ألمانيا تقدّم أداءً مشرفاً بقيادة ناغلسمان. (أ ف ب)
أن يخرج منتخب بالحجم التاريخي لـ"دي مانشافت" الألماني، الفائز بكأس أوروبا لكرة القدم ثلاث مرات قياسية وباللقب العالمي أربع مرات، من الدور ربع النهائي لبطولة مقامة على أرضه، فمن المتوقع أن تكون الأجواء سوداوية والمعنويات في الحضيض، لكن هناك الكثير من الإيجابيات التي يمكن الاعتماد عليها للمستقبل.
انتهى مشوار المنتخب الألماني الجمعة عند الدور ربع النهائي لكأس أوروبا بخسارته أمام إسبانيا 1-2 بعد التمديد، مختتماً البطولة الكبرى الأولى على أرضه منذ مونديال 2006 بشكل محبط.
لكن يمكن القول من دون تردّد أنّ المدرّب يوليان ناغلسمان أعاد لـ"دي مانشافت" شيئاً من بريق الماضي، لا سيما إذا ما قورن مشواره في كأس أوروبا بمشاركتيه الأخيرتين في كأس العالم، حيث انتهى مشواره عند دور المجموعات في روسيا 2018 وقطر 2022، أو البطولة القارية الماضية حين ودّع من ثمن النهائي صيف 2021 على يد إنكلترا (0-2).
وكانت مباراة الجمعة في شتوتغارت ضد إسبانيا نهاية المشوار الكروي لنجم الوسط توني كروس الذي كان يمني النفس بإحراز اللقب القاري ليضيفه إلى لقب مونديال البرازيل 2014 وكل الألقاب الممكنة التي أحرزها على صعيد الأندية مع ريال مدريد الإسباني.
وأظهر الألمان خلال هذه النهائيات القارية أنهم استعادوا هيبتهم رغم خيبة الخروج من ربع النهائي.
وكتب الحارس المخضرم مانويل نوير على وسائل التواصل الاجتماعي: "لقد تحطم الحلم. وما يزيد من مرارة الأمر أنّ هذا الفريق كان يستحق المزيد".
وبعد دموع الخيبة، قرّر ناغلسمان البحث عن الإيجابيات وتحويل الأنظار نحو الهدف المقبل للمنتخب في مؤتمره الصحافي بعد اللقاء، قائلاً: "من المحزن أنني ربما لن أكون جزءاً من كأس أوروبا أخرى (كمدرّب للمنتخب) على أرضنا في مسيرتي".
وتابع: "هذا مؤلم. والاضطرار إلى الانتظار لمدة عامين لنصبح (محاولة) أبطال عالم (في 2026)، هذا مؤلم أيضاً"، متوجهاً إلى الصحافيين: "أحببتم هذا التصريح (أنّ ألمانيا ستكون بطلة للعالم بعد عامين) أليس كذلك؟".
وسأل المدرّب الصحافيين: "هذا يجعل أعينكم تخرج من مكانها (من شدة الثقة والتفاؤل بالمستقبل)، إنه أمر جنوني"، قبل أن يستطرد: "ماذا يجب أن أقول بعد خروجنا؟ بالطبع نريد أن نصبح أبطال العالم".
"بين الأفضل مجدّداً"
تصريحات ناغلسمان المتفائلة بعيدة كل البعد عما أدلى به سلفه هانسي فليك بعد خروج ألمانيا من دور المجموعات لمونديال قطر 2022.
وانتقد فليك، الذي أصبح لاحقاً أوّل مدرّب يُقال من منصبه في تاريخ المنتخب الألماني، بعد الخروج من المونديال القطري، مشاكل بنيوية في الكرة الألمانية وفشل نظام الناشئين في البلاد في إنتاج لاعبين كبار.
وبعد إقناع كروس بالعودة عن اعتزاله الدولي، عمل ناغلسمان على تنشيط المنتخب الألماني وأجرى 11 تغييراً مع الأخذ في الاعتبار المشاركة في كأس أوروبا.
استبعد أسماء كبيرة أمثال ليون غوريتسكا وسيرج غنابري وماتس هوملز، في حين استعان بعدد كبير من لاعبي باير ليفركوزن بطل الدوري وشتوتغارت.
فازت ألمانيا بثلاث مباريات فقط من أصل 11 في 2023، لكن خسارة الجمعة أمام إسبانيا بهدف في الدقيقة 119 قبل الأخيرة من الشوط الإضافي الثاني، كانت الأولى لفريق ناغلسمان في 2024 مقابل 6 انتصارات وتعادلين.
طلب ناغلسمان من كروس الذي اعتزل اللعب الدولي في 2021، العودة قبل كأس أوروبا 2024 ووافق على ذلك لشعوره أنّ ألمانيا لديها فرصة حقيقية للفوز بالبطولة.
أسدل ابن الـ34 عاماً الستار على مسيرته الكروية الجمعة وهو يعلم أنّ ألمانيا في أيد أمينة لكنّ "الأمر مؤلم، لا سيما بهذه الطريقة. كنا بالتأكيد على نفس المستوى مع إسبانيا"، وفق ما أفاد بعد الخسارة، مضيفاً: "لكن عندما يختفي هذا الشعور الأولي بالحزن، سندرك أننا عدنا لنكون بين الأفضل مجدّداً".
نهاية مشوار مولر ونوير وغوندوغان؟
كان هناك حديث عن إمكانية رحيل ناغلسمان عن المنتخب من أجل العودة لتدريب بايرن ميونيخ، لكن ابن الـ36 عاماً مدّد قبل النهائيات القارية عقده مع الاتحاد المحلي حتى عام 2026.
وبما أنّ عامين فقط يفصلانه عن مونديال 2026 المقرّر في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، فإنّ التحدّي الكبير التالي يلوح في الأفق.
ورغم أنّ جمال موسيالا وفلوريان فيرتز لم يتجاوزا الحادية والعشرين من عمرهما وكاي هافيرتز في الخامسة والعشرين فقط، يحتاج ناغلسمان إلى عملية إعادة بناء جزئية، لا سيما أنّ فريقه كان الأكبر سناً بين المنتخبات الـ24 في كأس أوروبا.
وإلى جانب كروس، هناك عدد من اللاعبين المرشحين لمغادرة المنتخب نهائياً، مثل ابن الـ34 عاماً توماس مولر الذي قال للصحافيين بعد مباراة الجمعة حيث دخل كبديل في وقت متأخر: "من الناحية الواقعية، من الممكن أن تكون هذه آخر مباراة دولية لي".
أما نوير، ابن الـ38 عاماً الذي فاز بكأس العالم 2014 إلى جانب كروس ومولر، فأشار إلى أنه "سأفكر في الأمر بعد البطولة".
حتى أنّ القائد إيلكاي غوندوغان (33 عاماً) أكد أنه "بحاجة لبضعة أيام للتفكير في الأمر ثم سأتخذ القرار".
وأقرّ ناغلسمان "لدينا فريق ليس شاباً"، مواصلاً: "سنغيّر بالتأكيد بعض الأشياء. سنفعل شيئاً في الفريق لتقديم بعض المباريات الجيّدة ومن ثم تشكيل أفضل فريق ممكن لتصفيات كأس العالم".