النهار

من ارتجاج بالمخّ إلى زيادة بالوزن وتظاهرات دعم... فوغات فتاة رفضها حلمها في الأولمبياد
المصدر: النهار العربي
في ظل العجائب والغرائب التي نراها في بعثة مصر المُشاركة في الدورة الثالثة والثلاثين من الألعاب الأولمبية، أولمبياد باريس 2024، على الرغم من أنها تُعتبر البعثة الأكبر في تاريخ جمهورية مصر العربية في الأولمبياد بشكل عام، إلا أن هذه العجائب لم تتوقف نهائيًا؛ بل وصلت إلى فضائح كثيرة هزت أرجاء العاصمة الفرنسية باريس، والتي كان آخرها واقعة المصارع محمد إبراهيم المعروف باسم كيشو.
من ارتجاج بالمخّ إلى زيادة بالوزن وتظاهرات دعم... فوغات فتاة رفضها حلمها في الأولمبياد
اتحاد الشباب الديموقراطي الهند يتظاهر ضد استبعاد فينيش فوغات (أ ف ب)
A+   A-
آية جبر
 
في ظل قيامنا بتسليط الضوء على أحداث الدورة الثالثة والثلاثين من الألعاب الأولمبية المُقامة حالياً في العاصمة الفرنسية باريس في مُختلف البعثات، نجد أن هناك فتاة هندية تُدعى فينيش فوغات تمكنت من خطف الأنظار إليها في أولمبياد باريس 2024، خاصة بعدما رفضها حلمها الذي كاد أن يتحول لحقيقة على أرض الواقع، ولكنها تعرضت للصدمة الكبرى في حياتها، والتي لم تكن الأولى، ولكنها الأكبر لحد جعل جمهورها يتظاهر احتجاجاً ودعماً لها في بلادها!
لعنة الإصابات تلحق بالهندية فينيش فوغات وتمنعها من تحقيق حلمها
قبل أن نتطرق إلى معرفة ما هي قصة لعنة الإصابات التي لحقت باللاعبة الهندية فينيش فوغات في رياضة المصارعة؛ لا بد لنا أن نعرف أولاً من هي هذه الفتاة القوية التي لم تهزمها الظروف؛ بل نجحت في إعطاء العالم درساً في القوة، والصبر؟
ولدت هذه الفتاة في يوم 25 من شهر آب (أغسطس) عام 1994، واتجهت إلى ممارسة رياضة المصارعة منذ السنوات الأولى من عمرها، وتمكنت من حصد العديد من الميداليات خلال مسيرتها الرياضية، والتي من بينها ميداليتان برونزيتان في بطولة كأس العالم، بالإضافة إلى خمس ميداليات ذهبية في مختلف البطولات، وهذا بجانب ثلاث ميداليات فضية.
ولكن على الرغم من هذه الإنجازات التي حققتها في مختلف البطولات؛ إلا أنها لم تتمكن من تتويج مشاركتها في دورات الألعاب الأولمبية السابقة؛ على الرغم من أنها كانت قريبة من تحقيق ذلك، لكن السيناريوهات الدرامية رافقة مسيرتها، والتي بدأت في مقدمتها أولمبياد ريو ديو جانيرو عام 2016 التي شاركت، وتألقت فيها تألقاً ملحوظاً، ولكن لم يحالفها الحظ بالنهاية، وتعرضت لإصابة قوية في الكاحل أسفرت عن خروجها من الدور ربع النهائي.
 
