النهار

منتخب إنكلترا... أسود بلا أنياب
المصدر: النهار العربي
فشل المنتخب الإنكليزي مجدّداً في التتويج بلقب كأس الأمم الأوروبية 2024 لكرة القدم، بسقوطه 1-2 في المباراة النهائية أمام المنتخب الإسباني على الملعب الأولمبي في برلين.
منتخب إنكلترا... أسود بلا أنياب
ساوثغيت يفشل مجدّداً في الاختبار الأهم. (أ ف ب)
A+   A-
مابيل حبيب

فشل المنتخب الإنكليزي مجدّداً في التتويج بلقب كأس الأمم الأوروبية 2024 لكرة القدم، بسقوطه 1-2 في المباراة النهائية أمام المنتخب الإسباني على الملعب الأولمبي في برلين.

الشعب الإنكليزي كان ينتظر هذه المباراة أملاً بـ"عودة اللقب إلى المنزل" كما يُردّدون دائماً، لكنّ لقب أمم أوروبا لم يكن أبداً "في المنزل"، لأنّ منتخب "الأسود الثلاثة" لم يُحرز لقب اليورو في تاريخه، إذ أحرز لقباً وحيداً في كأس العالم التي حققها عام 1966.

منذ 58 عاماً لم تعرف إنكلترا طريقها إلى المجد، وسقطت في نهائيين متتالين في أمم أوروبا (النسخة السابقة أمام إيطاليا). علماً أنها تمتلك جيلاً قوياً يُعتبر من بين الأفضل في العالم، ودكّة بدلاء غنية، والدوري لديها يُصنّف الرقم واحد على مستوى العالم.

لكن لماذا فشلت إنكلترا في التفوّق على إسبانيا؟

إفلاس ساوثغيت تكتيكياً
وصول إنكلترا إلى المباراة النهائية إنجاز بحدّ ذاته. فرغم الأسماء الذي يمتلكها المدرب غاريث ساوثغيت، إلّا أنهم بلغوا النهائي بشق النفس.

فقد خرجوا من دور المجموعات بفوز وحيد على صربيا وتعادلين أمام الدنمارك وسلوفينيا، قبل أن يتأهلوا بصعوبة في كل مباراة إقصائية أمام منتخبات سلوفاكيا وسويسرا وهولندا، وصولاً إلى المباراة النهائية.

أمام هولندا تحسّن أداء المنتخب، رغم أنه لم يكن في أفضل حالاته، لكنه ظهر أكثر تماسكاً وقدرة على التحكّم باللعب، وجاءت تبديلات ساوثغيت بمكانها، ليظنّ الجميع أنه تعلّم من دروس الماضي وأنه أصبح جاهزاً لخوض النهائي وخطف اللقب.

لكن ذلك لم يحدث. فقد تفوّقت إسبانيا بشكل واضح ومريح، وبلغت نسبة الاستحواذ 65% لـ"الماتادور" مقابل 35% لإنكلترا. كما سدّد "لا روخا" 16 تسديدة على مرمى الحارس جوردان بيكفورد مقابل 9 تسديدات لـ"الأسود الثلاثة". كل الأرقام صبّت في صالح إسبانيا في هذا اللقاء، والأمر لم يكن غريباً على متابعي كرة القدم، لأنّ رجال المدرب لويس دي لا فوينتي كانوا الأفضل في هذه النسخة من البطولة منذ بدايتها وحتى نهايتها.

إلّا أنّ الغريب هو المستوى الذي تقدّمه إنكلترا في كل مباراة. فمنتخب يمتلك أسماء مثل جود بيلينغهام وهاري كاين وكايل ووكر وبوكايو ساكا وديكلان رايس وغيرهم... كيف له ألّا يقدّم كرة قدم ممتعة للجمهور؟

الإجابة هي بتكتيك ساوثغيت الذي فشل مرّة جديدة في المعركة. إنكلترا تمتلك كل المقوّمات للفوز بأي لقب تنافس عليه، لكنها لا تمتلك المدرب المناسب الذي قد يقودها إلى البطولات.

