يتفق الكثير من المتابعين على أن إيقاف أندية بحجم ريال مدريد وبرشلونة أو منتخب مثل إسبانيا عن المشاركات الخارجية سيضرّ بالبطولات الأوروبية والدولية بسبب الشعبية الكبيرة لهذه الفرق وأهميتها التسويقية والجماهيرية، لكن يبدو أن صبر الاتحادين الدولي والأوروبي على ما يحدث في اتحاد كرة القدم الإسباني قد بدأ ينفد فعلاً، والقضية التي ما زالت مستمرة منذ أشهر باتت بحاجة لحل نهائي.
أكدت الصحف الإسبانية ليل السبت وصول رسالة من الاتحادين الأوروبي والدولي للمجلس الأعلى للرياضة في إسبانيا يستفسران فيها عن لجنة الإشراف والتقييس والتمثيل التي شكلها المجلس لإدارة شؤون الاتحاد الإسباني، في ظل خوف الاتحادين من وجود ارتباطات سياسية لدى هذه اللجنة، خاصة أن المجلس كان قد أشار ببيانه يوم الخميس إلى أن وصاية هذه اللجنة على الاتحاد تأتي ضمن قرار حكومي لإعادة تصويب الوضع الخطير للاتحاد الإسباني لكرة القدم ليتمكن من بدء مرحلة جديدة وسط مناخ من الاستقرار.
الرسالة التي وجهها الاتحادان القاري والدولي تأتي بعد إصدارهما بياناً رسمياً تحدثا فيه عن قلقهما جراء التغييرات التي تحدث، علماً أنهما كانا قد أصدرا بياناً سابقاً في 20 نيسان (أبريل الحالي) يتحدثان فيه عن عملهما مع الاتحاد الإسباني لإيجاد حل يضمن الاختيار المناسب لرئيس جديد للاتحاد، بالتالي يبدو أن قرار المجلس الأعلى لم يكن بمستوى تطلعات الاتحاد الدولي الذي يحظر عادة أي تدخل من جهة عليا بعمل اتحادات كرة القدم.
ويبدو من الواضح أن الاتحادين كانا ينسقان مع الاتحاد الإسباني والمجلس الأعلى للرياضة لإيجاد خريطة طريق تضمن تجاوز الأزمات التي أحاطت الاتحاد من كل جانب، لكن بحسب "ماركا" يرى الاتحادان أن رودريغيز أوريبس، رئيس المجلس الأعلى، قد خان جميع الاتفاقيات والعهود السابقة، وهو ما جعل الأمور أكثر ضبابية.
كل شيء بدأ بقُبلة
قبل آب (أغسطس) 2023 لم يكن يبدو أن الاتحاد الإسباني يواجه أي مشكلات كبرى، لكن لقطة تقبيل رئيس الاتحاد السابق لويس روبياليس للاعبة هيرموسو بدت كأنها السقوط لأول حجر دومينو، ومن كان يتخيل أن تهديد كرة القدم الإسبانية بالتجميد قد يكون بين الأحجار التي تسقط لاحقاً.
فبعد تلك اللقطة تعرض روبياليس لشتى أنواع الضغط ليستقيل من رئاسة الاتحاد الإسباني، لكن "فيفا" لوح بلائحة قوانينه من البداية، ورغم رفضه لتصرف روبياليس لكنه كان واضحاً بأن إقالة الرجل لا يمكن أن تتم عن طريق المحكمة ولا الحكومة، مؤكداً من جديد أن اتحادات الكرة المحلية هي كيانات مستقلة ولا يمكن للحكومات التدخل بعملها.
لكن بدا أن الشرارة قد اشتعلت بين اتحاد الكرة والحكومة الإسبانية مع استمرار تمسك روبياليس بمنصبه، وهو ما تسبب بتصعيد القضية بسرعة وفتح جميع الملفات التي تدين روبياليس بقضايا فساد مختلفة، والمشكلة أن هذه الملفات حين تُفتح يصبح من الصعب إغلاقها، لذا رغم استقالة روبياليس من منصبه في أيلول (سبتمبر) 2023 إلا أن الأوراق استمرت بالتساقط تدريجياً.
تم اتهام روبياليس والاتحاد بصفقات مشبوهة بقيمة 40 مليون يورو، ونتيجة لذلك قامت الشرطة بتفتيش منزله بمدريد، في الوقت الذي كان فيه رئيس الاتحاد السابق في جمهورية الدومينيكان، قبل أن يتم لاحقاً تفتيش منزله في دومينيكان أيضاً، عدا تفتيش مكاتب الاتحاد الإسباني وإقالة العديد من المدراء في الاتحاد بسبب تورطهم بقضايا الفساد.
المشكلة الأكبر حدثت بعد تحديد موعد انتخاب رئيس جديد للاتحاد في السادس من أيار (مايو المقبل)، وبدا أن الرئيس المؤقت روكا هو المرشح الوحيد للانتخابات، لكن روكا ذاته أصبح بين المشتبه فيهم بقضايا الفساد، بالتالي بدا أن آخر غصن في الشجرة قد سقط بالماء، ويبدو أن هذا ما دفع المجلس الأعلى للتدخل.
لكن هذا التدخل أغضب الاتحادين القاري والدولي اللذين يعرفان أن صورتهما ستنكسر لو سمحا بأي نوع من التدخل الحكومي، حتى لو كان من يقوم بذلك هو أحد أكبر وأهم الاتحادات في العالم.
ليس أمراً خفياً أن علاقة ريال مدريد وبرشلونة بالاتحادين لم تعُد كما كانت بالسابق منذ مشروع "سوبرليغ"، لكن أيضاً الخوف من أن خروج الناديين من البطولات سيحفزهما أكثر على الضغط لإنشاء المشروع الجديد، ويبقى السؤال: هل سيجدان من يدعمهما من الكبار وهما خارج أوروبا؟ بالتأكيد ستكون وضعية صعبة جداً!