي يرغب فيه مسؤولو دوري روشن تغيير هذه الفكرة تمامًا، ولكن لم يكن هذا الميركاتو مثل الصيف الماضي في الإنفاق لعدة أسباب.
ارتفاع جودة الدوري بالنجوم الحاليين
بحسب تقرير صادر عن صحيفة "أثليتيك" البريطانية، فإن السبب الرئيسي وراء اتباع نهج مختلف هذا الصيف يرجع جزئيًا إلى حقيقة مفادها أن المسؤولين سعداء بالجودة الحالية للأفراد في الدوري، والآن أصبح هناك تركيز أكبر على دعم هؤلاء اللاعبين بدلاً من الإنفاق الكبير على الحصول على المزيد من الأسماء البارزة.
وتشير الصحيفة إلى أن جزءاً كبيراً من إغراء هؤلاء النجوم للانضمام إلى الأندية، بل وأيضاً البقاء فيها، يتلخص في تحسين المرافق المتاحة لهم، والفكرة هنا هي أنه إذا كانت هذه المرافق على مستوى النخبة، فإن اللاعبين الذين اعتادوا اللعب في أوروبا سوف يكونون أكثر سعادة بالبقاء طيلة مدة عقودهم.
تمديد عقود النجوم والحفاظ على الاستقرار
وبالنسبة للعديد من القادمين من الخارج، فإن مدة عقودهم تتراوح بين عامين وثلاثة أعوام، وللحفاظ على الاستقرار، أصبح تمديد هذه الصفقات أكثر أولوية، بدلاً من وجود معدل دوران مرتفع للمواهب الأجنبية، وهذا لا يعني أن الأمور ستنجح دائمًا بشكل مثالي، حيث اعترف أمثال جوردان هندرسون بأن الحياة في المملكة العربية السعودية كانت صعبة بالنسبة له، مما أدى إلى اختصار فترة وجوده في المنطقة، والرحيل إلى أياكس.
ويؤكد التقرير أنه في حين كان يتم استهداف الأفراد البارزين في السابق، ربما لتعزيز مكانة الدوري، فإن هذا لم يعد الاتجاه الذي تخطط الفرق لاتخاذه لتحقيق النجاح، وبدلاً من ذلك، سيتم اتباع نهج أكثر استراتيجية، حيث سيتم جلب اللاعبين لتعزيز احتياجات الفرق فقط.
ويبدو أن الاستراتيجية السابقة أضرت ببعض الأندية في الموسم الماضي، حيث تراجعت فرق مثل الاتحاد والاتفاق خلف التعاون، وكان الفريق الأخير أضعف كثيراً على الورق، مع تواجد عدد أقل كثيراً من النجوم.
قواعد الربح والاستدامة
العنصر الأخير الذي غيّر نهج الدوري في الانتقالات هو فكرة الاستدامة، فقد يبدو هذا بمثابة صدمة بالنظر إلى مدى تهور الفرق في إنفاق الأموال في الماضي، حيث لم يعد المسؤولون يريدون رؤية الفرق تنفق أكثر من اللازم.
وقد جعلت هذه العقلية الصفقات المحتملة للاعبين مثل لاعب خط وسط مانشستر يونايتد كاسيميرو تبدو غير محتملة، كما بدا من قبل أن الأندية السعودية ستكون سعيدة بدفع رسوم فلكية للاعب مسن يتقاضى أيضًا أجورًا عالية بشكل لا يصدق.
ومن الأمثلة أيضًا على هذه الاستراتيجية الجديدة، فشل النصر في التعاقد مع الدولي البولندي فويتشيك تشيزني من يوفنتوس، فرغم الاتفاق على رسوم انتقال اللاعب إلى النادي، فقد فشلت الصفقة لأن البيانكونيري لم يتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن الرسوم مع النادي السعودي، والذي لم يتمكن من تجاوز الحد الأقصى للإنفاق الذي تم منحه له.