هاني سكر
بدأت حقبة فينسنت كومباني رسمياً في بايرن ميونيخ بعد إعلان التعاقد معه رسمياً اليوم الأربعاء ليصبح أول مدرب مدرب بلجيكي بتاريخ النادي البافاري ويتولى تدريب الفريق بموجب عقد يستمر لثلاث سنوات بانتظار معرفة ما إذا كان قادراً على تغيير أداء ونتائج الفريق الذي خرج بموسم صفري.
الملفت في استقدام كومباني أنه يأتي بوقت يبحث فيه بايرن عن ردة فعل بعد موسم مخيب، والتاريخ يقول أن آخر 3 مرات تعرض فيهما بايرن لانتكاسات محلية تصرف بردة فعل قوية وبكل المرات كان يستقدم مدربين لديهم خبرة كبيرة جداً ولو بعقود قصيرة لضمان تصحيح المسار.
ففي موسم 2006\2007 تراجع الفريق بشكل كبير لحد فشله بالجصول على مكان مؤهل لدوري أبطال أوروبا بالموسم التالي ونتيجة لذلك استقدم بايرن الجنرال أوتمار هيتسفيلد الذي كان قد قاد الفريق بالسابق للفوز بدوري الأبطال موسم 2000\2001، ومنذ البداية كان الاتفاق على أن يستمر هيتسفيلد لموسم فقط كي يصحح المسار، وحينها استقدم النادي أسماء بحجم فرانك ريبيري وميروسلاف كلوزة ولوكا توني إضافة إلى أحد أفضل أظهرة الدوري حينها مارسيل يانسن وحميد ألتينتوب إضافة لاستعادة زي روبيرتو وجلب الموهوبين سوزا وبرينو، أي أن الفريق أجرى ثورة تحديداً بالشق الهجومي باستقدام نجوم مؤثرين بمنتخبات إيطاليا وألمانيا وفرنسا.
وفي 2008\2009 تعرض بايرن لانتكاسة جديدة بعد الفشل الذريع للمدرب يورغن كلينسمان ومرة أخرى اتجه النادي لرجل خبير هو لويس فان غال وأضاف له مجموعة من الصفقات المميزة أبرزها ضم آريين روبن من ريال مدريد، ونجم شتوتغارت وهدافه ماريو غوميز، إضافة لنجم هامبورغ أوليتش، ولاعب وسط زينيت المميز جداً حينها تيموشوك، ومجموعة من اللاعبين الآخرين مثل برانيتش وبرافهايد وباوميوهان.
وبعد هذه الانتفاضة كان الفريق على بعد 90 دقيقة من تحقيق الثلاثية لولا خسارته من إنتر بنهائي دوري الأبطال، قبل أن ينتكس من جديد بالموسم الذي تلاه ويخسر الدوري لصالح دورتموند، ومرة أخرى قرر النادي استقدام رجل خبير ووقع الخيار هذه المرة على يوب هاينكس.
ومع هاينكس جلب بايرن الحارس الأول لمنتخب ألمانيا مانويل نوير، ومدافع مانشستر سيتي حينها جيروم بواتينغ، إضافة لرافينيا وبيتيرسين واستعادة ألابا بعد الإعارة، وحين خسر بايرن الدوري مرة أخرى في 2011\2012، ورغم بلوغ نهائي دوري الأبطال، قررت الإدارة مواصلة التعزيزات الكبيرة وأصبح خافي مارتينيز الصفقة الأغلى بتاريخ البافاري بانتقاله مقابل 40 مليون يورو حينها، لينضم لقائمة طويلة من المنتقلين الجدد من بينهم ماندجوكيتش وبيتزارو ودانتي وشاكيري وفايزر وشتاركه.
في 2024 يبدو الأمر مختلفاً تماماً، فبعد موسم صفري سيأتي مدرب شاب ذروة إنجازاته كانت قيادة بيرنلي للصعود إلى البريميرليغ والفوز بتشامبيوشيب، أما القيام بصفقات كبيرة لا يبدو أمراً مضموناً وهو مرهون بشكل أساسي بخروج لاعبين من أصحاب الرواتب الكبيرة فتوازن سلم الرواتب يبدو مكسوراً مع وجود 4 لاعبين تتجاوز رواتب كل منهم حد 20 مليون يورو، و9 لاعبين يتقاضى كل منهم مبلغاً لا يقل عن 16 مليون يورو سنوياً، بالتالي لا يملك النادي رفاهية إدخال راتب كبير جديد خاصة وأن رواتب الأجنحة الثلاثة، كومان وغنابري وساني، تقارب 56 مليون يورو سنوياً وهو ما يدفع الإدارة للتفكير بطريقة تقنع واحداً أو أكثر من هؤلاء اللاعبين للخروج ليتمكن النادي من إضافة راتب كبير جديد.
هذا الموسم شهد قدوم كريستيان فرويند وماكس إيبيرل لتولي الإدارة الرياضية للنادي إضافة لتولي دريسين منصب الرئيس التنفيذي خلفاً لأوليفر كان المقال، وكان من المفترض أن يكون هذا التغيير بداية لحقبة جديدة يتم فيها تنظيف المشاكل التي تسببت فيها إدارة كان وحميديتش من فوضى داخلية لكن أولى المشاكل ظهرت بالتأخر لوقت طويل بحسم ملف المدرب حيث تم الإعلان عن رحيل توخيل منذ شباط (فبراير) لكن لم يتم حسم قضية المدرب الجديد حتى نهاية شهر أيار (مايو) تقريباً أي أن الملف احتاج حوالي 3 أشهر لحسمه.
والآن لا يبدو أن التحدي الثاني سيكون أقل صعوبة من الأول فعملية تغيير الفريق وتحقيق مطالب المدرب ترتبط بإقناع لاعبين للخروج وإيجاد من يهتم بضمهم، بالتالي لن نشاهد ثورة جديدة بالتشكيلة كما حدث في 2007 أو 2011 أو 2012 وقد تضطر الإدارة للتركيز على استقدام لاعبين شبان لا يطلبون رواتب كبيرة على أمل أن يقوموا بالدور اللازم لتغيير شكل الفريق.
تجربة كومباني غير واضحة المعالم بعد، فإشادة لاعبي بيرنلي وبيب غوارديولا به تجعلنا نقول أننا أمام موهبة تدريبية جيدة لكن هذا لا يلغي عامل المجازفة فأنت ستدخل لغرفة ملابس معروفة بصعوبتها، خاصة وأن آخر مدرب غير ألماني تولى تدريب الفريق كان الكرواتي نيكو كوفاتش الذي بدا واضحاً أن عدم سيطرته على اللاعبين كان سبباً برحيله، وذات الأمر بدا أنه حدث بالسابق مع كارلو أنشيلوتي لذا بدون أي شك قامت إدارة بايرن بمجازفة كبيرة بانتظار معرفة نتائجها الموسم المقبل.