هاني سكر
احتارت الصحف بتقييمها لمن هو الأحق بأن يكون النجم الأول لموسم ريال مدريد، ومن الأحق بالترشح للقب الكرة الذهبية، فبعدما كان بيلينغهام هو الاسم المفضل في النصف الأول من الموسم، نظراً لغزارته التهديفية، تغيرت المعطيات وأصبح اسم فينيسيوس هو الخيار في المراحل الأخيرة، دون إغفال فكرة أنه حين غاب فيني فإن رودريغو نجح بالتأدية بشكل ممتاز مكانه وأقنع الكثيرين بأنه ربما يكون فعالاً أكثر على الجهة اليسرى.
بالمجمل، حين يصعب تحديد نجم محدد بفريق بطل نعرف أن من عمل وراء الخط الجانبي للملعب كان هو النجم الأول، وهنا نتحدث عن المدرب كارلو أنشيلوتي ومعه كادره المساعد، الإيطالي الذي توقع الجميع أن مسيرته بطريقها للانتهاء حين انتقل لتدريب أندية مثل نابولي وإيفرتون، لكن الإيطالي عاد لكتابة تاريخ جديد بريال مدريد وأضاف لقبين آخرين خلال 3 مواسم رافعاً حصيلة ألقابه بالأبطال إلى 5 بطولات.
بداية الموسم بالنسبة لريال مدريد لم تكُن توحي بأي شيء إيجابي، الإدارة قررت المغامرة ولعب الموسم دون رأس حربة صريح بالتشكيلة بانتظار قدوم مبابي بعد عام، وكأن الواقع يقول لقد قررنا التضحية بهذا الموسم من أجل ضم مبابي مجاناً، لكن نتيجة التضحية بالنهاية كان أداءً ممتازاً من رودريغو وفينيسيوس ومن خلفهما بيلينغهام ليفوز الفريق بالدوري ودوري الأبطال وكأس السوبر، ويكون أتلتيكو هو الفريق الوحيد الذي نجح خلال موسم كامل بالفوز على ريال.
وزاد الأمر سوءاً بإصابة كورتوا ومن بعده قلبا الدفاع مليليتاو وألابا وتأكد غيابهم لفترة طويلة، لذا لم يعد هناك رأس حربة، ولم تعُد هناك خيارات كثيرة للعب بقلب الدفاع، ورغم ذلك بقي الفريق ثابتاً وقوياً وغير قابل للهزيمة.
لا يملك أنشيلوتي جاذبية تحركات غوارديولا على الخط الجانبي للملعب، وقبل يومين من النهائي سئل الإيطالي عن رأيه بمن هو المدرب الأفضل بالعالم؟ ولم يتردد ولو للحظة قبل أن يقول غوارديولا، فالكل يعرف أن المتعة التي يقدمها فريق بيب يصعب أن تراها بفريق آخر.
لكن أسلوب أنشيلوتي أوجد أيضاً طريقه للنجاح، أصبح كارليتو يؤمن أكثر بضرورة تنمية الخبرات الشخصية للاعبين، بالتالي اللاعب ليس مطالباً بتنفيذ عدد هائل من المهام المكتوبة بوقت واحد كما يحدث في سيتي، لكنه يواجه طوال الوقت المواقف وينمي خبرته الشخصية بالتعامل معها، هذا يعني تحقيق تطوير واضح بمستوى اللاعب كي يصبح مفيداً للمجموعة، وليس تقديم الأوامر له ليكون مفيداً للمنظومة، وهذا هو الأسلوب الذي حاول فينيسيوس من لاعب مهاري لكنه سيئ بالإنهاء إلى لاعب أكثر خبرة بمواجهة المواقف ويعرف كيف يتحرك إلى المكان الأفضل ويسجل، والشيء ذاته حدث مع رودريغو.
عرف أنشيلوتي كيف يستثمر كل الموارد الموجودة معه، وأولها بالتأكيد المعد البدني بينتوس الذي كان جزءاً أساسياً ضمن كادر زيدان حين حقق النادي 3 ألقاب بدوري الأبطال ثم ذهب مع كونتي لتحقيق لقب الدوري الإيطالي مع إنتر، والآن عاد ليؤدي ريال مدريد بقوة في الدقائق الأخيرة من كل مباراة ويكون الأفضل بدنياً بكل مواجهة.
قبل النهائي أجرى بينتوس معسكراً لمدة 10 أيام للاعبي ريال وكانت التمارين بدنية بشكل كبير جداً وشبيهة بتمارين الإعداد لبداية الموسم، حيث كان الكادر يعرف أن التوقف بعد مباراة بايرن، بظل حسم الدوري، قد يكون خطراً على الفريق وأراد بينتوس إبقاء الفريق جاهزاً بدنياً ومع هدفين بآخر ثلث ساعة واضح أن عبقرية أنشيلوتي وبينتوس حققت المطلوب.