مابيل حبيب
تُوّج نادي ريال مدريد بلقب دوري أبطال أوروبا للمرّة الـ15 في تاريخه، معززاً رقمه القياسي، حيث ابتعد بفارق 8 ألقاب عن نادي ميلان الإيطالي صاحب المركز الثاني برصيد 7 ألقاب. في هذا التتويج، كانت الأنظار متّجهة بشكل أساسي إلى اللاعب الألماني المخضرم في صفوف النادي الملكي توني كروس.
قرّر مهندس خط الوسط توني كروس (34 عاماً) اعتزال اللعب بعد نهاية الموسم الحالي، إذ يريد أن يختم مسيرته وهو في قمّة مستواه. كروس ليس لاعباً عادياً مرّ مرور الكرام في عالم المستديرة، بل هو لاعب استثنائي على كافة الأصعدة.
إذا أردنا أن نتكلم عن مستواه، فهو من أفضل اللاعبين في مركزه طوال مسيرته وفي تاريخ كرة القدم. دقة تمريراته، قراءته للملعب، سيطرته على خط الوسط، أهدافه الصاروخية، ركلاته الركنية والحرّة، عرضياته... كلها كانت مثالية في معظم المباريات، ولم يفشل في أي وظيفة على أرض الملعب.
كروس ركيزة أساسية لأي فريق يريد الانتصار، فبالإضافة إلى مستواه الثابت والمرتفع، يمتلك الألماني هدوءاً رهيباً على أرض الملعب، وعقلية الفوز دائماً حاضرة لديه حتى لو كان فريقه في أسوأ أحواله.
من لا يتذكّر هدف كروس "الخرافي" أمام منتخب السويد في دور المجموعات لكأس العالم 2018 في اللحظات الأخيرة؟ أو تألّقه في كأس العالم 2014 وقيادته منتخب ألمانيا للفوز باللقب الرابع في تاريخها؟ أو اعتماد ريال مدريد عليه لسنوات طويلة كونه لن يجد لاعباً أفضل منه في مركزه لمواصلة الهيمنة الأوروبية؟
اعتزل كروس اللعب مع منتخب ألمانيا بعد كأس الأمم الأوروبية الأخيرة التي خرجت منها الماكينات أمام إنكلترا في الدور الـ16. انتُقد كروس في هذه البطولة على أدائه الضعيف، فأعلن اعتزاله اللعب الدولي بعد 3 أيام من الخروج. في هذه البطولة، أو حتى في مونديال 2018، لا يمكننا إلقاء اللوم على لاعب واحد بعد الإقصاء المبكر، بل كل الفريق يتحمّل المسؤولية، بدءاً من الاتحاد الألماني وصولاً إلى اللاعبين.
ألمانيا عرفت حاجتها إلى كروس بعدما استمرّت بتقديم أداء باهت في مختلف المباريات، حتى طلب مدرّب المنتخب الحالي يوليان ناغلسمان من الأسطورة الألمانية العودة عن اعتزاله ومساعدة المانشافت في يورو 2024 المُقامة على أرضه. وافق كروس، ولعب مع منتخب بلاده في المباراتين الوديتين أمام فرنسا وهولندا وقاده لتحقيق الفوز بهما، مع تقديمه تمريرة حاسمة رائعة أمام "الديوك" بعد مرور 7 ثوانٍ فقط على انطلاق اللقاء.
حقّق كروس كل الألقاب الممكنة في مسيرته، أكان مع بايرن ميونيخ أو ريال مدريد، حيث فاز بألقاب الدوري الألماني (3 مرات)، كأس ألمانيا (3 مرات)، الكأس السوبر الألمانية (مرّة واحدة)، الدوري الإسباني (4 مرات)، كأس إسبانيا (مرّة واحدة)، كأس السوبر الإسبانية (4 مرات)، دوري أبطال أوروبا (6 مرّات)، كأس السوبر الأوروبية (4 مرّات)، كأس العالم للأندية (6 مرّات).
أحرز كروس دوري الأبطال أكثر من أندية أوروبية كبرى تنافس كل سنة من أجل حصد اللقب الأهم على مستوى الأندية. كان يتطلع لأن يختم مسيرته بأفضل طريقة ممكنة مع ريال مدريد، وحقق ما أراده أمام بوروسيا دورتموند الألماني في النهائي الذي أقيم على ملعب ويمبلي. واللافت، أنّ أوّل ألقاب كروس في "الأبطال" كان مع بايرن ميونيخ في ملعب ويمبلي أيضاً عام 2013.
مهمّة كروس لم تنتهِ بعد، فأمامه اختبار أخير وأكثر من مهمّ بالنسبة إليه، وهو اللقب الوحيد الغائب عن خزائنه: كأس الأمم الأوروبية. سيخوض كروس بعد أيام مبارياته الأخيرة مع ألمانيا، أملاً بتحقيق آخر ألقابه، ليختم بذلك مسيرة مكلّلة بالأمجاد والذهب، ويختم معها كرة القدم.