النهار

بوروسيا دورتموند "عدّاء الجري" يريد حسم الخطوات الأخيرة
المصدر: النهار العربي
يراقب عشاق سباقات المسافات الطويلة من كثب أصحاب الأسماء المميزة، والذين في الغالب ينتظرون كثيراً في الخلف خلال الأمتار الأولى من السباق، فهم يجدون إيقاعهم المفضّل في آخر كيلومتر من المنافسة، وينطلقون بسرعة عالية متجاوزين الآخرين الذين سيطر عليهم التعب، كي يحصدوا الميداليات في النهاية.
بوروسيا دورتموند "عدّاء الجري" يريد حسم الخطوات الأخيرة
احتفال لاعبي بوروسيا دورتموند. (أ ف ب)
A+   A-
هاني سكر

يراقب عشاق سباقات المسافات الطويلة من كثب أصحاب الأسماء المميزة، والذين في الغالب ينتظرون كثيراً في الخلف خلال الأمتار الأولى من السباق، فهم يجدون إيقاعهم المفضّل في آخر كيلومتر من المنافسة، وينطلقون بسرعة عالية متجاوزين الآخرين الذين سيطر عليهم التعب، كي يحصدوا الميداليات في النهاية.

تبدو وضعية دورتموند مع مدربه الحالي إيدين تيرزيتش شبيهة بهذا النمط من العدّائين، ففي الموسم الماضي كان الفريق متأخّراً جداً في النصف الأول من الموسم، فحتى الجولة 16، قبل التوقف الشتوي، كان دورتموند يحتل المركز السادس مع فارق 7 نقاط عن المتصدّر، وبأعراف الدوري الألماني فإنّ فارقاً كهذا عن بايرن يعني حتماً عدم وجود فرصة للتتويج، لكن دورتموند خلق فرصة من المستحيل وصعد للأمام ووصل للصدارة. لكن، تماماً كالعدّاء الذي يقوم بخطوة ناقصة ولا يقفز على خط النهاية، أضاع الفيستفالي كل شيء ضدّ ماينز في الجولة الأخيرة وفوّت فرصة التتويج.

دورتموند لم يبدأ هذا الموسم بطريقة جيدة أيضاً، ومرّة أخرى حتى الجولة 16 كان الفريق يتأخّر عن المركز الرابع بفارق 6 نقاط، ومباراته الأولى في دوري الأبطال في معقل سان جيرمان كانت الأسوأ للفريق بالبطولة هذا الموسم، مما زاد من الترشيحات حول إقالة تيرزيتش. لكن إيقاع الفريق بات أفضل إياباً، وفي الجولات الماضية فاز على بايرن وكان قريباً جداً من الفوز على ليفركوزن الذي عادله بالدقيقة "90+7". لكن مرّة أخرى أضاع مباراتين بغاية الأهمية ضدّ لايبزيغ وشتوتغارت، لتضيع انطلاقته في الدوري ويعود للمركز الخامس متأخّراً 5 نقاط عن الرابع قبل 3 جولات من النهاية.

لكن رغم ذلك، ما زال مصير دورتموند بالتأهّل لدوري الأبطال في الموسم المقبل بيده، فإضافة لفرصة الفوز بالبطولة وأخذ مقعد حامل اللقب، هناك فرصة أخرى ترتبط باحتفاظ ألمانيا بالمركز الثاني على سلّم تصنيف الاتحاد الأوروبي لهذا الموسم. فالنظام الجديد للبطولة ينصّ على منح مقعد إضافي لأفضل دولتين بالتصنيف في كل موسم، وهذا التصنيف يرتبط بنتائج الأندية في جميع البطولات الثلاث (دوري الأبطال، الدوري الأوروبي، دوري المؤتمرات) وفي حال تحقيق دورتموند وبايرن وليفركوزن لنتائج جيدة، ستضمن ألمانيا مقعدها الخامس، ويصبح بإمكان دورتموند التأهّل ربما من دون الفوز باللقب.

من شاهد دورتموند ضدّ أتلتيكو إياباً يعرف سلفاً أنّ هذا الفريق مليء بالحيوية والمرونة. مشكلة دورتموند الأساسية ما زالت ذاتها منذ رحيل كلوب عن النادي قبل حوالى 10 سنوات، وهي الدفاع العشوائي والمساحات الكثيرة التي قد تظهر في أي لحظة. لكن هجومياً يُظهر الفريق حلولاً خارقة. فقدوم سانتشو جاء بالتوقيت الأمثل للفريق، ومنحه سرعة عالية ومهارة ممتازة على الأطراف، حين يتواجد رفقة أديمي والشاب غيتينز يمنح الفريق المزيد من القوة حين يأتي من الدكّة.

المفتاح الأهم بالتميز الهجومي هو الوسط، وتحديداً سابيتزير، الذي بدا أنّه قد استعاد شكله القديم مع لايبزيغ تحديداً، خلال لقاء الإياب ضدّ أتلتي، حين سجّل هدفاً وصنع اثنين، وكانت تحركاته مفتاحاً مهمّاً لخلق تناغم بينه وبين فولكروغ، لكسب المزيد من المساحة بعمق دفاع الخصم.

صحيح أنّ هجوم باريس القوي قد يخلق متاعب كثيرة لدورتموند، لكن السيطرة على الوسط قد تكون مفتاحاً مهمّاً لتغيير شكل وحسابات اللقاء، وإن نجح الفيستفالي بحرمان الفرنسيين من الكرة ستظهر ثغرات باريس الكثيرة أيضاً في الخلف. والجميل في دورتموند في الفترة الأخيرة، هو أنّ تيرزيتش بات مقتنعاً أكثر بفكرة أنّ البقاء في الخلف في مباريات كهذه ليس الطريقة المثالية، لذا شاهدنا الفريق وهو يلعب بشكل هجومي مميز ضدّ بايرن في الدوري، وكيف احتفظ بالكرة واستمر بالهجوم حين كان متفوقاً على أتلتيكو، ليحرمه من خلق أي فرصة في الدقائق الأخيرة.

مباراة باريس ودورتموند هي مباراة الأحلام الكبيرة في هذه البطولة، إما من أجل اللقب الثاني للفريق الألماني أو الأول للباريسيين، بانتظار معرفة من سيكون أكثر قدرة على استيعاب مشاكله الدفاعية للعبور للنهائي.

اقرأ في النهار Premium