سيد محمد
شهدت بطولة كأس الأمم الأوروبية "يورو 2024" العديد من المشاهد المثيرة في الطريق نحو الدور نصف النهائي للبطولة، لعلّ أبرزها تكافؤ الفرص بشكل كبير بين المنتخبات في كرة القدم الأوروبية، إلى جانب المنتخبات التي فاجأت الجميع، سواء الكبار الذين خرجوا مبكراً أو الصغار الذين فاجأوا الجميع بالتأهل إلى مراحل خروج المغلوب.
وصلت إسبانيا وفرنسا وإنكلترا وهولندا إلى الدور نصف النهائي في بطولة كأس الأمم الأوروبية 2024، لكنها اضطرّت إلى الكفاح بشكل كبير من أجل التأهل، حيث امتدت ثلاث من مباريات ربع النهائي الأربع إلى الوقت الإضافي.
وخرج المنتخب الألماني المضيف من البطولة، بعدما أحرزت إسبانيا هدفاً دراماتيكياً في اللحظات الأخيرة من المباراة 2-1، فيما فازت فرنسا وإنكلترا على البرتغال وسويسرا توالياً بركلات الترجيح، بينما أطاحت هولندا بتركيا بهدفين مقابل هدف.
وأعقبت مباريات خروج المغلوب المتوترة مرحلة مجموعات تنافسية للغاية، تأهل منها منتخب جورجيا، الذي يشارك للمرّة الأولى في البطولة، إلى الدور الـ16، كما وصلت سلوفينيا إلى أدوار خروج المغلوب للمرّة الأولى في تاريخها، بينما عادت رومانيا إلى البطولة للمرّة الأولى منذ عام 2000.
فرص متكافئة
وتوضح هذه النتائج كيف أنّ نظام الـ24 فريقاً الذي جرى استحداثه بداية من نسخة 2016، أدّى إلى زيادة تنوّع الفرق المتنافسة على أعلى مستوى مع الحفاظ على مستوى القدرة التنافسية.
ففي عام 2016، وصل منتخب ويلز إلى الدور نصف النهائي، ولم يكتفِ المنتخب الأيسلندي الذي ظهر للمرّة الأولى بالتأهل من مجموعته، بل فاجأ أيضاً منتخب إنكلترا القوي وفاز عليه 2-1 في الدور الـ16، كما وصل نظيره الدنماركي إلى الدور نصف النهائي في بطولة أوروبا 2020.
وبالمثل، فإنّ فرصة تأهل الفرق التي تحتل المركز الثالث إلى مرحلة خروج المغلوب تعني أنّ هناك تنوّعاً كبيراً وإثارة ستشهدها مراحل خروج المغلوب، والتي منحت المنتخبات الأقل شهرة فرصة أكبر للمضي قدماً في البطولة. ففي بطولة أوروبا 2020، وقبل مباريات الجولة الأخيرة من دور المجموعات، لم يكن يتأكّد 23 من أصل 24 فريقاً مشاركاً في البطولة من التأهل، بينما هذه المرّة كانت بولندا فقط التي ودّعت البطولة بالفعل قبل الجولة الثالثة.
بطولة المفاجآت
كانت مباريات بطولة أمم أوروبا 2024 متقاربة بشكل كبير، مما يدلّ إلى التنافسية المتزايدة للمسابقة. فقد بلغ متوسط الأهداف في بطولة أمم أوروبا 2024 (1.08 هدف فقط)، وهو أدنى مستوى منذ نسخة عام 1992 التي شاركت فيها 8 فرق، وهو أقل بكثير من متوسط الأهداف البالغ (1.39) الذي شهدته بطولة أمم أوروبا 2008.
ولا يرجع هذا فقط إلى تقارب نتائج مباريات الأدوار الإقصائية، بل إلى متوسط فارق الأهداف في نهاية مرحلة المجموعات الذي بلغ 1.03 هدف، وحصلت كل الفرق الـ24 على نقطة واحدة على الأقل، وكان متوسط فارق النقاط بين الأوّل والرابع في كل مجموعة - 4.5 نقاط - هو الأدنى منذ بطولة أوروبا 1996، والتي كانت الأولى التي يشارك فيها 16 فريقاً.
ومن بين الفرق الأربعة التي وصلت إلى الدور نصف النهائي هذا الصيف، فازت إسبانيا فقط بكل مبارياتها في مرحلة المجموعات، بينما خسرت هولندا أمام النمسا، واكتفت كل من إنكلترا وفرنسا أيضاً بتسجيل انتصار واحد فقط.
ظهور منتخبات جديدة على الساحة الأوروبية
ساهم توسع بطولة كأس الأمم الأوروبية في تحقيق هدف الاتحاد الأوروبي المتمثل في زيادة القدرة التنافسية لكرة القدم الأوروبية بأكملها، كما أنّ إطلاق دوري الأمم الأوروبية لا يوفّر طريقاً جديداً للتأهل إلى نهائيات كأس الأمم الأوروبية فحسب، بل يوفر أيضاً المباريات التنافسية المنتظمة التي كانت بعض الدول الأوروبية الأصغر حجماً تكافح تاريخياً من أجل الحصول عليها، والتي تعدّ ضرورية لتحسن مستواها.
ويمثل نجاح جورجيا في بطولة كأس الأمم الأوروبية 2024 أحدث علامة في فترة من التطوّر، حيث يلعب دوري الأمم دوراً مهماً.
كما أنّ تقديم الدعم المالي يشكّل وسيلة أخرى لتعزيز البطولات الأوروبية، فبعد انتهاء بطولة الأمم الأوروبية، ستتمّ إعادة توزيع نحو ثلثي العائدات التي تجنيها البطولة بين كل الاتحادات الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم البالغ عددها 55 اتحاداً.