مابيل حبيب
برزت لاعبة كرة المضرب البولندية الشابة إيغا شفيونتيك بشكل لافت عام 2020، عندما أحرزت أول ألقابها في بطولة رولان غاروس على الملاعب الترابية، لتدخل عالم الكبار من بابه الواسع.
جاء فوزها في أولى بطولات الغراند سلام على حساب الأميركية صوفيا كينين حينها، وبنتيجة ساحقة 6-4 و6-1، لتدخل التاريخ فوراً، ليس لأنها أحرزت اللقب فحسب، بل لأنها حطّمت الكثير من الأرقام، منها أنها كانت أول لاعبة تحقق هذا الإنجاز بأقل تصنيف عالمي (54 عالمياً)، وأصغر لاعبة (18 عاماً) تحقق لقباً فردياً في البطولة الفرنسية منذ الإسباني رافايل نادال عام 2005.
شفيونتيك فرضت نفسها باكراً وبسرعة في بطولات كرة المضرب، وتقدّمت تدريجاً في التصنيف العالمي، وهي تمتلك مستوى ثابتاً تقريباً منذ ذلك الوقت، عكس ما نراه في فئة السيدات بعد حقبة الأميركية سيرينا ويليامز، إذ في كل فترة تبرز لاعبة ومن ثم "تختفي" بسبب تراجع أدائها المفاجئ.
عام 2021، تمكنت إيغا من الفوز في دورة روما للماسترز الألف نقطة، وهي تُقام أيضاً على الملاعب الترابية، الأحب إلى قلب الجوهرة البولندية، ودخلت العشرة الأوائل في التصنيف العالمي. لكنّ عام 2022 كان حافلاً بالنسبة إلى شفيونتيك، حيث حققت بطولة رولان غاروس للمرّة الثانية، بالإضافة إلى بطولة أميركا المفتوحة للمرّة الأولى، وبفئة الماسترز الألف نقطة، انتزعت دورات قطر وإنديان ويلز وميامي وروما.
هنا أزاحت إيغا الجميع، وتربّعت على عرش التصنيف العالمي من دون أي منافس، بعدما فازت بـ37 مباراة متتالية، وهو رقم قياسي في القرن الـ21. لم تكتفِ إيغا بهذا القدر، بل وصلت إلى 11.000 نقطة في تصنيف السيدات، وهو رقم لم تصل إليه أي لاعبة منذ سيرينا ويليامز عام 2013.
واصلت إيغا هيمنتها على بطولات عدّة، محرزةً بطولة رولان غاروس للمرّة الثالثة عام 2023. في كل مرّة، كانت تؤكّد شفيونتيك أنّها لاعبة من طينة الكبار، وليست "فقّاعة" تظهر قليلاً ثم تتبخّر.
لا تزال إيغا تتربّع على عرش صدارة التصنيف العالمي، وهذا أمر طبيعي في ظل سيطرتها على معظم البطولات الكبرى، إذ فازت هذا العام بـ4 دورات للماسترز من فئة الألف نقطة، وهي تستعد حالياً لخطف اللقب الرابع لها في فرنسا المفتوحة والخامس لها في البطولات الكبرى.
شفيونتيك لاعبة استثنائية، خصوصاً على الملاعب الترابية، حيث تحقق هناك انتصارات ساحقة على خصماتها، ولا ترحم أحداً. تتمتع إيغا بقوّة إرسال رهيبة يصعب مجاراتها، رغم صغر حجمها، كما أنها تمتلك خبرة في البطولات المهمّة كأنّها لاعبة متقدّمة في السنّ، وهي تبلغ الآن 22 عاماً فقط، وهذا يعود إلى التمارين الاحترافية والمكثفة التي تخضع لها مع فريق عملها.
ولا مرّة شعرنا بأنّ إيغا مرتبكة في مبارياتها، دائماً ما تكون بكامل تركيزها، الأمر الذي تفتقده معظم اللاعبات المصنّفات، مثل التونسية أنس جابر والكازاخستانية إيلينا ريباكينا وغيرهما، فقط البيلاروسية أرينا سابالينكا تمتلك صفات قريبة من شفيونتيك حالياً، لكنها تكبرها سناً (26 عاماً)، ولم تصل إلى إنجازات إيغا الصغيرة في العمر والكبيرة في الأداء.
شفيونتيك تلعب براحة على الملاعب الترابية، وما أظهرته في السنوات الأخيرة على هذه الأرضية يجعل أي لقب سهل المنال بالنسبة إليها. أي لاعبة تريد مواجهتها، يجب أن تصبّ كل العوامل في صالحها من أجل الحصول على فرصة لتخطّي إيغا.
إيغا تُذكّرنا بالماتادور الإسباني رافايل نادال، الذي فرض هيمنته بشكل شبه كامل على الملاعب الرملية، خصوصاً ببطولة رولان غاروس التي أصبحت مدوّنة باسمه (14 لقباً)، ويبدو أنّ البولندية الشابة تسير على خطى الأسطورة رافا.