آية جبر
مرت 4 سنوات كاملة على مباراة نهائي القرن التي جمعت بين قطبي الكرة المصرية "الأهلي والزمالك" في نهائي دوري أبطال أفريقيا 2020/2019، ولا تزال هذه المواجهة راسخة في عقول المشجعين كأنها البارحة، ما بين فرحة واحتفالات تقوم بها جماهير القلعة الحمراء كل يوم جمعة من كل أسبوع بإحياء ذكراها وذكرى القاضية التي سددها اللاعب محمد مجدي قفشة، وتوّج على إثرها المارد الأحمر باللقب التاسع في تاريخه آنذاك، وما بين حسرة وآهات يرددها محبو القلعة البيضاء على تلك الليلة التي يرون أن فريقهم كان الأحق بالفوز بهذا اللقب بعد تفوقهم الفني طوال اللقاء داخل المستطيل الأخضر، إلا أن التوفيق لم يكن حليفاً لهم.
وتجدد الأمل لدى الجماهير مرة أخرى لمشاهدة مثل هذه المواجهات التي لا تتكرر كثيراً في التاريخ بمواجهة عملاقي القاهرة في المنافسات القارية، بعدما توج الأهلي بلقب دوري أبطال أفريقيا 2024/2023، ونجح الزمالك في حصد لقب الكونفدرالية في الموسم ذاته، ليلتقي الفريقان ضمن منافسات كأس السوبر الأفريقي 2024 المقرر أن تستضيفها المملكة العربية السعودية في مساء يوم الجمعة الموافق 27 من أيلول الحالي (سبتمبر)، ويبقى السؤال الأول الآن: هل ينجح المارد الأحمر في تكرار إنجاز نهائي القرن أم يتمكن الفارس الأبيض من هروب من كابوس القاضية؟
تدعيمات غير كافية للأحمر وصفقات نارية للأبيض
استعد كل فريق من قطبي الكرة المصرية بقوة لمباراة السوبر الأفريقي 2024 بتدعيم صفوفه خلال الميركاتو الصيفي الجاري الذي لم يغلق أبوابه بَعد داخل مصر، من أجل سد الثغرات التي عاناها بالموسم الماضي حتى يتمكن من تحقيق الفوز، ومنه يصعد إلى منصة التتويج على حساب الغريم التقليدي الأزلي له.
نجد أن فريق الأهلي قد اكتفى بالتعاقد مع أربعة لاعبين عبر أربع صفقات جديدة فقط جميعها في الخط الخلفي، كان أولهم القطري الذي يحمل الجنسية المصرية "يوسف أيمن"، ثم تلاه أسدان من أسود الأطلس، وهما: (يحيى عطية الله وأشرف داري)، وكان آخرهم عمر الساعي الذي لا يحق له المشاركة في مباراة السوبر، وبالرغم من هذه التدعيمات إلا أن الجماهير تجد أن إدارة القلعة الحمراء لم تدعم الفريق بالصورة المطلوبة في ظل النقص العددي بالخط الهجومي، خصوصاً بعد رحيل أنتوني موديست وأحمد عبد القادر، وعدم وجود بديل حقيقي للفلسطيني وسام أبو علي.
وفي المقابل، تعيش جماهير الزمالك حالة من الفرح بعد الصفقات النارية التي أبرمتها الإدارة بقيادة الكابتن حسين لبيب، والتي جاءت متكافئة بين المراكز التي يحتاج الفريق فيها إلى التدعيمات حيث تم التعاقد مع اللاعب محمد حمدي على سبيل الإعارة المغربي محمود بنتايك لتعويض غياب أحمد أبو الفتوح، بالإضافة إلى الفلسطيني عمر فرج والبولندي كونراد ميشالاك لتدعيم خط الهجوم، وكان آخر هذه الصفقات السنغالي سيدي نداي.
جولة داخل عقل كولر
ربما تكون الصفقات التي أبرمها النادي الأهلي غير كافية بناءً على رؤية الجماهير العاشقة للفريق، إلا أن هذا قد لا ينطبق مع فكر السويسري مارسيل كولر الذي تمكن من قيادة الكتيبة الحمراء بالموسم الماضي 2024/2023 نحو تحقيق العلامة الكاملة في البطولات التي شارك فيها حتى الآن، ولم يخرج من تشكيلة كولر الأساسية في الميركاتو الصيفي سوى المدافع محمد عبد المنعم الذي رحل إلى نيس الفرنسي، لذلك من المنتظر أن يحافظ المدرب السويسري على القوام الأساسي للفريق مع إحداث بعض التغيرات المطلوبة.
