هاني سكر
طوال هذا الموسم كان الحديث الشاغل لدى الصحف الألمانية عن التغييرات الإدارية الواسعة في بايرن ميونيخ بعد تعيين يان كريستيان دريسين رئيساً تنفيذياً وفرويند مديراً رياضياً وماكس إيبيرل عضواً بالمجلس التنفيذي ومشرفاً على القطاع الرياضي وركزت الصحف على أبعاد وتاريخ كل منهم مشيرة إلى أن قدومهم هو بمثابة تحضير لعهد جديد بالنادي.
لكن مع أول اختبار فعلي بدا أن المنظومة انهارت سريعاً، فالقرار الأهم بالتحضير للموسم الجديد هو استقطاب المدرب، وظهور إيبيرل المستمر على الإعلام وحديثه عن فلسفة النادي وطريقة اختيار المدرب الجديد وآلية تجديد عقود اللاعبين ذهب كله عرض الحائط لأن من كان يتحكم ببايرن مازال هو ذاته والإدارة الجديدة غير قادرة على إحداث تغيير داخلي قبل التغيير الخارجي.
حين بدأ بايرن سعيه لاستقطاب مدرب جديد قيل أن النادي يرى بهانزي فليك خياراً جيداً لكن أولي هونيس رفع الفيتو بوجه صاحب السداسية معتبراً أن طريقة خروجه من النادي لم تكُن لائقة خاصة وأنه قد ضغط للرحيل، وربما يكون العامل الخفي هو العلاقة السيئة بين فليك وحميديتش الذي كان هونيس قد استقدمه للنادي.
ثم بعد فترة ليست بالقصيرة ركزت الصحف على أن ناغيلسمان قد أصبح الخيار الأوحد لإدارة بايرن وهو ما قالته سكاي وبيلد وكيكر وبدا أن الجميع يعرف أن الإدارة ستقوم بكل ما هو ممكن لدعم عودة المدرب الشاب خاصة وأن عقده مع الاتحاد الألماني سينتهي بنهاية أمم أوروبا.
لكن وبشكل مفاجئ أعلن الاتحاد اليوم تمديد عقد مدرب المنتخب حتى صيف 2026 بالتالي خروجه من دائرة الاحتمالات، وسرعان ما قالت الصحف الألمانية أن رومينيغيه كان قد استعمل الفيتو ضد صفقة المدرب السابق لبايرن، وأن وصول معارضة رومينيغيه لضمه جعل ناغيلسمان يتراجع عن المفاوضات معتبراً أن هذه إشارة لعدم حصوله على الدعم الكافي من البافاري، بالتالي يمكن القول أن هونيس ورومينغيه تسببا بإقصاء اثنين من أبرز الخيارات التي كانت الإدارة تضع تركيزها عليها.
خرج هونيس ورومينيغيه قبل عدة سنوات من بايرن، حيث تخلى الأول عن رئاسة النادي لصالح هيربرت هاينر وسلم الثاني منصب الرئيس التنفيذي لأوليفر كان، وتم تعيين هونيس حينها بالمجلس الاستشاري للنادي والذي اعتقد البعض أنه بمثابة منصب شكلي أو شرفي بعد رحلته الطويلة في البافاري.
لكن على نحو مفاجئ، وقبل ساعات من انتهاء الموسم الماضي تبيّن أن هذا المجلس يملك صلاحيات للإطاحة باثنين من أكبر مناصب النادي، الرئيس التنفيذي والمدير الرياضي، بليلة وضحاها بما بدا كأنه عقوبة لهما على فقدان سيطرتهما على الفريق، وواحدة من عوامل فقدان السيطرة كانت القرار السيىء بإقالة ناغيلسمان بوقت حساس من الموسم. حيث يضم المجلس الاستشاري مسؤولين من الشركات الراعية التي تملك أسهماً في النادي إضافة لأصحاب مناصب مؤثرة بإقليم بافاريا بالتالي يمكن القول أنه "اللوبي" الداخلي القادر على تحريك أي شيء داخل النادي حين يرغب.
لكن قبل أيام قليلة رفض كان أن ينفي فكرة عدم علم هونيس بقرار إقالة المدرب السابق مشيراً إلى أنه لا يمكن أخذ قرار كهذا دون إخباره، بالتالي بدا وأن حتى الإدارة التي وصفت بالمتمردة كانت غير قادرة على تحريك حجر دون إعلام هونيس.
عمل هونيس لما يتجاوز 3 عقود من الزمن في بايرن وتدرج بين منصبي المدير الرياضي ورئيس النادي، ولأكثر من عقدين كانت ثنائيته مع رومينيغيه تمثل مفتاح النجاح الأساسي للبافاري لكن بدأ الاختلاف بالرؤية بالظهور بينهما بعد أن دخل هونيس السجن عام 2013، حيث كان رومينيغيه يهتم بتنمية بايرن بالسوق العالمي بالسنوات الأخيرة على عكس هونيس الذي كان يرغب دائماً بالحفاظ على الطابع الألماني للنادي.
بالمجمل بات من الواضح أن الحصول على مفاتيح القرار في بايرن صعب جداً وكما يقال فإن "كثرة الطباخين تنزع الطبخة" وهو ما بدأ بالحدوث في البافاري حالياً، والإدارة الجديدة بدأت تتحول لشغل دور تنفيذي بدلاً من الدور الاستراتيجي والقيادي بانتظار أن يقرر الثنائي القديم أن وقت الراحة قد حان ولابد من ترك الساحة للأسماء التي استقدموها.