النهار

من مفارقات الحياة الغريبة أن يجتمع مارتينيز وكوشتا في مكان واحد
المصدر: النهار العربي
بالنسبة للبرتغال، لا يمثل تألّق حارس المرمى بركلات الترجيح أمراً جديداً، ففي مونديال 2006 نجح الحارس ريكاردو بالتصدّي لركلات الترجيح التي سدّدها لامبارد وجيرارد وبيكهام،
من مفارقات الحياة الغريبة أن يجتمع مارتينيز وكوشتا في مكان واحد
ديوغو كوشتا وروبيرتو مارتينيز خلال لقاء البرتغال وسلوفينيا (أ ف ب)
A+   A-
هاني سكر
 
في الدقيقة 115 من مباراة في الدور الثاني من أمم أوروبا، ينزلق بيبي ويسقط أرضاً تاركاً الكرة لأحد أفضل المواهب الهجومية الشابة في أوروبا للانطلاق بانفراد تام، وتخطر بذهن كل صحافيي أوروبا في تلك اللحظة عناوين من نوعية "رونالدو يقضي على حلم البرتغال بإهدار ركلة جزاء"، أو "بيبي يتسبّب بخروج البرتغال بخطأ مجاني في الوقت القاتل"، أو العنوان الأهم "عناد المدرب روبيرتو مارتينيز على إشراك الكبار يطيح بأحلام البرتغاليين مبكراً". لكن في لحظة واحدة يخرج ديوغو كوشتا من مرماه ويتصدّى لكرة شيشكو، ولكل هذه العناوين دفعة واحدة، قبل أن يُجهز على سلوفينيا بنفسه ويتصدّى لثلاث ركلات ترجيح، منهياً ليلة كادت أن تتحول كارثية منذ أن بكى كريسيتيانو رونالدو بعد إهدار ركلة جزاء في الشوط الإضافي الأول، ولو أن تلك الركلة كانت هي الوحيدة التي أنقذها أوبلاك، بعدما فشل بالتصدّي لثلاث ركلات ترجيح.
 
روبيرتو مارتينيز لم يخرج عن مستوى ما هو متوقع منه بهذه المباراة، وعاد لاتخاذ ذات القرارات الغريبة التي كان يتخذها مع منتخب بلجيكا الذي دربه بين عامي 2016 و2022، وفي الوقت الذي كانت فيه الجماهير تحلم بتلك الفترة بمشاهدة حقبة ذهبية لامتلاك جيل خرافي، لم ينجح مارتينيز بترك أي بصمة، وكان إنجازه الأكبر هو الفوز على البرازيل في ربع نهائي مونديال 2018، وإن كان كورتوا يومها هو النجم الذي حمى فوز منتخبه، فإن كوشتا هو الرجل الذي أنقذ مارتينيز والفريق من الخروج المبكر.
 
اختار مارتينيز الاعتماد على رونالدو \39 عاماً\ وبيبي \41 عاماً\ بهذه البطولة، والملفت أنه حتى حين ضَمَن الفريق صدارة مجموعته بعد الجولة الثانية، قرّر المدرب استمرار الاعتماد على رونالدو أساسياً في مباراة هامشية ضدّ جورجيا، قبل أن يشركه 120 دقيقة كاملة ضدّ سلوفينيا، ولو أن السؤال هنا هو إذا ما كان المدرب يريد منح رونالدو كل هذه الدقائق في الأدوار الإقصائية فلماذا اختار إشراكه ضدّ جورجيا؟ أم أن الأمر كان يتعلق فقط بمساعدة رونالدو لتحقيق رقم قياسي والتسجيل في دور المجموعات في سادس نسخة يشارك فيها بالبطولة؟
 
أما المشكلة الأكبر، فارتبطت ببيبي الذي ظهر تأثير العمر والتعب عليه منذ الشوط الثاني، لكن المدرب لم يتصرّف، وبدا غافلاً عن رؤيته حين تجاوزه شيشكو وصنع فرصة خطيرة في الوقت الأصلي، ومن بعدها شاهدنا بيبي لمرّات عديدة يحاول ترك مساحة بينه وبين الخصم كي لا يغافله بسرعة انطلاقه، ولو أن هذا العيب سيكبر ويظهر أكثر حين يواجه بيبي لاعبين بسرعة مبابي وماركوس تورام، وحينها سيحتاج مارتينيز لإيجاد حل أكيد كي لا يخسر المباراة بسبب فارق السرعات.
 
أراد مارتينيز إبقاء بيبي في الملعب إلى أن كادت أن تحدث الكارثة في الدقيقة 117، حين سقط على الأرض وفَقَد قدرته على الاستمرار، ليخرجه المدرب ويشرك نيفيز كي يأخذ دوره بركلات الترجيح.
 
بالنسبة للبرتغال، لا يمثل تألّق حارس المرمى بركلات الترجيح أمراً جديداً، ففي مونديال 2006 نجح الحارس ريكاردو بالتصدّي لركلات الترجيح التي سدّدها لامبارد وجيرارد وبيكهام، ليقضي على أحلام الإنكليز ويمنح بلاده التأهل لنصف النهائي ويصبح أول حارس في تاريخ البطولة يتصدّى لثلاث ركلات ترجيح في مباراة واحدة.
 
وذات الرقم القياسي كرّره كوشتا \24 عاماً\ حالياً في أمم أوروبا، بعدما كان قد سجّل رقماً رهيباً قبل موسمين، حين أصبح أول حارس يتصدّى لـ3 ركلات جزاء متتالية في دوري أبطال أوروبا، حين تصدّى لركلة جزاء باتريك في لقاء الذهاب ضدّ ليفركوزن، وديميرباي في لقاء العودة ضدّ ذات الفريق، قبل أن يوقف تسديدة لاعب بروج لانغ، محققاً رقماً جديداً بتاريخ البطولة. والملفت أنه خلال لقاء الفوز على كوزن بثلاثية، نجح كوشتا أيضاً بتقديم تمريرة حاسمة لغالينو والحفاظ على نظافة شباكه، ليقدّم أفضل ما يمكن لأي حارس أن يتخيّله في مباراة واحدة.
 
أنهى كوشتا موسم 2023\2024 بحفاظه على نظافة شباكه في 14 من أصل 34 مباراة في الدوري، محققاً الرقم الأفضل في المسابقة، كما قاد بورتو للفوز بكأس البرتغال بعد التفوق على سبورتينغ بهدفين لهدف في النهائي، علماً أنه بدأ بالمشاركة مع الفريق الأول منذ 5 سنوات، أي قبل أن يتجاوز سن 19 عاماً، فبعد فوزه مع بورتو بلقب دوري أبطال أوروبا للشباب في 2019 ازداد الاهتمام بموهبته، ومنذ مشاركته الأولى في بداية موسم 2019\2020 أثبت كوشتا ذاته، ليقرّر النادي تمديد عقده حتى 2026 مع وضع بند جزائي تتراوح قيمته بين 30 و60 مليون يورو. وفي الوقت الحالي يبدو أن كوشتا بات هدفاً جذاباً لكبار أوروبا في ظل ارتباط اسمه بتشيلسي. ومن يدري ربما نرى قائمة أكبر من طالبي الود بعد نهاية البطولة!

اقرأ في النهار Premium