سيد محمد
ألقت إسبانيا كرة القدم في وجه مخترعيها، وتُوّجت للمرّة الرابعة ببطولة كأس أمم أوروبا على حساب إنكلترا، من خلال الانتصار عليهم بهدفين مقابل هدف في النهائي. وحدث ذلك لأنه لم يكن هناك منافس يتمتع بسحر أكبر من فريق المدرب لويس دي لا فوينتي خلال البطولة، ولم يسبق أن كان هناك بطل سجّل المزيد من الأهداف (15)، وحقق 7 انتصارات متتالية، 4 منها ضدّ أبطال العالم، ليُتوّج باللقب في النهاية، وتذهب البطولة لـ"الماتادور" عن جدارة واستحقاق.
عرفت إسبانيا كيف تدير مباراة مرهقة منذ البداية ضدّ إنكلترا التي اخترعت كرة القدم، وكيف تسيطر على اللقاء بأكمله، لتستمر عقدة الإنكليز من دون لقب للبطولة طوال تاريخهم، ويستمر "النحس" ملازماً لهاري كاين ورفاقه، فمنذ 58 عاماً، لم يحصد "الأسود الثلاثة" أي ألقاب، وتحديداً منذ التتويج بلقبهم الوحيد كأس العالم 1966.
سيطرة إسبانية على القارة العجوز
واصلت إسبانيا السيطرة على القارة الأوروبية برفقة أنديتها، فمنذ 22 عاماً، وتحديداً منذ عام 2002، ووفقاً لشبكة "أوبتا" العالمية المختصة في إحصائيات كرة القدم، فمنذ نهائي دوري أبطال أوروبا 2002، لعبت الفرق الإسبانية والمنتخب الإسباني في 23 نهائياً كبيراً (دوري أبطال أوروبا، كأس الاتحاد الأوروبي، الدوري الأوروبي، كأس العالم، بطولة كأس أمم أوروبا) ضدّ فرق غير إسبانية، وفازوا باللقب في 23 مناسبة.
ويدعو هذا الرقم المثير للدهشة للتأمل، وكيف سيطرت إسبانيا على القارة العجوز لمدة 22 عاماً، ونجحت في تحقيق العلامة الكاملة في كل النهائيات التي خاضتها ضدّ فرق غير إسبانية، والتربّع على عرش القارة الأوروبية.
إسبانيا تفعل كل شيء في النهائي
رغم ما فعلته إسبانيا طوال البطولة، والذي جعل الجميع يتمنى مشاهدتها وهي تحمل الكأس في النهاية، فقد واصلت الأداء الملحمي في النهائي لتتفوّق على المنتخب الإنكليزي بجدارة خلال المباراة النهائية التي جمعتهما على الملعب الأولمبي في العاصمة الألمانية برلين.
صنعت إسبانيا 14 فرصة مقابل 5 فقط لإنكلترا، وقدّمت أفضل كرة قدم في البطولة، ونجح المدرب دي لا فوينتي في تحويل كتيبته إلى فريق يتمتع بمرونة هائلة بين الاستحواذ واللعب المباشر والهجمات المرتدة، وهو ما أربك حسابات كتيبة المدرب غاريث ساوثغيت، التي بدت ضعيفة للغاية، لا سيما بعد استقبال الهدف الأول منذ بداية الشوط الثاني عبر نيكو ويليامز.
لم تظهر أنياب المنتخب الإنكليزي إلّا في هدف التعادل فقط الذي جاء عبر البديل كول بالمر قبل النهاية بربع ساعة، وفي بقية المباراة استمر الاستحواذ إسبانياً، إلى جانب سيل من الهجمات على مرمى "الأسود الثلاثة".
إنكلترا فريق قوي بلا هوية
تميّزت كتيبة المنتخب الإنكليزي في البطولة بالعديد من الأسماء اللامعة، لكنّ المدير الفني غاريث ساوثغيت لا يعرف كيف يصنع طريقة لعب مميّزة وهوية واضحة من لاعبين أصحاب جودة كبيرة، على غرار هاري كاين وجود بيلينغهام وفيل فودن وبوكايو ساكا وديكلان رايس وغيرهم.
وتلعب إنكلترا بأكثر من طريقة لعب في المباراة الواحدة، فعلى الورق تلعب 3-4-2-1، لكنها تتحوّل أحياناً إلى 4-2-3-1 وفي بعض الأحيان تدافع بطريقة 4-4-2، وكل هذه التكتيكات لا تفيد الفريق بشيء، بل تؤثر عليهم سلباً، ويظهر بعض اللاعبين تائهين في الملعب.
واستمر ساوثغيت في عناده ضدّ بعض اللاعبين، والتصميم على الكتيبة الأساسية التي خاضت غالبية مباريات البطولة. فعلى سبيل المثال، كول بالمر الذي أحرز هدف الفريق في النهائي ظل على مقاعد البدلاء لحين جاء دوره للمشاركة، ولم يتجرأ المدرب في الدفع به أساسياً على حساب ساكا أو فودن أو حتى هاري كاين الذي ظهر بأداء سيئ.
دفاع ملحمي للإسبان
لم يكن المنتخب الإسباني رائعاً هجومياً فقط خلال المباراة النهائية، بل كان دفاعياً أيضاً، ونجح خلال المباراة في اللعب بمساحات ضيّقة للغاية، ولا يعطي للإنكليز أي فرصة أو متنفس بتقارب الخطوط، لذا ظهر الهجوم الإنكليزي في حالة شلل تام خلال المباراة.
وفي والوقت نفسه، عاب على إنكلترا في نهائي اليورو ضعف وسط الميدان، فهذه كانت أسوأ مباراة لكوبي ماينو الذي استمر في الأداء الدفاعي الجيّد، لكنه لم يكن على نفس جودة وسط إسبانيا، والأمر نفسه بالنسبة إلى ديكلان رايس، الذي لم يتمكن من السيطرة على المباراة بسبب التمريرات غير المؤثرة.