آية جبر
إن الفشل هو ضريبة غير الطموحين، وهذا ليس في قاموس الجماهير المشجعة والعاشقة لعملاقي الكرة العربية، الأهلي المصري والهلال السعودي، الذين لا يجدون سوى طريق النجاح ليجعلوا فريقهم يسلك فيه لتحقيق مزيد من الانتصارات، وحصد الكثير من الألقاب، أما تلك الحُجج التي يخرج بها البعض بعدم المقدرة أو وجود أسباب قد تعرقل تحقيق النجاحات واحداً تلو الآخر دون توقف، فهي بمثابة أسباب عبثية لن يُنظر إليها.
هكذا هما جمهورا الأهلي المصري والهلال السعودي اللذان لا يرضيان سوى بمنصات التتويج. وما دمتَ لست الأول، فلن يُشكل فارقاً أن تحل وصيفاً أو أن تكون الأخير، ليكون الجمهور هو القلب النابض لأكبر منظومتين رياضيتين في العالم العربي بأسره.
الأهلي فوق الجميع
يملك فريق الأهلي المصري الشريحة الجماهيرية الأكبر في الوطن العربي كاملاً، ودائماً ما تكون هذه الجماهير هي اللاعب الرقم 1 الذي يقود الفريق نحو النجاحات الدائمة، وبقائه المستمر على منصات التتويج المحلية والقارية، وحتى العالمية، فنجد أن شعارهم الأول تلك المقولة الشهيرة للأب الروحي للقلعة الحمراء المايسترو صالح سليم: "الأهلي ملك مَن صنعوه... ومَن صنعه مشجعوه"، وعلى هُدى هذه المقولة تسير الجماهير العاشقة للمارد الأحمر باحثة فقط عن الكمال دون غيره، ولا تشعر بالشبع أبداً من تحقيق الألقاب أو تحطيم الأرقام القياسية توالياً دون وجود منافس فعلي قادر على إيقاف الفريق، سواء كان محلياً أو داخل القارة السمراء، وتجدها إما داعمة لانتشال فريقها من السقوط في الهاوية أو الهجوم بشراسة وبالمرصاد لمن تراه الجماهير عائقاً في طريق النجاحات.
فبعد موسم استثنائي قدمه الجيل الحالي من اللاعبين بقيادة السويسري مارسيل كولر، وتحت رعاية الإدارة برئاسة الأسطورة الحية محمود الخطيب، من حصد لقبي الدوري وأفريقيا، ووجود فرصة حصد ثنائية السوبر المصري والأفريقي مع تحطيم كل الأرقام القياسية السابقة حتى التي كانت مسجلة باسم الجيل الذهبي بقيادة الثعلب البرتغالي مانويل جوزيه، تجد هؤلاء المشجعين ينتقدون الإدارة نقداً لاذعاً بل يتهمونها بالفشل الذريع! بل يتوعدون لأي فرد قد يشارك في أي إخفاق، وكل ذلك فقط لعدم تدعيم الفريق بالصفقات اللازمة في الميركاتو الصيفي 2024 من أجل الاستعداد بقوة للموسم الجديد الذي سوف ينافس فيه الفريق على 7 ألقاب كاملة.
ومع أن الأهلي قد تعاقد مع رباعي جديد، وهم يوسف أيمن، أشرف داري، يحيى بن عطية، عمرو الساعي، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لأن كل هذه التدعيمات كانت للخط الخلفي فقط، ولا يزال الفريق بحاجة إلى مزيد من الصفقات في المراكز الأمامية، خصوصاً بعد رحيل العديد من اللاعبين دون تعويضهم، ما يقلل من فرص المارد الأحمر بالتنافس على كل الألقاب كما هو معتاد، مطالباً فقط بالسير على خطى الموسم الماضي، وأي إخفاق لن يرحموا فيه أحداً دون النظر إلى أسماء أو أشخاص، ليرفع هذا الجمهور شعار "النادي الأهلي فوق الجميع"، وأنه لا حصانة في الأهلي إلا للأهلي، وأن الجميع ينُتْقد، ولا أحد منهم سوف يحتمي خلف تاريخه.
اجلدونا كالعادة!
ومن القارة السمراء، نطير إلى القارة الصفراء حيث الزعيم المحبوب، الهلال السعودي، والذي لم يقدم موسماً أقل من العملاق القاهري، بل إن الجيل الحالي من اللاعبين بقيادة جورجي خيسوس قد حققوا ما لم يحققه أي جيل من قبل، بالجمع بين الثلاثية المحلية، وحصد لقب دوري روشن بدون هزيمة للمرة الثالثة في تاريخ النادي، وتحقيق أطول سلسلة لا هزيمة. إلا أن كل ذلك لم يكن كافياً للملايين من عشاق زعيم الأندية الآسيوية الذي غاب عن المنصات القارية، ولم يتمكن من المنافسة على لقب دوري النخبة الآسيوية (دوري أبطال آسيا بمسماه السابق)، واكتفى بالوصول إلى المربع الذهبي.
وبسبب خسارة اللقب القاري، كان الجمهور ينتظر ميركاتو نارياً من أجل تدعيم جميع المراكز بالفريق، وسد أي ثغرات ظهرت بالموسم الماضي، جعلت المنافسين يتفوقون عليه، إلا أنهم صدموا باكتفاء الإدارة برئاسة فهد بن نافل بإبرامها ثلاث صفقات فقط بناءً على طلب من المدرب البرتغالي، وهم جواو كانسيلو، ماركوس ليوناردو، متعب الحربي.
ولأن هذا الجمهور ينظر للأمام على شاكلة جماهير الأهلي المصري، والرغبة في التنافس على مختلف الألقاب، والحفاظ على المسيرة الناجحة التي بدأها خيسوس، فإنه قد بدأ استخدام سلاح الضغط على الإدارة، ولكن على عكس إدارة القلعة الحمراء في مصر، فإن بن نافل وجه أقوى رسالة إلى الجمهور في حالة الإخفاق: "اجلدونا كالعادة!"؛ إشارة منه إلى رغبته في أن يصبروا فقط، وفي حالة حدوث أي إخفاق أو تقصير من أي فرد داخل قلعة الزعيم، ليكون اعترافاً ضمنياً من رئيس النادي أن الجماهير هي المحرك الأساسي للفريق الذي يقوده نحو النجاحات، ويدعمه وقت الإنجازات، وهو اليد القوية التي تنتشل الفريق في حالة سقوطه.