برشلونة خارج دوري الأبطال. (أ ف ب)
محمد يوسف
يسير برشلونة الإسباني على طبقة رقيقة من الجليد، كل شيء أصبح ضبابياً بعد الإقصاء من الدور ربع النهائي في مسابقة دوري أبطال أوروبا أمام باريس سان جيرمان الفرنسي، ستظل آثار مباراة الإياب عالقة في الأذهان، لأنّ الطموح ارتفع إلى عنان السماء ثم هبط حتى اصطدم بالأرض.
تتوالى الأحداث، وانطلقت الصحف تتحدّث عن بديل تشافي، وقفز إلى الواجهة المكسيكي "رافا ماركيز" مدرب الرديف، وهو اسم كفيل بخفض طموحات الجمهور إلى أقل درجة في الموسم المقبل، لأنّ هناك اعتقاداً سائداً بأنّ النادي يحتاج مدرباً بسيرة ذاتية قوية، لكنّ الإدارة تُدرك صعوبة التوصل لاتفاق مع أي وزن ثقيل في عالم التدريب بسبب الأزمة الاقتصادية.
ما أثار الاهتمام هو كيفية ترويج اسم "ماركيز" للجمهور باعتباره قادراً على صناعة الفارق، ويملك هدوء الأعصاب الغائب عن تشافي، ويجيد تدريب اللاعبين على تسجيل الأهداف من الركلات الركنية عكس الوضع الحالي تقريباً، وفوق ذلك، فإنّ خوان لابورتا، رئيس النادي، يرى أنّ التدرج الطبيعي لمن يحظى بمهمّة تدريب الفريق الأوّل أن يكون قد مرّ على الرديف أولاً مثل لويس إنريكي وبيب غوارديولا.
هذا التحليل منح جمهور برشلونة معلومات عن المدرب القادم إذا فشل "ماركيز" في مهمّته، حيث أنّ الاسم الذي سيحلّ محله في الرديف سيصعد مكانه، وذلك بحسب ما تُقدّمه الصحف من أفكار، والتي حاولت إبراز صفات المدرب المكسيكي.
لكن بالعودة إلى الخلف أسابيع عدة، كان حلم الإدارة هو الوصول إلى الدور ربع النهائي من دوري الأبطال، بالإضافة إلى البقاء في المربع الذهبي المؤهل لنسخة العام المقبل، وهو ما تحقق تقريباً، أما ما يمر فيه برشلونة حالياً، فهو ناتج من ارتفاع الطموح والأداء القوي أمام سان جيرمان بالذهاب، والقوّة التي أظهرها بالإياب، حتى قرّر رونالد أراوخو السير عكس الاتجاه وحصل على بطاقة حمراء، بعدها خرج برشلونة نسبياً بعدما توالت الأخطاء.
ولم يكن برشلونة يتخيّل أن يقدّم مستويات طيبة في الذهاب أمام سان جيرمان، لأنّ النادي الفرنسي مدعوم مالياً ويُجدّد فريقه باستمرار، ولا يُمانع في خرق قواعد اللعب المالي النظيف وتغريمه مادياً، عكس أندية الليغا التي تقف الرابطة برئاسة خافيير تيباس أمام أي تحرك يُهدّد استقرار ميزانياتها.
كان موسم برشلونة صعباً قبل أن يبدأ، لأنّ الإدارة قرّرت تجديد ملعب كامب نو كي يكون جاهزاً في ذكرى مرور 125 عاماً على تأسيس النادي، ومن المنطقي أن ينخفض الدخل بسبب تراجع الحضور الجماهيري من 75 ألفاً في المتوسط إلى نصف هذا الرقم تقريباً، مع التحوّل للعب في "مونتجويك"، وعند العودة إلى الأوضاع الطبيعية سيكون النادي قادراً على تحسين ميزانيته وجني المزيد من الأرباح والتعاقد مع صفقات جديدة.
ربما تهدأ العاصفة داخل برشلونة، لأنّ النادي عملياً لن يجد في طريقه أي مشكلة سوى مباراة الكلاسيكو أمام ريال مدريد، وإذا ضمن المركز الثاني، فإنّه سيتأهل إلى كأس السوبر الإسبانية المُقرّر إقامتها في المملكة العربية السعودية، وهي بطولة يضمن من خلالها أكثر من 7 ملايين يورو سنوياً.
ومع العودة إلى ملعب الكامب نو، فإنّ الدخل سيتحسن، وسيجري التفاوض مع "سبوتيفاي" لمزيد من الأموال عبر حقوق الرعاية، بالإضافة إلى محاولات الضغط على صانع القميص "نايكي" لتحسين التعاقد، وربما يساهم ذلك في خفض الضغوط القادمة من قانون اللعب المالي النظيف، كما بدأت تظهر بعض المواهب في "لا مسيا" ربما تصبح نواة للمستقبل.
مباراة باريس كانت فرصة لأن يحزن برشلونة بسبب الفشل في الوصول إلى نصف النهائي، رغم نسيان قاعدة هامة بأنّ الفريق لا يزال في مرحلة البناء... فالمشي أثناء النوم ليس حالة مَرَضية، وإنما كان بمحض إرادة الحالمين بالوصول إلى نقطة بعيدة من دون امتلاك الإمكانيات.