بعد أن نجح رالف رانغنيك في هندسة مشروعي شركة ريد بول النمساوية في ناديي سالزبورغ النمسوي ولايبزيغ الألماني اعتباراً من عام 2010، ها هو يبث الحماس في صفوف المنتخب النمساوي الذي يرشحه كثيرون للعب دور الحصان الأسود في كأس أوروبا لكرة القدم حيث يبدأ مشواره في امتحان صعب ضد منتخب فرنسا بقيادة نجمها كيليان مبابي الاثنين.
قلة من المدربين الألمان قالوا لا لتدريب بايرن ميونيخ العريق، لكن رانغنيك فعل ذلك عندما طلب منه مسؤولو النادي البافاري خلافة توماس توخيل آواخر الموسم الفائت. رفض رانغنيك العرض بلباقة في اوائل ايار/مايو الماضي.
هو رفض ينبئ بالكثير عن طموحات هذا المدرب البالغ من العمر 65 عاماً مع منتخب النمسا في البطولة القارية التي تستضيفها بلاده حتى ولو كان يدرك صعوبة المهمة، في ما يبدو أنها المجموعة الأكثر تنافسية حيث تضم أيضاً منتخبي هولندا وبولندا.
كشف رانغنيك قبل أسبوع في مقابلة مع مجلة "كيكر" الالمانية الرياضية "لو كنت قلت نعم في الأول من أيار/مايو، لم أكن لأصبح مدرباً لبايرن إلا اعتباراً من 15 تموز/يوليو (اليوم التالي لنهائي كأس اوروبا)".
بالنسبة له، لم يكن تنفيذ المهمتين في الوقت ذاته ممكناً. مر عامان منذ أن تولى رانغنيك منصبه على رأس الجهاز الفني للنمسا وتحديداً في الاول من حزيران/يونيو 2022 وبالتالي لم يكن يريد تعريض كل ما قام به خلال الأشهر الـ24 الماضية للخطر.
في النمسا، كما هو الحال في كل مكان ذهب إليه، فرض أسلوبه المميز في اللعب، مع الضغط العالي جداً على أرض الملعب الذي يعرف بالألمانية بـ"غيغينبريسينغ" الشهير الذي اعتمده في ألمانيا في التسعينيات وأعاد إنتاجه بعد ذلك عدد من المدربين الالمان أبرزهم يورغن كلوب وتوماس توخيل.
ربما يكون مدافع منتخب فرنسا دايوت أوباميكانو، الأفضل للحديث عن هذا المدرب الذي تعاقد معه عام 2017 عندما كان رانغنيك مديراً رياضياً في لايبزيغ بعد أن أمضى موسماً ونصف في صفوف سالزبورغ وكلا الفريقين تملكهما شركة ريد بول.
وقال أوباميكانو "رالف رانغنيك هو مدرب مهم للغاية بالنسبة لي لأنه أعادني إلى لايبزيغ وأعطاني الكثير من الثقة بالنفس. لقد أعطاني أسلوب لعب أعجبني. إنه يدافع عن طريق الهجوم والضغط على الفريق المنافس أيضًا شديد للغاية.
عرّاب الضغط المضاد
قدم رانغنيك هذه الوصفة (الضغط المضاد) إلى الجمهور الألماني في نهاية التسعينيات في برنامج على شبكة "زيد دي أف" المحلية عام 1998، فبات عرابه بامتياز موضحاً طريقته الثورية في اللعب في ألمانيا، بما في ذلك تحول دور الليبيرو (الظهير القشاش) الذي كان يشغله باقتدار القيصر الراحل فرانتس بكنباور.
خلال تلك الفترة حصل على لقب "البروفسور"، وهو لقب ليس مديحاً على الإطلاق في ألمانيا.
في بايرن، تحدث أولي هونيس، الذي لا يزال يتمتع بنفوذ كبير، والذي يشغل الآن منصب الرئيس الفخري للنادي البافاري، في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين مستهزئاً عن رجل نبيل "يعرف كل شيء"، لكن رانغنيك نجح في كل محطة من محطاته.
ففي هوفنهايم (2006-2011)، نادي الأثرياء الجدد في كرة القدم الألمانية، نجح رانغنيك في الارتقاء به من الدرجة الثالثة الى الاولى.
وفي شالكه قاده الى وصافة بطولة الدوري المحلي عام 2005، وعاد إلى هذا النادي للمرة الثانية في كانون الثاني/يناير 2011 وقاده إلى الدور نصف النهائي من دوري أبطال أوروبا (أخرجه مانشستر يونايتد الانكليزي) والى الفوز بكأس المانيا في الموسم ذاته للمرة الخامسة في تاريخه.
لكن هذه الفترة أرهقته نفسياً إلى درجة أنه استقال في نهاية أيلول/سبتمبر 2011.
في صيف عام 2012، انطلق في مغامرة ريد بول في سالزبورغ ولايبزيغ، ونجح مرة أخرى، مع صعود لايبزيغ إلى الدوري الألماني النخبوي عام 2016، والتأهل لدوري أبطال أوروبا عام 2019.
بعد بطولة أوروبا 2024، يأمل في إعادة النمسا إلى نهائيات كأس العالم بعد مشاركة اخيرة عام 1998.