النهار

الدوري التونسي يتخبّط في فراغ إداري... و"فيفا" يتدخّل
تونس-كريمة دغراش
المصدر: النهار العربي
عانى الاتحاد التونسي لكرة القدم في الأشهر الأخيرة من اضطرابات أدخلته في أزمة فراغ إداري استدعت تدخّل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، وألقت بظلالها على مصير الدوري الذي لا يُعرف بعد متى ينطلق.
الدوري التونسي يتخبّط في فراغ إداري... و"فيفا" يتدخّل
المنتخب الوطني التونسي لكرة القدم. (أ ف ب)
A+   A-
عانى الاتحاد التونسي لكرة القدم في الأشهر الأخيرة من اضطرابات أدخلته في أزمة فراغ إداري استدعت تدخّل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، وألقت بظلالها على مصير الدوري الذي لا يُعرف بعد متى ينطلق. 
 
ومنذ توقيف رئيسه السابق وديع الجريء بتهم تتعلق بالفساد وسوء الإدارة، يتخبّط اتحاد الدوري التونسي في مشكلات عدة، كان في مقدمتها الفشل في اختيار رئيس ومكتب جديدين يقودان الاتحاد في الفترة المقبلة.
 
وقادته لجنة موقتة، بعدما أرسل الجريء كتاب استقالته، لكن عهدتها القانونية انتهت من دون النجاح في انتخاب مكتب جديد، بعدما  فشلت اللجنة في تنظيم انتخابات في مناسبتين: الأولى في 9 آذار (مارس) والثانية في 11 أيار (مايو) المنصرمين، ورفضت كل القوائم التي تقدّمت لانتخابات اتحاد الدوري، بسبب عدم التزام ملفاتها الشروط المطلوبة.
 
"فيفا" يتدخّل
يقول أنيس بن ميم، المحامي المختص في الشؤون الرياضية، "إن الفشل في تنظيم الانتخابات كان وراء تدخّل "فيفا" لتعيين لجنة تسيّر الاتحاد الدوري التونسي مدة معينة إلى حين انتخاب مكتب جديد"، إذ تدخّل الاتحاد الدولي مع انتهاء المدة القانونية للهيئة الموقتة، عازماً على تعيين مكتب جديد، من أبرز مهمّاته تنظيم انتخابات جديدة والإشراف موقتاً على تسيير أمور الاتحاد وتعديل القوانين لحين اختيار المكتب الجديد، بعدما أعلنت تعيين لجنة تسوية، تستمر حتى 31 كانون الثاني (يناير) 2025، وهذا يهدف، بحسب بن ميم، لضمان الاستقرار في اتحاد الدوري التونسي والخروج من الأزمة الحالية.
 
وبحسب معلومات توافرت لـ"النهار العربي"، سيكون كمال إيدير رئيساً لهذه اللجنة، التي قد يعلن الاتحاد الدولي تكليفها رسمياً في الساعات القليلة المقبلة، وهو من الشخصيات التي تحظى باحترام كبير في الوسط الرياضي التونسي، وسبق له أن ترأس فريق النادي الأفريقي.
 
السياسة في الرياضة
في عهد الجريء، كان الجدل قائماً حول الدور الذي لعبه الرجل ومدى توظيفه موقعه والاتحاد في صراعات سياسية. فقد دخل في صراع مع سلطة الإشراف سنوات طويلة، واتُهم بتوظيف الاتحاد في معارك سياسية، حتى كان من الذين أعلنوا دعمهم لرئيس الحكومة السابق ورئيس حزب "تحيا تونس" يوسف الشاهد في انتخابات الرئاسة في عام 2019. 
 
وسرت أخبار في مناسبات عديدة عن نيّة حينها لتكليف الجريء رئاسة الحكومة، فيما رجحت مصادر عديدة إمكانية ترشحه للانتخابات الرئاسية الحالية.
 
وتقول اسمهان العبيدي، الكاتبة الصحافية المختصة في الرياضة، إن سبب التوتر بين اتحاد الدوري التونسي ووزارة الشباب "سياسي وليس رياضياً"، مؤكّدة أن ذلك أثّر في كرة القدم التونسية بشكل عام.
 
