يبحث ريال مدريد الذي نصّب نفسه ملكًا لدوري أبطال أوروبا في كرة القدم، عن إحراز لقبه الخامس عشر في المسابقة القارية المرموقة ضد بوروسيا دورتموند الألماني في النهائي المرتقب السبت على ملعب ويمبلي، لكن المسابقة الأسمى قد تجد طريقها إلى الزوال في حال نجحت المساعي القائمة بقيادة نادي العاصمة الإسبانية إلى إطلاق دوري السوبر.
يتقدّم ريال وغريمه التقليدي برشلونة الساعين بقوّة لإطلاق الدوري السوبر، متحدّين المعارضة الكبيرة التي يلقاها المشروع من جميع أنحاء "القارة العجوز".
وفي طليعة المعارضين خصم ميرينغي المقبل، بوروسيا دورتموند، حيث أعرب الرئيس التنفيذي للنادي هانس-يواكيم فاتسكه غير مرّة رفض ناديه المشروع.
انهارت المحاولة الأولى لإطلاق دوري منفصل في عام 2021 في غضون أيام، بعد ردّ فعل عنيف من المشجّعين والحكومات والاتحادات القارية والمحلية.
لكنّ مؤيدي السوبر حققوا انتصاراً لافتاً هذا الأسبوع، حيث وجدت محكمة في مدريد أن الهيئتين الحاكمتين: أي الاتحادين الدولي لكرة القدم (فيفا) والأوروبي (يويفا) "أساءا استخدام سلطتهما المهيمنة" و"منعا المنافسة الحرة" من خلال معارضة الدوري الجديد الانفصالي.
تهديد مدعوم من دول ثرية
قد تكون أسباب سعي ريال مدريد لإحداث خضّة في الكرة الأوروبية محل استغراب بعض الشيء. فالفريق الملكي قد فاز بلقب دوري الأبطال خمس مرات في آخر عشرة اعوام.
وفي الوقت عينه، تمكّن من تحديث ملعب سانتياغو برنابيو الذي يتسع لـ 85000 متفرج ليصبح ملعباً عالمي المستوى، ويبقى وجهة مفضّلة لأفضل اللاعبين في العالم.
وانضمّ إلى بطل إسبانيا في الفترة الأخيرة عدّة لاعبين، في طليعتهم الانكليزي جود بيلينغهام من دورتموند نفسه قبل 12 شهراً مقابل 100 مليون يورو (108 ملايين دولار) على الرغم من العروض المغرية والوازنة التي قدّمتها أندية الدوري الانكليزي للاعب منتخب "الأسود الثلاثة".
ومن المرتقب أن يكمل النجم الفرنسي الأول كيليان مبابي صفقة انضمامه إلى العملاق الإسباني في الأيام المقبلة بعد أن طوى صفحة باريس سان جيرمان الفرنسي المملوك قطرياً.
لذا، فإنّ هالة ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا قد تثير الخوف في نفوس خصومه. ومع ذلك، هناك قلق داخل النادي الأكثر نجاحاً في المسابقة من أن موقعه قد يتعرّض للخطر في النهاية دون تغيير هيكلي في اللعبة.
وللمرة الأولى في الموسم الماضي، نجح نادٍ مدعوم من دولة، أي مانشستر سيتي الانكليزي المملوك إماراتياً، بإحراز لقب دوري أبطال أوروبا عقب إقصائه ريال مدريد 5-1 في مجموع المباراتين في نصف النهائي.
كذلك، يستفيد سيتي من عائدات النقل التلفزيوني الضخمة التي يتباهى فيها الدوري الانكليزي الممتاز المتقدّم على جميع الدوريات الأوروبية الأخرى من حيث الإمكانات.
وتبرز هذه الفجوة بشكل جلي مع دورتموند نفسه الذي لا تتخطى قيمة أجور لاعبيه أكثر من ثلث ما ينفقه ريال مدريد.
وتصدّر ريال قائمة ديلويت المالية لكرة القدم الموسم الماضي بإيرادات بلغت 831 مليون يورو مقابل 420 مليوناً لدورتموند.
مغامرة دورتموند "المذهلة"
وللفريق الألماني قصّته الخاصّة في التعامل مع صعوبة مواجهة الأندية المدعومة من دول، خلال رحلته الخيالية إلى النهائي الذي بلغه للمرة الثالثة فقط في تاريخه.
سبق أن تفوّق دورتموند على كل من سان جيرمان ونيوكاسل الانكليزي المدعوم سعودياً خلال دور المجموعات، قبل أن يهزم بطل فرنسا مجدداً في نصف النهائي.
وقال كارستن كرامر المدير الإداري لدورتموند لموقع "ذي أتلتيك" عن وصول فريقه إلى النهائي "إنه أمر لا يصدق".
وتابع "نحن لا نشكو أبداً من الوضع، وأن الآخرين ينفقون المزيد في ميزانياتهم. ولكن عندما نصل إلى نهائي مماثل، فهذا يجلب المزيد من الفخر للجميع في النادي".
وأردف "نحن قادرون على المنافسة على الرغم من أن الإمكانات والأسلحة التي نملكها في جعبتنا ليست هي نفسها على غرار الآخرين".
ويدرك دورتموند انّ الفرصة التي يملكها الآن في النهائي قد لا تتكرّر أبداً، لذلك عليه الاستفادة قدر المستطاع لكتابة التاريخ.
لكنّ تجربته الأخيرة على ملعب ويمبلي ليست واعدة، بعد أن خسر نهائي دوري الابطال عام 2013 أمام مواطنه بايرن ميونيخ.
إلا أنّه يمني النفس بإعادة تجربة أتالانتا الايطالي الذي فاجأ باير ليفركوزن بطل ألمانيا في نهائي الدوري الاوروبي (يوروبا ليغ) الأسبوع الماضي وألحق به الخسارة الاولى على الاطلاق هذا الموسم، محرزاً لقبه القاري الأوّل على الاطلاق.
وقال جان بييرو غاسبريني مدرب أتالانتا "الفوز باللقب مع أتالانتا ربما يكون إحدى القصص الخيالية في كرة القدم، وهذا ما يعطي بشكل نادر أحقية الجدارة".
وتابع "لا يتعلّق الأمر دائماً بالأرقام الصعبة أو الدوريات الكبيرة، ولكنه يظهر أن الفرق التي ليس لديها ميزانيات ضخمة يمكنها تحقيق أشياء كبيرة".
تفصل تسعون دقيقة دورتموند عن حلم رفع الكأس صاحبة "الأذنين الكبيرتين"، لكن قبل ذلك سيكون عليه التغلّب على عملاق أوروبا.