راهن ساوثغيت على تبديلاته التي نجحت أمام هولندا، لكنّ رهانه لم يكن في مكانه، رغم أنّ هدف التعادل للإنكليز جاء عن طريق البديل المتألق كول بالمر، لكنّ المنظومة لم تتحسّن وسقطت في الاختبار.

المنتخب الإنكليزي يبدو تائهاً على أرض الملعب، وكأنه يلعب من دون خطة ولا أسلوب لعب واضحاً ولا مدرب. إنكلترا وجدت صعوبة في بناء اللعب، وفشلت في التعامل مع الهجمات المرتدة وجاءت تمريرات غالبية اللاعبين خاطئة في كثير من الأوقات... ورغم أنّ خط دفاعها كان صلباً في الشوط الأوّل، بيد أنه انهار في الشوط الثاني، وبانت المساحات أكثر من مرّة والتي استغلتها إسبانيا فوراً مدركةً التفوّق في النهاية.

"النحس" يلازم الإنكليز ذهنياً
من الواضح أنّ المنتخب الإنكليزي يعيش فترة سيئة على المستوى الدولي، والضغط الإعلامي والجماهيري عليه يُخرجه ذهنياً من الحسابات.

لطالما وصف منتخب "الأسود الثلاثة" بـ"المنحوس"، حاله حال لاعبه وهدافه المخضرم هاري كاين، الذي لم يعرف بعد طريقه إلى الألقاب رغم بلوغه الـ30 من عمره. منتخب "منحوس" فعلاً، فدائماً ما تمتلك إنكلترا أفضل النجوم والعناصر، لكنها تفشل في أسلوب اللعب الجماعي على المستوى الدولي، وهو الأمر الذي يتواصل معها في كل نسخة من كأس العالم وأمم أوروبا، بانتظار حضورها في كأس العالم 2026.

ذهنياً، إنكلترا كانت خارج المباراة أمام إسبانيا، كما في كل مرّة، ولم تعرف كيف تتعامل مع الضغط، ودخلت إلى اللقاء مدركةً مسبقاً أنها لن تُحقق اللقب، وهو الأمر الذي بدا من خلال المستوى الذي قدّمته على أرض الملعب.

العامل الذهني والنفسي مهمّ جداً في لقاءات كهذه، وهو الامتحان الذي ترسب فيه إنكلترا في كل بطولة.

اللعب الجماعي هو الحل
إذا أردنا مقارنة قائمة منتخب إنكلترا بقائمة منتخب إسبانيا، فنجد أنّ العناصر التي يمتلكها ساوثغيت أفضل من ناحية الأسماء والنجومية، ودكة بدلائه أقوى. لكن على أرض الملعب كان الوضع مختلفاً. ليس فقط في المباراة النهائية، بل في كل مباريات البطولة.

كل الترشيحات قبل انطلاق يورو 2024 جاءت في صالح إنكلترا أكثر من إسبانيا، لكنّ الكلمة الأخيرة كانت على أرض الملعب. كرة القدم التي يقدّمها رجال دي لا فوينتي ممتعة وقوية وسريعة. فهو لا يعتمد على "النجم الواحد" في الفريق، ولا على هداف واحد، بل على منظومة كاملة متكاملة تساعد بعضها البعض من أجل الخروج بالنتيجة المطلوبة. وهذا ما تتطلّبه كرة القدم. النجاح دائماً للفريق الذي يلعب كرة قدم جماعية متماسكة، وليس للفريق الذي يمتلك نجوماً كثراً تُقدّر قيمتهم السوقية بالملايين.

إنكلترا تفشل مجدّداً في تقديم كرة قدم جماعية متكافئة وممتعة ومرعبة للخصوم. صحيح أنها ملقبة بـ"الأسود الثلاثة"، لكنها تثبت مرّة جديدة أنها "أسود بلا أنياب".

اقرأ في النهار Premium