النهار

مسقط رأس لامين يامال... شعور متبادل بالفخر
المصدر: أ ف ب
في كل مرّة يُسجّل فيها لامين يامال، يشير بيديه إلى الرقم 304 وهو الرمز البريدي لروكافوندا، المنطقة الكاتالونية المتواضعة التي نشأ فيها والتي يختلجها الفخر بتألق ونجاح ابنها البالغ 17 عاماً فقط في كأس أوروبا 2024 لكرة القدم.
مسقط رأس لامين يامال... شعور متبادل بالفخر
النجم الواعد لامين يامال. (أ ف ب)
A+   A-
في كل مرّة يُسجّل فيها لامين يامال، يشير بيديه إلى الرقم 304 وهو الرمز البريدي لروكافوندا، المنطقة الكاتالونية المتواضعة التي نشأ فيها والتي يختلجها الفخر بتألق ونجاح ابنها البالغ 17 عاماً فقط في كأس أوروبا 2024 لكرة القدم.

ولا يكون قد مرّ منتصف النهار بعد، ومع ذلك تكون الضجّة كبيرة داخل الحانة المحلية، "إل كوردوبيس" التي لا تزال على الأرجح تحتفل بشدّة بعد أن سجّل يامال الذي اعتاد أن يأتي مع والده المغربي الأصل، وهو يمسك الكرة، هدفاً رائعاً في مرمى فرنسا ما ساعد "لا روخا" على بلوغ نهائي "يورو 2024" الأحد أمام إنكلترا.

منذ أعوام، والكثيرون هنا في شمال برشلونة أدركوا أنه مختلف، لكنّ أحداً لم يتوقع أن يصبح أصغر لاعب في التاريخ يسجّل بكأس أوروبا.

يقول صاحب الحانة خوان كارلوس سيرّانو مبتسماً: "كنا نعلم أنه سيلعب مع الفريق الأوّل لبرشلونة".

وأردف: "لكن لم تكن لدينا أي فكرة أنه سيكون له هذا النوع من التأثير الذي يحدثه الآن".

على الحائط خلفه يبرز قميص برشلونة معلّقاً وموقعاً من يامال والذي منحه إياه والد النجم اليافع، كعربون شكر لدعمه خلال السنوات التي اعتاد فيها الثنائي الذهاب إلى الحانة قبل ركوب القطار إلى المدينة، ليتدرّب مع فريق الناشئين، إلى أن وقّع مع أكاديمية "لا ماسيا" الشهيرة.

كان ذاك النهار هو الأخير ليامال في الحانة، لكنه لم يكن الأخير في منطقة ماتارو، وهي مدينة يبلغ عدد سكانها 130 ألف نسمة وتقع على بعد 30 كيلومتراً أعلى الساحل من برشلونة، حيث قضى جزءاً من طفولته وحيث يتباهى العديد من السكان المحليين بالتقاط الصور معه.

"والد فخور وسعيد"
بعد انفصال والديه، عاش يامال بين مدينتي غرانويرس وماتارو القريبتين، لكنّ زياراته المستمرّة لجدّته التي وصلت من المغرب قبل عقود وما زالت تعيش في روكافوندا، حافظت على روابط الصلة مع الحيّ حيث يجري الترحيب بوالده كبطل محلي.

عاد والده للتو من ألمانيا حيث تابع لقاء نصف النهائي الذي فازت به إسبانيا على حساب فرنسا 2-1، فاجتمع جيرانه من حوله لتهنئته على هدف ابنه المذهل، فيما لا يزال الحيّ بأكمله يظهر حماسة كبيرة لتلك اللحظة الأيقونية.

ويقول منير النصراوي وهو يقف بحيوية عند مدخل الحانة عن هدف ابنه: "لقد عشت كل لحظة في هذا الملعب مثل أي مشجع إسباني آخر، وقد أصابني الجنون".

وسيكون عليه العودة من جديد مع فرصة أخرى لاحتفالية مزدوجة: سيبلغ نجله عامه الـ17 السبت، ويوم الأحد يأمل أن يشاهده يحمل الكأس القارية في النهائي ضد إنكلترا.

وقال: "كأب، أنا فخور وسعيد وممتن"، متوجهاً أيضاً بالشكر إلى جيرانه على دعمهم. وأردف: "هذا الحيّ فخور بكونه المكان الذي يأتي منه لامين يامال".

"لدينا نجم هنا"
على بعد شوارع معدودة، لا تمنع الشمس الحارقة الأطفال من ممارسة كرة القدم على ملعب محلي، حيث كان يامال يمضي ساعات طويلة يلعب عندما كان صغيراً.

والجميع الآن يريد أن يكون مثله في هذه المنطقة التي تبرز تحت الأضواء في كل مرّة يسجّل فيها النجم الشاب ويرفع علامة "304".

يوضح مامادو سو، 32 عاماً، الذي يعمل في مجال تقديم الطعام: "الناس متحمّسون للغاية بشأن لامين يامال لأنه لم يحدث شيء مثل هذا القبيل هنا من قبل".

وقال لوكالة فرانس برس: "هذا يمنح الأطفال رغبة أكبر في ممارسة الرياضة، معرباً عن سعادته البالغة لرؤية الحي "أخيراً" بعد أن كان مصبوغاً بصورة سلبية في وسائل الإعلام خلال السنوات الأخيرة، بينما يجري ذكره على شاشة التلفزيون بشكل إيجابي في الوقت الحالي.

وواصل: "إنه أمر مثير".

لم تكن الحياة دائماً بسيطة في هذه المنطقة على مشارف ماتارو، ورمزها البريدي هو 08304 والتي يقطنها عدد كبير من السكان المهاجرين ذات دخل متواضع مقارنة بالأحياء الأخرى الأكثر ثراءً.

وقالت روسيو إسكانديل، رئيسة رابطة سكان روكافوندا: "لقد كانت لدينا دائماً سمعة سيئة فيما يتعلّق بالجريمة وأشياء أخرى، ووجود شخص مهم جداً يلقي ضوءاً مختلفاً على الحي هو أمر إيجابي حقاً".

رغم صغر سنه، لطالما حظي يامال بتكريم كبير داخل مسقط رأسه.

وتوجد خارج المخبز الذي كان عمّه يديره بالقرب من ملعب كرة القدم المحلي، صورة كبيرة مرسومة له وهو يرتدي قميص برشلونة، وذراعيه متقاطعتين وهو يشير إلى الرقم 304.

وفيما يقوم جواد دراز، المالك الجديد، بإجراء تجديدات حتى يتمكّن من فتح حانة جديدة لكن ثمة بعض الأشياء التي لا ينوي تغييرها.

وأشار مبتسماً وهو يشير إلى اللوحة: "نحن نغيّر كل شيء ما عدا الصورة".

ونوّه: "أنا أحب ذلك لأنّ لامين يامال من الحي... لدينا نجم هنا!".

اقرأ في النهار Premium