هاني سكر
وصل منتخب إنكلترا لنصف نهائي أمم أوروبا رغم اكتفائه بتسجيل 5 أهداف في 5 مباريات مقابل تلقيه 3 أهداف، وبالواقع تأخر الإنكليز بنتيجة المواجهة مرتين بآخر مباراتين واحتاجوا لتجاوز ضغط الدقائق الأخيرة ليسجلوا التعادل مرتين بمجهود فردي مرة بمقصية بيلينغهام والثانية من ساكا بتسديدة من الخارج.
بالواقع منذ بداية البطولة يحاول ساوثغيت إحداث تغييرات بشكل الفريق لكن يبدو أن ما يفعله يزيد من سوء الحال، أو على الأقل لا يساهم بتحسينه، حيث بدأ البطولة بطريقة 4-3-3 وبوضع أرنولد لاعباً بالوسط، ثم اقتنع أن أرنولد غير مناسب لهذا المكان فأشرك غالاغير قبل أن يعتمد على ماينو بآخر مباراتين كاسراً فكرة أن المشاركة محصورة بالنجوم فقط.
وضد سويسرا، وبظل غياب غويهي للإنذارات، بدأ المدرب بثلاثة مدافعين بالخلف مع إشراك كونزا بجانب ستونز ووكر، وصحيح أن المدرب طبق هذه الطريقة ببداية لقاء سلوفاكيا لكنها لم تنجح بشكل جيد ومنحت السلوفاك عدة فرص لكنه أراد أن يبدأ بها مباراة سويسرا من جديد.
أي بالمجمل يمكن القول أنه حتى مع الوصول لنصف النهائي إلا أن المدرب الموجود مع المنتخب منذ 8 سنوات لم ينهي تجاربه بعد ويبدو أنه مازال يبحث عن التوليفة والقائمة الأفضل لتحسين شكل المنتخب وهو ما يتناسب مع حالة عدم الرضا الجماهيري عن شكل المنتخب لكنه اليوم يصل لنصف النهائي رغم عدم الرضا هذا وقد يكون على بعد 180 دقيقة من تحقيق أول لقب له بتاريخ مشاركاته بالبطولة.
في الواقع، يرى الكثيرون أنه رغم ما يبدو من فوضى في الملعب فإن ساوثغيت نجح بالسير على نهج مدرب فرنسا ديدييه ديشامب والذي استسلم الجميع لفكرة أن هذا الرجل لن يبني منتخباً ممتعاً لكنه يعرف كيف يصل للقمة، وفوزه بكأس العالم 2018 وبلوغه نهائي يورو 2016 ومونديال 2022 هي دلائل على أنه نجح بخلق منتخب يعرف كيف يكسب النتائج دون الاهتمام بالأداء.
ساوثغيت الذي يلاقي غضباً إعلامياً وجماهيرياً رهيباً أصبح أول مدرب يقود إنكلترا للتأهل لنصف نهائي اليورو بنسختين متتاليتين، وأول مدرب يقود الإنكليز لنهائي البطولة "النسخة الماضية" وخلال 4 بطولات مع المنتخب خرج من ربع النهائي مرة ووصل نصف النهائي، على الأقل، 3 مرات بعد أن كان الإنكليز غائبون عن المربع الذهبي بأي بطولة كبرى منذ عام 1996 رغم مرور أسماء رهيبة على المنتخب مثل جيرارد ولامبارد وبيكهام وروني وتيري وكول والكثير غيرهم، والطريف بالأمر أن ساوثغيت كان حاضراً في 1996 لكن كلاعب والطريف أكثر أنه كان اللاعب الذي أضاع ركلة الترجيح ضد الألمان والتي تسببت بإقصاء الإنكليز، بالوقت الذي بدا فيه المنتخب ناجحاً جداً بركلات الترجيح معه لو استثنينا نهائي اليورو الماضي الذي سمح فيه للاعبين أن يختاروا بشكل طوعي من يرغب بالتسديد.
يدافع الكثيرون عن قيادة ديشامب لمنتخب فرنسا معتبرين أن الإنجازات هي ما ستدخل التاريخ، لكن في الواقع يبدو الإنكليز أقل مللاً منهم بالبطولة فعلى الأقل هناك 5 أهداف سُجلت وبعضها كان مميزاً مثل هدفي جود ضد صربيا وسلوفاكيا وهدف ساكا ضد سويسرا، عكس الفرنسيين الذين مازالت حصيلتهم هي 3 أهداف واحد من جزاء وآخر عكسي والثالث من كرة غيرت مسارها تماماً بعد اصطدامها بفيرتونغين بالدور الثاني لكن ما يساعد الفرنسيين هو امتلاكهم صلابة دفاعية رهيبة.
وواضح أن ساوثغيت لا يمانع كثيراً أن يتم تشبيهه بديشامب فهو لا يميل لفتح الملعب والمغامرة بترك بعض المساحات كما يفعل الإسبان بل يريد استغلال امتلاكه للاعبين ممتازين بالأمام والاعتماد عليهم لخلق الحلول الفردية، ويدرك أيضاً أن الرفاهية التي يملكها على الدكة يصعب أن تكون موجودة لدى الخصوم الذين واجههم لذا يمكنه بأي لحظة تغيير شكل وإيقاع اللقاء.
قبل البطولة قال ساوثغيت أنه بحال فشل سيغادر المنتخب هذه المرة، لكن حالياً هو بين المربع الأخير في البطولة وبعد حوالي أسبوع قد تعنون الصحف الإنكليزية بالقول "سير ساوثغيت" بحال تمكن من تحقيق اللقب الكبير الثاني بتاريخ الإنكليز بعد مونديال 1966 ولو أنه قبل أيام قليلة كان من الممكن أن يخرج من الدور الثاني ضد سلوفاكيا مما كان سيضمن له إقالة سريعة، لكن هذه هي كرة القدم نجم واحد وبلحظة واحدة ممكن أن يغير مصير منتخب كامل ويغير كل العناوين حول مدربه.