ولكنها لم تستسلم على الرغم من هذه الإصابة؛ بل واصلت عمليات التأهيل، حتى اقتربت من الانضمام إلى أولمبياد طوكيو، ولكنها تعرضت لإصابة أخرى تتمثل في ارتجاج بالمخ عام 2016.
وبالرغم من خطورة إصابتها، إلا أنها أعطت الجميع درساً في القوة ومواصلة العمل للوصول إلى الحلم المفقود، وهو التتويج بإحدى الميداليات في الأولمبياد.
وبالفعل، تمكنت من المشاركة في الأولمبياد عام 2020، لكنها ودعت المنافسات أيضاً من الدور الربع نهائي على الرغم من المستوى الهائل الذي قدمته طوال البطولة، وبدلاً من أن تلقى الدعم من قبل الاتحاد الهندي للمصارعة؛ إلا أنها تفاجأت بتوجيه تهمة مباشرة لها؛ تتمثل في عدم الانضباط.
ولكنها بفضل قوتها؛ تمكنت من الاستمرار في اللعبة؛ إلا أنها تفاجأت بقرار صادم في مشوارها الرياضي، وهو وقف النشاط الرياضي الهندي في رياضة المصارعة لمدة خمسة أشهر كاملة بسبب اتهام رئيس الاتحاد بالتحرش الجنسي.
احتجت هذه الفتاة على هذا القرار؛ برفقة عدد من أصدقائها الذين ساعدوها في ذلك، واعترضوا عليه في وسط شوارع الهند، وأشارت الفتاة إلى أنها جاهزة لخوض منافسات أولمبياد باريس 2024، إلا أن المحاربة التي وجدتها من قبل الاتحاد الهندي جعلتها محطمة نفسياً، وهذا بجانب لعنة الإصابات التي تعرضت لها طوال مسيرتها الرياضية.
ولكن حدثت المفاجأة غير المتوقعة قبل 6 شهور فقط من انطلاق النسخة الثالثة والثلاثين من دورة الألعاب الأولمبية، فماذا حدث؟

فينيش فوغات تقترب من تحقيق حلمها في أولمبياد باريس 2024
بفضل الاعتراضات التي تلقاها الاتحاد الهندي للمصارعة من قبل اللاعبة فينيش فوغات وزملائها؛ أجرى الاتحاد انتخابات جديدة في شهر شباط (فبراير) الماضي، ووافق على مشاركتها في أولمبياد باريس 2024.
ونجحت هذه الفتاة في لفت جميع الأنظار إليها؛ عقب وصولها إلى المباراة النهائية عن جدارة واستحقاق بعد المستوى الهائل الذي قدمته منذ اللحظات الأولى.
ولكن لم يخضع لها حلمها، وظل يقف عائقاً أمامها، وخاصة بعدما قامت اللجنة الأولمبية بوزنها، ووجدت زيادة في وزنها الأساسي حوالي 2 كيلو و700 غرام بعد انتهاء مباراة نصف النهائي.
وعلى الرغم من ذلك؛ بذلت اللاعبة قصارى جهدها، وظلت تمارس التمرينات الرياضية قبل انطلاق المباراة النهائية لمدة 24 ساعة متواصلة، بالإضافة إلى منعها الطعام والشراب، وهذا بجانب المواظبة على الدخول إلى الساونا.
 
وبعد كل هذا؛ لم تصل إلى حلمها الذي كان أمام عينها، وخاصة بعدما وجدت البعثة الأولمبية زيادة في وزنها أيضاً 100 غرام عن الوزن الأساسي الذي من المُفترض أن يكون 50 كيلوغراماً فقط، واستُبعدت من المنافسات، فضلاً عن نقلها إلى المستشفى، وهي تُعاني حالة جفاف شديدة؛ بسبب عدم تناولها المياه لمدة يوم كامل.
ولذلك؛ فإننا يُمكننا القول إن حلمها رفض أن يخضع لها على الرغم من أنها لم تبخل بأي مجهود، وبذلت قصارى جهدها لتحقيق حلمها منذ الطفولة.
ولكن دعونا نتساءل: هل من الممكن أن تستسلم هذه البطلة إلى كل هذه الظروف القاسية التي حدثت جميعاً خارج إرادتها، وكانت تقف عائقاً أمام حلمها، وترفض المشاركة من جديد في دورة ألعاب أولمبية جديدة؟ وهل ستتمكن هذه الفتاة القوية من حصد الميدالية الذهبية أو الفضية في دورة الألعاب الأولمبية القادمة؟
 
فوغات أعلنت اعتزالها بعد نهاية الأولمبياد، وشوارع الهند شهدت تظاهرة نظمها أعضاء اتحاد الشباب الديموقراطي في الهند اعتراضاً على استبعادها من الأولمبياد، لذا دعونا ننتظر، والأيام سوف تثبت لنا أن مثل هذه النماذج من الأبطال لا يخضعون أبداً لظروفهم الخارجة عن إرادتهم، ولكن بفضل جهدهم تجعل الظروف هي التي تخضع لهم.

اقرأ في النهار Premium