هاني سكر
أخفقت الولايات المتحدة الأميركية بتسجيل أي علامة إيجابية خلال استضافة النسخة الحالية من كوبا أميركا، وقبل عامين من تنظيم المونديال انفجرت الانتقادات بوجه مستضيفي البطولة وانهالت عليهم من كل اتجاه، وتحديداً من أكبر 3 منتخبات في أميركا اللاتينية وهم الأرجنتين والبرازيل ثم الأوروغواي، والذي أطلق مدربه العنان لتصريحاته بكل جرأة واصفاً المنظمين بالكاذبين ومؤكداً استعداده لتقديم كل الدلائل إلى فشل استضافة البطولة.
بدأت مشكلات كوبا منذ المباراة الافتتاحية التي جمعت الأرجنتين وكندا في ملعب مرسيدس بنز في أتلانتا، حيث تم تغيير العشب بالكامل قبل يومين من المباراة، وهو ما لم يعجب مدرب أبطال العالم ليونيل سكالوني ليخرج ويقول "كنا نعلم أن هذا هو الملعب المستضيف للمباراة منذ 7 أشهر، فلماذا يتم تغيير أرضيته قبل يومين فقط من المواجهة؟ هذا أمر غير جيد للمصداقية، كما أن العشب لم يكن مناسباً اليوم للاعبين".
الجولة الأولى حملت معها اتهاماً آخرَ بظل عدم ارتياح منتخب البرازيل من خوض مباراة في ملعب إنغلوود ضد كوستاريكا، وبعد المباراة خرج فينيسيوس ليقول إن المنتخب لم يؤدّ جيداً لكن أيضاً الملعب كان مصمماً لكرة القدم الأميركية، وإن أبعاده لم تكن جيدة بل كان صغيراً، ما جعل المراوغة أصعب.
تطورت الأحداث وكان فينيسيوس تحت الأضواء من جديد بالجولة الثالثة حين تعرض لتدخل قوي من مونوز مدافع كولومبيا بالجولة الثالثة، والمشكلة لم تكن بعدم احتساب ركلة جزاء صحيحة، بل إن اتحاد أميركا الجنوبية اعترف بحدوث خطأ كبير في غرفة تقنية الفيديو بعدما اتفق الحكام على أن المدافع لمس الكرة، لكن الحقيقة كانت أن مونوز لم يصل للكرة، بالتالي حُرم المنتخب البرازيلي من ركلة جزاء صحيحة، وهو ما اعترف به "كونميبول" ببيان رسمي، وبالنتيجة انتهت المباراة بالتعادل بهدف لمثله، وبالتالي عدم تمكن البرازيل من تصدر المجموعة، والأسوأ هو أن فينيسيوس الذي كان قد انتقد الملاعب بأول جولة، حصل على إنذار لم يثر إعجاب المدرب دوريفال ودفعه لانتقاد التحكيم بعد المباراة، علماً أن فيني قد دفع ثمن الإنذار غالياً بالغياب عن لقاء ربع النهائي ضد الأوروغواي والذي انتهى بنهاية رحلة "سيليساو" بالبطولة والخسارة بركلات الترجيح.
هذا التصرف يمثل ما وصفه بيلسا بمعاقبة من يتهم المنظمين بأي مناسبة، وبيلسا ذاته عاد ليصب جام انتقاداته على التحكيم بعد مباراة نصف النهائي ضد كولومبيا، وهي المباراة التي انتهت بحادثة جعلت ما لم يكن اعتيادياً يصبح أمراً منطقياً، فحد التفاجؤ مما حدث بعد صافرة النهاية طغى على المشهد العالمي، بظل غياب أمني كامل عن حماية أُسر لاعبي منتخب الأوروغواي من اعتداء الجماهير الكولومبية عليها، وهو ما اضطر لاعبي المنتخب الخاسر للصعود نحو المدرجات والاشتباك بالأيدي مع الجمهور لحماية عائلاتهم وسط استمرار للغياب الأمني، وبالتأكيد لم يكن مدرب الأوروغواي هو الوحيد الذي دافع عن لاعبيه بهذه اللقطة، بل توجه الكثيرون لتحميل سوء التنظيم المسؤولية ومن بينهم مدرب الأرجنتين سكالوني الذي تساءل عما يمكن لأي شخص فعله حين يرى عائلته تتعرض للضرب، معتبراً أن الصور التي ظهرت من العراك تبدو كأنها من 50 عاماً وليست صوراً جديدة، لكن من المؤسف أن يصل الأمر لهذا الحد، واللافت أن وزير الرياضة الأوروغوياني اعترف بوجود عقوبات متوقعة تشمل مباراتين على الأقل بتصفيات كأس العالم على اللاعبين من اتحاد أميركا الجنوبية.
الجزء الأسوأ هو أن 8 من الملاعب التي استضافت كوبا أميركا ستستضيف كأس العالم، وبالوقت الذي تبدو فيه فترة عامين كفيلة ربما بالتكفل بحل العديد من المشكلات، إلا أن الأمر لا يرتبط فقط بالمشكلات بل بإصرار اللجنة المنظمة على تأكيد أن الملاعب مثالية والبطولة ناجحة، وهو ما رفضه سكالوني مرة أخرى بالمؤتمر الذي سبق المباراة النهائية حين قال إنه كان أول من انتقد ملاعب البطولة لكنه بعدها استسلم ووجد أنه لا فائدة من الاستمرار بالنقد لأن فرصة التغيير أصبحت معدومة.
مشكلات البطولة وصلت لحد ألا يجد منتخب بوليفيا مكاناً يتدرب فيه، وأن ينتقد المدربون تخطيط الملاعب بداعي أنه غير متوازٍ، بالتالي يمكن القول إن المشكلات كبرى والفشل أكبر من حد استيعاب أننا نرى شيئاً بهذا السوء بدولة بحجم أميركا واسمها!