هاني سكر
انتهت رحلة حامل لقب أمم أوروبا مبكراً، وخرج منتخب إيطاليا وسط إجماع تام حول عدم أحقيته بالاستمرار أكثر قياساً على ما قدمه في 4 مباريات تحديداً بمباراة سويسرا التي بدت كأنها تلخيص لكل الفوضى التي يعيشها الأزوري، فحتى الفرصة الوحيدة باللقاء لم تكن بجهد إيطالي بل بكرة لعبها بالخطأ مدافع سويسرا واصطدمت بالقائم، عدا ذلك سجل الطليان أرقاماً كارثية أبرزها الاكتفاء بالتسديد مرة وحيدة طوال الشوط الأول مقابل سيطرة تامة للسويسريين الذين سددوا 10 مرات وصنعوا فرصتين محققتين، وليس من المبالغة القول إن دوناروما أنقذ إيطاليا من فضيحة تاريخية بإنقاذ العديد من الفرص.
الاستمرار بالتجريب حتى الخروج!
حين تم تعيين سباليتي مدرباً للمنتخب انتاب الجمهور توقع رؤية نسخة نابولي الممتعة الموسم الماضي لكن الواقع كان أن المنتخب بقي دون هوية طوال فترة مشاركته، والتغييرات بالتشكيلة كانت كثيرة جداً، فقبل مباراة كرواتيا أجرى المدرب تعديلاً على الخطة وتحول للعب بثلاثي دفاعي، بشكل شبيه بطريقة لعب إنتر الذي يضم باستوني ودارميان ودي ماركو بصفوفه والذين يمثلون جزءاً مهماً بالمنظومة الدفاعية للفريق، وقام بوضع كييزا وسكاماكا على الدكة والبدء براسبادوري وريتيغي.
خلال مباراة كرواتيا أخرج المدرب جورجينيو ودي ماركو وأشرك فاجيولي وكييزا، واللافت أن هذين التغييرين كانا أساس فوضى التغييرات في المباراة التالية ضد سويسرا، حيث أجرى سباليتي 6 تغييرات على التشكيلة التي بدأت لقاء كرواتيا، أي أن أكثر من نصف الفريق تغير، واللافت هو إعادة الفريق للعب برباعي دفاعي من جديد ليبدو من الواضح أن المدرب ما زال يجرب، والتجربة استمرت إلى أن خرج الطليان من البطولة قبل أن يتوصلوا للتشكيلة الأنسب.
الهروب من المسؤولية
بالواقع لا يمكن تحميل سباليتي اللوم وحده فهو لو يحصل على الوقت الكافي لتحضير الفريق الذي تولى الإشراف عليه في آب (أغسطس) العام الماضي بعد استقالة روبيرتو مانشيني الذي ذهب لتدريب المنتخب السعودي، ومن الواضح أن أسباب استقالة مانشيني لم تكن إغراء العرض السعودي فقط بل اقتناعه بأن حال المنتخب لا يساعد على الدفاع عن اللقب الذي حققه قبل 3 سنوات، خاصة بعدما فشل بالتأهل لكأس العالم وخسر من مقدونيا بالتصفيات، لكن المشكلة التي صنعها الاتحاد الإيطالي هو أنه ترك مانشيني بعد الخروج من التصفيات وأضاع حوالي عام قبل أن يقرر مانشيني التخلي عن الأزوري قبل أشهر فقط من نهائيات أمم أوروبا.
التخلي عن الفريق جاء غالباً للاقتناع بأن قدرات اللاعبين الحاليين لا توازي الطموحات أبداً، وكلنا شاهدنا العجز الإيطالي ببناء اللعب طوال البطولة، فبعدما اختار سباليتي عدم استدعاء لاعبين مثل إنسيني وفيراتي بداعي ذهابهما لأميركا والخليج، لم يعد المدرب قادراً على إيجاد منظومة مناسبة لبناء اللعب ونسب التمرير لدى دوناروما والمدافعين كانت كارثية، لذا خسر المنتخب كرات كثيرة بنصف ملعبه بجميع المباريات، وبدا أن ما كان كيليني يقوله قبل سنوات من تقليل لعامل أن يكون المدافع يجيد بناء اللعب قد حفظه كل مدافعي المنتخب الحالي، مع عدم نسيان صعوبة أن تقوم ببناء اللعب وسط هذه الفوضى التكتيكية الهائلة، فحتى لاعبين مثل دي ماركو فقدوا مكانهم بالمنتخب لأنهم لم يتمكنوا من تقديم المأمول.
أجواء داخلية صعبة
قبل مباراة كرواتيا نقلت الصحف تسريبات عن أن المدرب سيحول طريقة اللعب إلى 3-5-2 وأن هناك تغييرات عدة ستحدث على التشكيلة، ليخرج سباليتي ويعبر عن غضبه بعد المباراة ملمّحاً لوجود من يقوم بتسريب أخبار الفريق من الداخل، وهو ما بدا أنه أثر على الأجواء الداخلية للفريق، لتنتقل الفوضى من التكتيك للفرديات للأجواء الداخلية وتكون الحصيلة هي فشل كامل بكل الجوانب.
غادر الطليان البطولة بعد تحقيقهم لفوز وحيد فقط على ألبانيا بلقاء أنقذ فيه دوناروما كرة للتعادل بالدقائق الأخيرة، ثم كان الانهيار أمام منتخبين يلعبان للسيطرة وهما إسبانيا وسويسرا، وحتى ضد كرواتيا بأسوأ حالاتها كان من الممكن أن يخرج الطليان بهزيمة.
يحتاج سباليتي لبعض الوقت لرؤية ما إذا كان ممكناً أن يوجد توليفة أفضل للمنتخب، فالوقت الذي قضاه بتدريب المنتخب قصير حتى الآن، وتغييره والاستعانة بمدرب آخر قد لا يساعد على إيجاد حل للقضية، خاصة أن المنتخب يحتاج لمدرب يعرف اللاعبين والدوري جيداً، ومن سيكون أفضل من الرجل الفائز بالدوري بأداء ممتاز قبل عام، لكن المشكلة أن الشكوك بقدرة الجيل الحالي باتت كبيرة جداً فما يمر به الطليان حالياً هو بمثابة الشبح للأجيال السابقة للأزوري.