هاني سكر
قبل بداية الموسم الماضي قام برشلونة بتفعيل الرافعات الاقتصادية التي تنص على بيع جزء من الأرباح المستقبلية للنادي وقبض ثمنها مسبقاً أي أن النادي لن يحصل على كامل ما يجنيه من إيرادات البث التلفزيوني مثلاً أو الإيرادات الإعلامية لا في الموسم الحالي ولا في المواسم القريبة القادمة لأن معظم الاتفاقات التي تمت كانت على أساس بيع نسبة من الحقوق المستقبلية مقابل كسب أموال حالية.
حيث حصل النادي على ما يقارب 582 مليون يورو مقابل بيع 25% من حقوق البث التلفزيوني، من خلال رافعتين، لمدة 25 عاماً كما حصل على 180 مليون يورو مقابل بع أسهم في المنفذ الإعلامي الداخلي للنادي "بارسا ستدويوز" ولو أن مصير عملية البيع هذه قد دخل المجهول بعد أن كسب النادي 40 مليون يورو فقط ومازال بانتظار الفصل في هذه القضية.
رهان لابورتا كان على أن الأموال التي كسبها من هذه الرافعات ستساعده على سد ديون النادي، وبناء فريق قوي قادر على المنافسة ليضع برشلونة في الواجهة من جديد مما سيضمن للنادي زيادة عائداته سواء من البطولات أو النواحي التسويقية وبالتالي تحقيق زيادة في العائدات تعوض النسبة التي خسرها مسبقاً.
بالمجمل بدا توصيف أن لابورتا قد راهن على المستقبل من أجل الحاضر هو التعبير الأدق لكن المشكلة أن ما حدث لم يكُن كافٍ لإعادة إنعاش النادي الذي اضطر الصيف الماضي لإخراج بعض أصحاب السيرة الطويلة مثل بوسكيتس وألبا مع التعويض بلاعب مثل روميو وهو ما أثر بشكل فعلي على الفريق هذا الموسم.
صحيح أن أكاديمية النادي "لاماسيا" لعبت دور الجوكر بأزمة برشلونة وقدمت العديد من الأسماء الشابة مثل غافي وكوبارسي ويامال وبالدي لكن هذا لم يكن كافٍ لتحقيق المأمول هذا الموسم فخرج الفريق دون أية ألقاب والأسوأ أنه خسر فرصة تحقيق مداخيل إضافية من إنجازات رياضية.
فخروج برشلونة من ربع نهائي دوري الأبطال أفقده فرصة المشاركة بكأس العالم للأندية بنظامها الجديد، 32 نادٍ، كونه ليس من بين الفائزين الجدد بالبطولة، ولا يملك تصنيفاً جيداً يساعده على التأهل، بالتالي خسر النادي فرصة تسجيل أرباح جديدة يحصل عليها بشكل صافٍ لأن الأرباح الرياضية هذه لم تدخل بحسابات الرافعات أي أنها تدخل للنادي بشكل كامل، عدا عن الأهمية التسويقية والحقوق الصورية وباقي العائدات التي ستجنيها من المشاركة بهذه البطولة.
والضربة الثانية جاءت بالأمس حين خسر برشلونة من جيرونا وأضاع المركز الثاني، لأن إنهاء برشلونة للدوري بالمركز الثالث سيعني عدم تأهله لخوض كأس السوبر بالموسم المقبل، بالتالي خسارة مصدر جديد للدخل فبحسب "آس" حصل برشلونة على 6 ملايين يورو من مشاركته بالسوبر هذا العام رغم خسارته النهائي أمام ريال مدريد.
وبحسب الصحيفة ذاتها فإن الاتحاد الإسباني يحصل على 40 مليون يورو سنوياً مقابل لعب بطولة السوبر في المملكة، ويقوم بتقسيم هذا المبلغ بينه وبين الأندية المشاركة بالبطولة لذا فإن غياب بارسا عن السوبر سيحرم أيضاً النادي من مدخول صافٍ لا يدخل بحسابات الرافعات عدا عن أهمية السوق السعودي بالنسبة للنادي والتواجد في المملكة خلال البطولة.
ولهذا السبب قالت "موندو ديبورتيفو" أن لابورتا كان غاضباً جداً بعد خسارة جيرونا وعقد اجتماعاً فورياً مع الإدارة لأن ما يحدث سيعني أن رهان الإدارة على الحاضر لم يحقق النتائج المأمولة وسيجعل النادي غير قادر على مواكبة منافسيه بالسنوات المقبلة التي لن ينال فيها كامل حقوقه التسويقية.
المشكلة الإضافية هي أن بارسا لم يتمكن من خلق وجه إعلامي جديد يساعده على تحقيق المزيد من المكاسب التسويقية، ففشل إعادة ميسي وتراجع مستوى ليفاندوفسكي يعني أن النادي لا يملك أية فرصة للمنافسة على جائزة فردية كبرى هذا الموسم إضافة لعدم وجود اسم جذاب تسويقياً في النادي حالياً وهذا أمر يقلل من فرص تحقيق عائدات جديدة.
سيحتاج برشلونة لتغيير بعض الأشياء الصيف المقبل، فتصحيح المسار مازال ممكناً لكنه سيصبح أكثر صعوبة في كل عام، وأول ما يحتاجه برشلونة هو محاولة التخلص من أصحاب الرواتب المرتفعة مثل ليفاندوفسكي ورافينيا خاصة وأنهما لم يقدما المستوى المأمول لكن يحتاج النادي للاستفادة من الأموال التي سيكسبها بعد ذلك بأفضل شكل ممكن والاستثمار في أسماء قادرة على إعادة مجد النادي أو على الأقل أن تكون قادرة على جذب المزيد من العائدات التسويقية.
يبدو أن لابورتا بطريقه لدخول أزمة جديدة، والقلق يدور حالياً حول إمكانية بيع المزيد من النجوم في الصيف مثل أراوخو أو دي يونغ لضخ أموال جديدة بالنادي خاصة وأن رابطة الدوري الإسباني ستكون بحاجة لاستقبال أوراق مادية جديدة كي لا تقوم بدفع برشلونة نحو خطة تقشفية تتسبب بتقليص جديد لسقف الرواتب في النادي.