مابيل حبيب
تُطلق الجماهير الكروية عالمياً على الدوري الألماني لقب "دوري الفلاحين"، وذلك بسبب المنافسة الضعيفة في الـ "بوندسليغا" وهيمنة بايرن ميونيخ على اللقب المحلي، حتى أنّ البعض يُسمّيه "دوري بايرن ميونيخ".
إلّا أنّ من يتابع الدوري الألماني جيداً، يدرك تماماً أنّه ليس مملاً إطلاقاً. صحيح أنّه لا يجذب النجوم الكبار كما تفعل الأندية الكبرى في إنكلترا وإسبانيا، وأنّ أندية الدوري لا تصرف الكثير من المال لتستقطب الأسماء وتنافس أكثر، لكنه يولّد النجوم والأساطير، ومعظم الأندية فيه تلعب كرة قدم هجومية ممتعة وجميلة.
الحديث عن الدوري الألماني اختلف هذا الموسم، وذلك بعد تأهل 3 أندية ألمانية (بايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند في دوري أبطال أوروبا وباير ليفركوزن في الدوري الأوروبي) إلى نصف النهائي للمرة الأولى منذ 29 عاماً، وتحديداً منذ موسم 1994-1995 عندما تأهلت الأندية نفسها إلى الدور عينه.
ليفركوزن "العظيم"
ليفركوزن لا يقدّم فقط كرة قدم ممتعة، بل موسماً تاريخياً أيضاً، حيث لم يخسر بعد أي مباراة في مختلف المسابقات، محققاً سلسلة من 44 مباراة متتالية من دون هزيمة، وهو رقم قياسي بين الدوريات الأوروبية الخمسة الكبرى (جوفنتوس يحمل الرقم السابق بـ43 مباراة متتالية بين 2011 و2012).
ينافس ليفركوزن على لقب الدوري الأوروبي بقوة، والآن أصبحت فرصته في إحراز اللقب أكبر "منطقياً" مع الخروج "المفاجئ" لليفربول الإنكليزي من المسابقة أمام أتالانتا الإيطالي. مهمّته لن تكون سهلة بكل تأكيد، إذ سيواجه نادي روما الإيطالي في نصف النهائي، والذي يقدّم أداءً لافتاً في الفترة الأخيرة بقيادة المدرب دانييلي دي روسي الذي تولّى هذه المهمّة في كانون الثاني (يناير) خلفاً للمدرب البرتغالي جوزيه مورينيو.
ومحلياً، حسم رجال المدرب الإسباني تشابي ألونسو لقب الدوري الألماني للمرّة الأولى في تاريخ النادي، واقتربوا من خطف الكأس المحلية بعدما بلغوا المباراة النهائية، حيث سيواجهون نادي كايزرسلاوترن الذي يلعب في الدرجة الثانية الألمانية.
بايرن ودورتموند بوجه مُختلف في أوروبا
أما بايرن ميونيخ، الذي يقدّم واحداً من أسوأ مواسمه على الإطلاق في الفترة الأخيرة، ليس فقط من ناحية النتائج المحلية، بل أيضاً على مستوى الأداء، فهو يظهر بوجه مختلف كلياً في دوري أبطال أوروبا.
الجميع متفاجئ ببايرن في دوري الأبطال، حتى الجمهور البافاري لم يكن يتوقع بلوغ هذا الدور في مثل هذا الموسم السيّئ. واللافت، أنّ المدرّب الألماني توماس توخيل يُظهر خططاً تكتيكية في المسابقة الأوروبية لم نشاهدها في الـ "بوندسليغا" أبداً.
بالطبع، بايرن لا يلعب موسماً "خارقاً" على المستوى الأوروبي، ولا يُعتبر المُرشح الأوفر حظاً لإحراز هذا اللقب، لكنه بلغ نصف النهائي عن جدارة، وأمام خصم قوي وهو أرسنال الإنكليزي الذي يقدّم موسماً مميّزاً وكان متصدّراً لترتيب الـ "بريميرليغ".
أمام "زعيم" أوروبا ريال مدريد سيكون الوضع مختلفاً، فمانشستر سيتي، أفضل فريق في أوروبا في الموسمين الأخيرين، لم يتمكن من تجاوز عقبة الـ"ميرنغي" رغم سيطرته بالطول وبالعرض عليه، خصوصاً في مباراة الإياب على ملعب الاتحاد. فكيف ستكون الحال أمام رجال المدرّب توخيل؟
لكن تبقى مواجهات دوري الأبطال مفتوحة، تحديداً في الأدوار المتقدّمة منه، فبايرن يعرف كيف يتعامل مع هذه المباريات رغم أنّ سجلّه أمام ريال والمدرّب الإيطالي كارلو أنشيلوتي بالذات لا يشفع به كثيراً.
في المقابل، تمكن دورتموند، خامس ترتيب الدوري الألماني، من الوصول إلى نصف نهائي دوري الأبطال حيث سيواجه باريس سان جيرمان الفرنسي.
دورتموند تصدّر "مجموعة الموت" التي كانت تضمّ سان جيرمان نفسه، وميلان الإيطالي ونيوكاسل الإنكليزي، لكنه لم يتمكن من الفوز على نادي العاصمة الفرنسية، إذ خسر ذهاباً (0-2) على ملعب حديقة الأمراء، وتعادل إياباً (1-1) على أرضه في "سيغنال إيدونا بارك".
رجال المدرّب الإسباني لويس إنريكي لديهم أفضلية على النادي الألماني، لكن الروح القتالية التي يلعب بها دورتموند، بالإضافة إلى الكرة الهجومية الرائعة التي يقدّمها رجال المدرّب الألماني-الكرواتي إيدين ترزيتش، ستُبقيان الأمور معقّدة في نصف النهائي، وأمام خصم يلعب كرة قدم هجومية أيضاً.
كل مرّة يؤكّد الدوري الألماني أنّه دوري قوي، ونتائج الأندية الألمانية في المسابقات الأوروبية خير دليل على ذلك. أما هذا الموسم، فخطا خطوة أكبر إلى الأمام، رافعاً سقف التحدّي أمام كبار القارة العجوز.