وبالنظر إلى طريقة تفكير المدرب السويسري، يمكن القول إن الأهلي بقيادة كولر سوف يعتمد على طريقة اللعب المعتادة، وهي (4-2-3-1)، والتي تمكنه من بناء الهجمة من الخلف، ولعب الكرات الطولية في ظهر المدافعين، ولهذا سوف يكون رامي ربيعة حاضراً في قلب الدفاع، خصوصاً أنه يجيد الخروج الجيد بالكرة وقطع مسافات طويلة داخل المستطيل الأحمر، وبجانبه ياسر إبراهيم في الخلف للتأمين الدفاعي الجيد.
وعلى الجانبين سوف يعتمد المدرب السويسري على محمد هاني، وعلى الصفقة الجديدة يحيى عطية الله، مع معاونة خط الوسط الدفاعي المكون من مروان عطية وأكرم توفيق من أجل التصدي للهجمات السريعة التي سوف يعتمد عليها غوميز في ظل قوة الزمالك الهجومية، خصوصاً مع الصفقات الجديدة، على أن يكون إمام عاشور "اللاعب الرقم 10" هو نقطة الوصل بين خطي الدفاع والهجوم لبناء الهجمات المرتدة السريعة التي تُعد سلاح المارد الأحمر الأول، ويعاونه كل من حسين الشحات ورضا سليم، ويقود الهجوم وسام أبو علي مع إمكانية الاستعانة بأي من الثاني عمرو السولية أو محمد مجدي قفشة في وقت مبكر من المباراة في حالة التأخر بالنتيجة.
خطة غوميز المتوقعة مع الصفقات الجديدة
وعلى النقيض، ربما يسعى البرتغالي جوزيه غوميز إلى استغلال الصفقات الجديدة خلال مباراة السوبر الأفريقي من أجل غلق أي من الثغرات التي يستغلها المنافسون لمصلحته، خصوصاً في خط الدفاع الذي يُعد النقطة الأضعف في الفريق الأبيض، لهذا هو يحتاج إلى استخدام سلاح الهجوم المبكر مع الضغط العالي المتقدم لخطف هدف مبكر، ومحاولة زيادة النتيجة لمصلحته.
ما يجعل المدرب البرتغالي يحتاج إلى التأمين الدفاعي الجيد يمنع استقبال هدف مبكر، وهو ما سوف يجعله يميل إلى طريقة (4-2-3-1)، ليكون الاعتماد على قلبي الدفاع حسام عبد المجيد، ويعاونه الوافد الجديد محمود بنتايك الذي يتميز بقوته الجسمانية، والتحاماته القوية بالإضافة إلى قدرته على الخروج الجيد بالكرة من الخلف والأمام، بالإضافة إلى المخضرم عمر جابر وحمزة المثلوثي، وفي مركز خط الوسط الخلفي سوف يكون نبيل عماد دونغا ومعه محمد شحاتة الذي يجيد اللعب في المركزين 6 و8.
ومع خطة غوميز ورغبته في الضغط العالي، وبناء الهجمات السريعة سوف يكون لعبد الله السعيد دور بديل وليس لاعباً أساسياً مع الاعتماد على ناصر ماهر في مركز رقم 10، وعلى الجانبين أحمد مصطفى زيزو وعمر فرج، لاستغلال السرعات والمهارات التي يتمتع بها هؤلاء اللاعبون، خصوصاً أن الأهلي يعاني بطء ثلاثي الخط الخلفي: "ربيعة، وياسر، وهاني"، ويقود الهجوم البولندي كونراد ميشالاك الذي يمتاز بقوته في الضربات الرئيسة التي تُعد هي نقطة الضعف الأساسية للمنافس، والذي استقبل منها العديد من الأهداف.
وفي النهاية، كل ذلك ما هو إلا تحليل للرؤية الفنية للفريقين وقراءات على الأوراق، وتبقى الكلمة الأهم للاعبين داخل المستطيل الأخضر، خصوصاً في لقاءات القمة بين قطبي الكرة المصرية التي تكون دائماً خارج التوقعات، ويجب علينا الانتظار حتى صافرة نهاية هذه المباراة للتعرف على البطل.
فهل يكون الأهلي، ويتوج باللقب التاسع له من السوبر الأفريقي؟ أم يكون اللقب الخامس للزمالك، والثاني على حساب غريمه التقليدي، مكرراً إنجاز 1994؟