الأمور واضحة: مباراة تجمع بين فريقين، لكل فريق جمهور يسانده ويدعمه ويشجّعه بكل الطرق من أجل نقل الحماسة إلى اللاعبين حتى الوصول إلى تحقيق الانتصار.
بالفعل، هذا ما يحصل في ملاعب كرة القدم، إذ تلعب الجماهير غالباً دوراً مؤثراً من خلال التشجيع والأهازيج التي تطلقها، والتي هي نوع من الأناشيد، وترديد العبارات الحماسية والغناء الجماعي، ولكن ماذا لو تحوّل هذا التشجيع إلى ازعاج للقريب قبل البعيد؟
ما يحصل في دوري روشن "لم يعد محمولاً" عند مجموعة كبيرة من متابعي الدوري السعودي للمحترفين، وبالتحديد حين تتواصل الأهازيج والأناشيد والتشجيع أحياناً بآلات موسيقية طيلة الـ90 دقيقة، لتصبح مزعجة سمعياً، وهو ما تحدّث عنه العديد من السعوديين في مواقع التواصل الاجتماعي، حتى وصلت الأمور لدى البعض إلى حد مشاهدة المباراة "صامتة" عبر التلفاز.
اختلاف التشجيع
دخل الدوري السعودي مرحلة جديدة في السنتين الأخيرتين، وبات قوّة عربية، آسيوية وعالمية، مع جذب العديد من النجوم إلى ملاعبه، على رأسهم البرازيلي نيمار والبرتغالي كريستيانو رونالدو.
ومع ارتقاء المستوى الفني للدوري الخليجي، تحوّلت الأمور بشكل كبير لمصلحته على صعيد الاهتمام الإعلامي والتسويقي والجماهيري العالمي، وأصبح المطلوب مواصلة التطوّر على كل الأصعدة.
على الصعيد التشجيعي، الكل يدرك تماماً مدى تأثير الجماهير على اللاعبين، سواء فريقهم أو المنافس، فمثلاً تلعب جماهير ملعب "أنفيلد" معقل ليفربول الإنكليزي و"سان سيرو" معقل الثنائي الإيطالي إنتر وميلان دوراً كبيراً في دعم فرقها لتحقيق الانتصارات بعد تحويل الملعب إلى "جحيم" للفريق الزائر.
أما عربياً، فتشتهر الملاعب في تونس والجزائر والمغرب كثيراً بالأجواء الحماسية الصاخبة، وصولاً إلى مصر، وتحديداً ملعب القاهرة الدولي، الذي يتسع لنحو 75 ألف متفرج، مروراً بالأردن وغيرها من الدول.
وينتظر عشاق كرة القدم إقامة مباريات على هذه الملاعب من أجل مشاهدة وسماع الجماهير فيها، خصوصاً أن الأغاني والأناشيد وطريقة التشجيع تؤثر حتى على المشاهد، وهو ما لا يحصل في الملاعب السعودية، بحسب متابعين في مواقع التواصل الاجتماعي.
ولكن الأكيد أن في كل دولة طريقة تشجيع معيّنة، ومن حق كل نادٍ أن يحصل على التشجيع الذي يريده، وأيضاً من حق كل جمهور أن يردّد الهتافات التي يعتبرها سلاحاً للاعبي فريقه من أجل تحقيق الانتصار، والتأثير سلباً على المنافس.
مع أو ضد؟
وجهتا نظر لهذا الموضوع: الأولى تعتبر أن ما يحصل في بعض المدرجات من ترديد هتافات وأهازيج يشكّل ازعاجاً للمشاهدين عبر التلفاز وحتى كل من يحضر في الملعب، باستثناء من يطلق هذا التشجيع، والثانية تؤكد أن من حق هؤلاء التشجيع كما يريدون.
بالنسبة إلى وجهة النظر الأولى، أن من يردد هذه الأهازيج لا يشاهد المباراة ولا حتى يعرف ماذا يحصل فيها، وأعطى أحد المتابعين مثالاً عن إحدى المباريات حين كان أحد الفريقين متأخراً بثلاثية، لتطلق جماهيره بالهتاف: "كل الأندية بعده".
ودعمت هذه الفئة موقفها بأن التشجيع الذي يحصل لا يعطي أي حافز للاعبين لتقديم الأفضل، بل على العكس فهو يُزعجهم كما يُزعج المشاهدين والحاضرين في الملعب.
وكتب أحد المتابعين في مواقع التواصل الاجتماعي: "والله العظيم طول مباراة الهلال وانا مقفل الصوت من العفن الي قاعد اسمعه".
واعتبرت وجهة النظر الثانية أن من حق الجماهير التشجيع كما تريد، لأنها في ملعب كرة قدم وتبحث عن كل السبل لدعم فريقها.
وأكدت هذه الفئة أن في كل بلد طريقة تشجيع خاصة به، وللجماهير الحرية للقيام بكل ما تريده، شرط أن تبقى تحت سقف القانون.
بعض الاتحادات منعت استخدام آلات معيّنة في مسابقاتها، تفادياً للازعاج، والكل "يسمع" جيداً ما يحصل في ملاعب جنوب أفريقيا من خلال استخدام أبواق "فوفوزيلا"، والتي أثارت الجدل في كأس العالم 2010، لذلك فإن "الازعاج" أمر بات عادياً في كرة القدم، ولو أنه غير مقبول.
من الصعب أن تتّخذ السلطات المعنية في السعودية قراراً بمنع الجماهير من ترديد الأهازيج أو الغناء الجماعي، ولكن على بعض الأندية أن تتدخّل وتنظم طريقة تشجيع جمهورها، في حال كانت منزعجة منها.