مابيل حبيب
تفاجأ الجميع في الأيام القليلة الماضية بقرار المدرّب الإسباني تشابي ألونسو بالاستمرار مع نادي باير ليفركوزن الألماني، أقلّه موسماً إضافياً، مُنهياً كل التكهنات التي لحقته في الآونة الأخيرة.
مع مغادرة المدرّب الألماني يورغن كلوب نادي ليفربول الإنكليزي، ومواطنه توماس توخيل نادي بايرن ميونيخ الألماني، نهاية الموسم الحالي، توقّع الجميع أن ينتقل ألونسو إلى واحد منهما، خصوصاً أنّه لعب في صفوفهما، وكل وسائل الإعلام ربطت اسمه بهما.
لكنّ الإسباني صدم الجميع بقراره بالاستمرار على رأس الجهاز الفني لليفركوزن، الذي يُحقق معه موسماً تاريخياً، حيث اقترب كثيراً من إحراز لقب الدوري الألماني للمرّة الأولى في تاريخ النادي، بالإضافة إلى الكأس المحلية، كما يُنافس على لقب الدوري الأوروبي "يوروبا ليغ".
ما يقدّمه ليفركوزن بقيادة ألونسو ليس عادياً، إذ لم يخسر بعد في مختلف المسابقات، والسبب الأساسي في ذلك هو هذا المدرّب المُحنّك الذي نظّم فريقاً مميّزاً في مختلف الخطوط، يلعب كرة قدم هجومية رائعة، ويُحقق الانتصارات على كل الخصوم.
بقاء أسطورة خط الوسط في ليفركوزن أحدث ضجّة كبيرة، ووصف البعض هذه الخطوة بـ "الغريبة" و"غير المنطقية"، لأنّ أي مدرّب يحلم بتدريب أندية بحجم ليفربول والبافاري.
لكن من يعرف ألونسو جيّداً عندما كان لاعباً، يُدرك تماماً أنّه يتمتع بشخصية هادئة، هو ليس "مُتهوّراً" ولا يتخذ قرارات مُتسرّعة، بل يدرس دائماً خطواته، وهذا ما فعله عندما قرّر الاستمرار مع ليفركوزن.
لم يشأ تشابي تغيير وجهته والانضمام إلى نادٍ كبير الآن، أوّلاً لأنّ ما قدّمه مع فريقه تاريخي، فهو يريد أن يواصل العمل الذي بدأه معه. ثانياً، لأنّه يريد تطوير خبراته كمدرّب، ولا يرغب بأن يستعجل الأمور حتى لا تنعكس سلباً عليه لاحقاً. ثالثاً، لأنّ علاقته بالإدارة واللاعبين والجمهور أكثر من ممتازة، وهو مُرتاح في النادي ولا حاجة له لأن يختار وجهة جديدة.
بالطبع سيكون لهذا القرار انعكاس إيجابي على ليفركوزن، فألونسو لن يسمح برحيل أهم نجوم الفريق نهاية الموسم، وهو قادر على فرض شروطه بهذا الشأن بعد الإنجاز الذي حققه، خصوصاً مفاتيح اللعب كالموهبة الألمانية فلوريان فيرتز (20 عاماً) والذي يُقدّم موسماً استثنائياً من ناحية الأداء والأرقام، حيث سجّل 13 هدفاً و18 تمريرة حاسمة في مختلف المسابقات.
صحيحٌ أنّ ليفركوزن قد لا يستطيع أن يُحقق العام المقبل ما حققه هذا العام، لكنّ انتقال مدرّبه إلى فريق كبير سيضع ضغطاً أكبر عليه، وسيكون عرضةً للانتقادات أكثر مع تشكيلة تضمّ نجوماً من الصف الأوّل، وسيكون مُطالباً بإحراز الألقاب، وإلّا فإنّ مصيره لن يختلف عن مصير غالبية المدرّبين: الإقالة.
لهذا، لا يريد ألونسو أن يتذوّق طعم الفشل باكراً، بل سيتريث لاتخاذ أي خطوة كبيرة، فهو لا يزال في الـ 42 من عمره، وأمامه المتسع من الوقت من أجل تدريب أندية بحجم ريال مدريد وليفربول وبايرن، ومن المتوقع أن يأتي هذا اليوم في المستقبل القريب.
ألونسو "مُطمئن" مع الفريق الذي يُحلّق في صدارة ترتيب الدوري الألماني. هذا النادي الذي لا يُطالبه بشيء "عظيم"، بل بتطوير اللاعبين ووضع "مشروع" الإدارة على السكة الصحيحة.
لم يحتج "العبقري" لأكثر من موسمين من أجل تحويل ليفركوزن من "نفركوزن" (النادي الذي لا يُحقق الألقاب) إلى "نفرلوزن" (النادي الذي لا يُهزم)... فكم سيحتاج من الوقت ليُصنّف من بين أفضل المدرّبين في العالم؟