النهار

آية جبر

عندما نتحدث عن أفضل الحراس على مستوى العالم في الوقت الراهن، فإنّ الكثير من الجماهير تتجه إلى بعض الأسماء التي تلعب في الدوريات الخمسة الكبرى، على الرغم من وجود بعض النماذج العربية التي تمكنت من وضع بصماتها طوال السنوات الماضية، سواء برفقة الفرق التي لعبت لها أو المنتخبات.

والحارس المغربي ياسين بونو الذي يلعب حالياً مع نادي الهلال السعودي خير دليل، إذ نجح في إثبات نفسه وتقديم مستويات هائلة أدت في النهاية إلى تتويج الفرق التي لعب لمصلحتها ببعض البطولات، إلى جانب منتخب المغرب الذي تمكن من تحقيق إنجاز كبير في بطولة كأس العالم النسخة الماضية التي أُقيمت في قطر عام 2022، والذي يتمثل في حصد المركز الرابع.

من التضحية إلى التألق ثم الاصطدام بواقع أليم
يُعتبر ياسين بونو من اللاعبين الذين يمتلكون قصصاً ملهمة في تاريخ كرة القدم، خصوصاً أنّ مشواره الكروي لم يكن سهلاً في البداية، وكان مليئاً بالعديد من العوائق.

بدأ الحارس المغربي مشواره عن طريق اللعب لمصلحة نادي الوداد البيضاوي المغربي، وجرى تصعيده إلى الفريق الأوّل عندما بلغ الـ19 من عمره، وكانت المهمة الأصعب له عندما جرى تصعيده أثناء إصابة الحارس الأساسي للفريق نادر المياغري، وقيادة عرين الفريق المغربي في إياب نهائي بطولة دوري أبطال أفريقيا أمام الترجي الرياضي التونسي، وحصد لقب الوصيف بعدما تعرّض للهزيمة في هذه المواجهة، واستقبلت شباكه هدفاً وحيداً.

ثم، انطلقت مسيرته برفقة منتخب المغرب بعد ذلك عام 2013، وخاض أوّل مباراة له أمام بوركينا فاسو، وكانت مواجهة ودية استعداداً للتصفيات المؤهلة إلى مونديال البرازيل 2014، وخسر هذا اللقاء بنتيجة 1-2.

وفي يوم، تفاجأ الجمهور المغربي بالإعلان عن رحيل بونو عن صفوف الوداد، وقرّر الاحتراف مع الفريق الثاني لأتلتيكو مدريد الإسباني ضمن دوري الدرجة الثالثة الإسباني، وعلى الرغم من أنه كان يطمح إلى اللعب لمصلحة الفريق الإسباني في الدرجة الأولى، إلا أنّ حلمه تحوّل إلى كابوس.

وفشل بونو في تحقيق هذا الحلم، ووجد نفسه مجدداً يلعب مع سرقسطة في الدرجة الثانية، واستطاع بونو إثبات نفسه، وكانت بمثابة المحطة الرئيسية لمعرفة العديد من الأندية به.

وانتقل بعد ذلك إلى جيرونا، والتقى خلال هذه الفترة بعمالقة كرة القدم مثل ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو.

وعلى الرغم من أنّ بونو استطاع إثبات نفسه داخل نادي جيرونا، إلا أنه اصطدم بالواقع الأليم، خصوصاً بعدما هبط الفريق إلى الدوري الإسباني الدرجة الثانية في موسم 2018/2019.

"الأسد الجائع" يبدأ في تحقيق الأرقام القياسية
قرّر ياسين بونو بعد ذلك الانتقال إلى نادي إشبيلية في الموسم التالي مباشرة، وبالرغم من أنه كان يعرف جيداً أنه سيجلس على دكة الاحتياط، إلا أنّ إصراره وعزيمته نحو تحقيق أحلامه لم يحبطاه نهائياً.

وجاءت الصدفة التي غيرت من مجرى حياته، والتي تمثلت في تعرّض الحارس فاتشليك للإصابة، ووجد نفسه في التشكيلة الأساسية للفريق الإسباني، وتمكن من كتابة اسمه بأحرف من ذهب، وخصوصاً بعدما حصد جائزة زامورا كأفضل حارس في الدوري الإسباني موسم 2021/2022، وهي الجائزة التي لم يحصل عليها أي لاعب عربي أو أفريقي سابقاً، إلى جانب حصوله على لقب أفضل لاعب في المباراة النهائية، وأيضاً وجوده ضمن التشكيلة الأفضل في البطولة لهذا الموسم.

"أسد المغرب" في مونديال قطر 2022
في واحدة من أقوى المفاجآت التي حدثت في مونديال قطر 2022 وهي ظهور الموهبة الكبيرة ياسين بونو الذي نجح في قيادة منتخب المغرب لتحقيق المركز الرابع بعدما فشل في التأهل إلى المباراة النهائية، وتعرّض للهزيمة على يد فرنسا بنتيجة 1-2، وتلقى الهزيمة أيضاً في مباراة تحديد المركز الرابع بنتيجة 1-2 على يد كرواتيا.

وعلى الرغم من ذلك، إلا أنّ بونو نجح في الحفاظ على شباكه نظيفة في ثلاث مباريات، وهي بلجيكا في مرحلة المجموعات، وإسبانيا في دور الـ16، والبرتغال في الدور ربع النهائي، كما أنه يُعتبر أوّل حارس أفريقي يتمكن من الحفاظ على الـ"كلين شيت" في هذا العدد من اللقاءات في المونديال.

وكل هذه الأرقام جعلته يترشح ضمن أفضل الحراس في العالم عام 2022، فضلاً عن تكرار هذا الإنجاز في العام التالي مباشرة بعدما حصد لقب الدوري الأوروبي مع إشبيلية على حساب نادي روما بعدما جرى اللجوء إلى ركلات الترجيح التي تصدى فيها لـ3 ركلات بعدما انتهت بنتيجة 4-1.

الانتقال إلى الهلال السعودي
في شهر آب (أغسطس) من عام 2023، أعلن نادي الهلال السعودي عن ضم الحارس ياسين بونو الذي نجح في التتويج بعدد من الألقاب معه في الموسم الأوّل، وهي الدوري السعودي، وكأس خادم الحرمين الشريفين، وكأس السوبر السعودية مرّتين.

وطوال موسم كامل، تمكن بونو من المشاركة برفقة "الزعيم" في 43 مباراة، ونجح في الحفاظ على شباكه خالية من الأهداف في 19 مباراة، واستقبل 27 هدفاً فقط.

اسم يونو يُزين صفحة "فيفا"
وبعد كل هذه الأرقام العريقة، تمكن "الأسد المغربي" ياسين بونو من أن يكون ضمن أفضل المواهب المتوقع أن تتألق في بطولة كأس العالم للأندية النسخة القادمة التي ستُقام العام المقبل 2025، وذلك على الصفحة الرسمية التابعة لـ"فيفا"، كما أنه الحارس الوحيد ضمن هذه القائمة، إلى جانب كونه اللاعب العربي الثاني الذي كان هناك برفقة إمام عاشور لاعب الأهلي المصري.