مابيل حبيب
وقع منتخب النمسا في المجموعة الرابعة إلى جانب فرنسا وهولندا وبولندا في كأس الأمم الأوروبية 2024، المقامة في ألمانيا. ظنّ الجميع أن فرنسا وهولندا ستتصدّران المشهد وتحتلان المركزين الأوّل والثاني في المجموعة، مع منافسة بين النمسا وبولندا على البطاقة الثالثة. لكن النمسا كانت لها كلمة أخرى، حيث أنهت دور المجموعات في الصدارة، أمام فرنسا التي حلّت في المركز الثاني وهولندا في المركز الثالث.
هي مفاجأة مدوّية، خصوصاً أن فرنسا مرشحة فوق العادة لحصد اللقب هذا العام، وهولندا تمتلك أفضلية منطقية على النمسا نظراً للأسماء التي تمتلكها في صفوفها. لكن على أرض الواقع كل شيء تبدّل. ففرنسا لم تُظهر أبداً المستوى المتوقّع منها، حيث سجّلت هدفين فقط في 3 مباريات، واحد جاء عكسياً من النمسا في مرماها، والثاني من ركلة جزاء. أما هولندا، فلم ترتقِ أيضاً إلى مستوى الطموحات، حيث حققت فوزاً صعباً على بولندا، وسقطت أمام النمسا وتعادلت مع فرنسا.
أما النمسا، فلم تتصدّر المجموعة بالصدفة، بل قدّمت أداءً مميّزاً منذ البداية، عندما واجهت فرنسا، وتفوّق المدرّب الألماني رالف رانغنيك على نظيره الفرنسي ديدييه ديشان تكتيكياً رغم الخسارة بهدف عكسي، ومن ثم حقّقت أفضلية واضحة على بولندا (3-1) وهولندا (3-2).
منتخب منظم وجاهز
ظهر المنتخب النمسوي بصورة رائعة بقيادة المدرّب رالف رانغنيك، حيث سيطر على وسط الملعب في معظم أوقات المباريات التي خاضها وقدّم كرة قدم هجومية جميلة.
عرف رانغنيك كيف يوظف لاعبيه في مختلف الخطوط، ولم يبد الفريق مرتبكاً أمام منتخبات كبيرة ومنافسة كفرنسا وهولندا. بل على العكس، فاجأهما بخططه الهجومية المميّزة وخططه الدفاعية القوية، وتمكن من مجاراتهما حتى اللحظة الأخيرة.
أمام هولندا، كانت المباراة مجنونة وهجومية بامتياز، المنتخب النمسوي سيطر على مجربات الشوط الأوّل، وعادت هولندا إلى السكة في الشوط الثاني، لكن رغم العودة بقي تكتيك النمسا منظّماً وتبديلات المدرّب جاءت في مكانها.
رانغنيك تعرّض لانتقادات كثيرة سابقاً، خصوصاً عندما كان مدرّباً موقتاً لنادي مانشستر يونايتد الإنكليزي، لكن المشكلة الفعلية لم تكن بأسلوب لعبه أو تكتيكه، بل بالتشكيلة التي كان يمتلكها والتخبّط الإداري في صفوف "الشياطين الحمر". لم يدرّب رانغنيك فريقاً من الصف الأوّل، حيث أمضى مسيرته متنقلاً بين الأندية الألمانية، وبرز مع نادي لايبزيغ قبل أن ينتقل إلى يونايتد، ومن ثم منتخب النمسا.
أراده بايرن ميونيخ مدرّباً له للموسم المقبل، لكن رانغنيك أصرّ على البقاء مع منتخب النمسا، لأنه يعرف جيداً قدرات هذا المنتخب وما يمكن أن يحقّقه في يورو 2024 وما بعد هذه المسابقة.
لاعبو المنتخب النمسوي محترفون في الدوريات الأوروبية، خصوصاً في ألمانيا، مثل لاعب خط وسط نادي لايبزيغ نيكولاس زيفالد، ولاعب الوسط الآخر في بوروسيا دورتموند مارسيل سابيتزر، ومتوسط ميدان نادي بايرن ميونيخ كونراد لايمر، ومهاجم لايبزيغ أيضاً كريستوف باومغارتنر، ومدافع نادي فرايبورغ فيليب لينهارت، وجناح نادي فولفسبورغ باتريك فيمر وغيرهم...
سابيتزر نقل تألّقه مع دورتموند هذا الموسم إلى منتخب بلاده، فهو يقدّم أفضل مواسمه منذ فترته مع لايبزيغ، إذ تراجع مستواه كثيراً مع بايرن ميونيخ ومانشستر يونايتد، قبل أن ينتقل إلى بوروسيا دورتموند، ويتألق بتسجيله 7 أهداف و10 تمريرات حاسمة في موسم بلغ فيه نهائي دوري أبطال أوروبا.
ومع لاعبين مميّزين آخرين في صفوف النمسا، مثل مهاجم نادي إنتر ميلان الإيطالي ماركو أرنوتوفيتش، ومدافع نادي فينوورد الهولندي غيرنوت تراونر، بإمكان النمسا أن تذهب أبعد من الدور الـ16، وتفرض نفسها "الحصان الأسود" في البطولة، خصوصاً أنها تصدّرت مجموعتها وتجنّبت مواجهة منتخبات مثل ألمانيا وإسبانيا وفرنسا والبرتغال في طريقها إلى النهائي.