وتوضح العبيدي لـ"النهار العربي"، أن مستوى كرة القدم التونسية والدوري التونسي تراجعا بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، نتيجة هذه الصراعات، "وهو ما يُلاحَظ من خلال النتائج التي يحققها المنتخب التونسي والأندية التونسية على حدّ سواء على المستوى القاري والدولي"، مضيفةً: "الفساد والمحاباة ضربا مفاصل الكرة التونسية".
 
الغموض يلفّ الدوري
لم يحدّد الاتحاد التونسي بعد موعد انطلاق الدوري، وما زال الغموض يلف مصيره، رغم أن وزارة الرياضة والشباب التونسية كانت قد أعلنت في نهاية الأسبوع الماضي أن الجولة الافتتاحية ستقام يوم 27 أو 28 آب (أغسطس) الجاري.
 
وحدها اللجنة التسييرية الموقتة هي المخولة الإعلان عن موعد انطلاق الدوري وروزنامته، فيما أكّدت مصادر عديدة أن الوزارة التونسية راسلت "فيفا" من أجل السماح لها بتعيين موعد لانطلاق الدوري.
 
وتعيش الفرق التونسية حالاً من الارتباك بسبب هذا الغموض الذي يلفّ مصير الدوري، خصوصاً أن لبعضها مشاركات قارية ودولية مجدولة مسبقاً.
 
وانطلق كل من فريقي الاتحاد المنستيري والنادي البنزرتي في مغامرتهما الأفريقية ضمن تصفيات كأس "كاف"، فيما يخوض نادي الترجي الرياضي مسابقة بطولة أفريقيا للأندية، وسيشارك في كأس العالم للأندية 2025 في نسخته الجديدة في الولايات المتحدة.
 
المنتخب يتخبّط
لا تقف تداعيات الفراغ الإداري ضمن اتحاد الدوري التونسي عند الفرق المحلية، فالمنتخب التونسي الذي لا يزال معنياً بتصفيات كأس العالم، ويتصدّر مجموعته، وبتصفيات كأس أفريقيا المغرب 2025، سيكون من أبرز المتضررين مما يحدث.
 
ويبدأ منتخب "نسور قرطاج" مشواره في تصفيات كأس أمم أفريقيا المغرب 2025، في 5 أيلول (سبتمبر) المقبل، بمواجهة منتخب مدغشقر على ملعب رادس، ضمن الجولة الأولى، قبل أن يلاقي منتخب غامبيا في 8 من الشهر ذاته ضمن منافسات المجموعة الأولى.
 
وسبق اللجنة الموقتة السابقة أن أقالت المدرب السابق للمنتخب منتصر الوحيشي، بعد نتائج مخيبة للآمال، أغضبت الشارع الرياضي في تونس، وعيّنت المدرب مكانه فوزي البنزرتي، واختارت المدرب مهدي النفطي مساعداً له.
 
وتؤكّد مصادر مطلعة على كواليس المنتخب التونسي لـ"النهار العربي"، أن العلاقة بين البنزرتي والنفطي متوترة، فالأول يرفض العمل مع الثاني، "ما ستكون له انعكاسات على تحضيرات المنتخب".
 
ملفات شائكة
سيكون حسم هذه الخلافات وتنقية الأجواء داخل المنتخب الوطني التونسي، الذي يراهن على المشاركة مرّة أخرى في كأس العالم وتحقيق نتائج جيدة في كأس أفريقيا، من أبرز الملفات المطروحة على اللجنة الموقتة. 
 
وتتساءل العبيدي عن قدرة اللجنة الموقتة والاتحاد المنتظر انتخابه "على إصلاح ما أُفسد في السنوات الأخيرة، فحلّ أزمات الكرة التونسية مرتبط بالابتعاد عن سياسة تصفية الحسابات والمعارك الجانبية"، كما تقول، متوقعةً أن تتواصل تأثيرات هذه الأزمة على كرة القدم في تونس لسنوات مقبلة، نظراً لما أحدثته من شروخ كبيرة في صفوف الجسم الرياضي التونسي.
 

اقرأ في النهار Premium