مابيل حبيب
هيمنت الولايات المتحدة الأميركية على الألعاب الأولمبية على مرّ التاريخ، حيث تتصدّر قائمة الدول بعدد الميداليات، مع حصدها أكثر من 2600 ميدالية ملوّنة أمام روسيا الثانية وألمانيا الثالثة.
لا مجال للمقارنة بين الولايات المتحدة وبقية الدول في الألعاب الأولمبية، فهي تتفوّق بشكل ساحق على الجميع وفي مختلف الرياضات. على الصعيد الجماعي، تتألّق الولايات المتحدة بألعاب البيسبول وكرة القدم الأميركية وكرة السلة وغيرها... أما على الصعيد الفردي، فهي تمتلك مواهب لطالما تألّقت في مختلف الألعاب وفرضت نفسها على الساحات الدولية، في بطولات عدة وتحديداً في الألعاب الأولمبية.
استضافت الولايات المتحدة الألعاب الصيفية 4 مرّات، أعوام 1904 و1932 و1984 و1996، وهي تتطلّع لاستضافة الدورة المقبلة عام 2028 أيضاً. ومَن أفضل من صاحبة الرقم القياسي لاستقبال هذا العرس الرياضي؟ لكن قبل الاستضافة الخامسة، تسعى الولايات المتحدة لتأكيد تفوّقها وهيمنتها في أولمبياد باريس 2024، إذ تشارك في مختلف الألعاب مع رياضيين مستعدين للمنافسة وحصد الميداليات لإبقاء بلادهم في القمة.
ومع غياب روسيا، أبرز منافسي الولايات المتحدة في الألعاب الأولمبية، يبدو أنّ الأخيرة ستكون مرتاحة إلى حدّ كبير للحفاظ على صدارتها وتفوّقها. فبعد الحرب على أوكرانيا، مُنعت روسيا من المشاركة في مختلف الرياضات، ثم أصبحت تخوض بعضها تحت علم محايد، لكن في باريس 2024، ستتواجد بشكل خجول في بعض الرياضات تحت علم محايد، وهو الأمر الذي سيُسهّل أكثر مهمّة الولايات المتحدة في المسابقة.
تاريخ كبير
إذا أردنا أن نتحدّث عن تاريخ الولايات المتحدة في الألعاب الأولمبية، فلن نتمكن من كتابة الإنجازات في سطور، لأنها لطالما امتلكت أقوى الرياضيين في مختلف الرياضات والألعاب.
أوّل بطل يأتي إلى ذهن أي متابع للألعاب الأولمبية هو السبّاح الأسطورة مايكل فيلبس، الذي يحمل الرقم القياسي بعدد الميداليات في الألعاب الأولمبية برصيد 28 ميدالية (23 ذهبية و3 فضية و2 برونزية)، ما عدا الميداليات والإنجازات التي حققها في ألعاب وبطولات أخرى.
من أشهر أقوال فيلبس: "لا يمكنك أن تضع حدوداً لأي شيء، عندما تحلم أكثر، تذهب إلى مكان أبعد". وهو فعلاً ما أنجزه في السباحة، ولم يتمكن أحد من منافسته لا في جيله ولا في أجيال أخرى.
رياضيون كثر تألقوا بفريق الولايات المتحدة على مرّ التاريخ، أمثال جيني تومسون ومات بيوندي وراي أوري ومارك سبيتز وأليسون فيليكس وغيرهم... حصدوا ميداليات عدة ووضعوا بلادهم في المقدمة.
15 رياضة تتصدّر فيها الولايات المتحدة الألعاب الصيفية بعدد الميداليات، وهي تتطلع لتحقيق المزيد في أولمبياد باريس 2024 وتحطيم أرقام جديدة.
حاضر واعد
مما لا شك فيه، أنّ حاضر الولايات المتحدة سيكون واعداً مع أبرز الرياضيين وفي مختلف الألعاب. لأنّ هذه البلاد تستعد في كل مرّة لهذه المنافسات ولا تهمل أي لعبة فيها، باستثناء بعض الألعاب التي يكون حضورها فيها "عادياً". إلّا أنه من الصعب ألّا نجد الولايات المتحدة تنافس في كل المجالات طوال فترة الحدث الكبير.
الآن، تسعى الولايات المتحدة لإحراز الكثير من الميداليات مع رياضيين ورياضيات واعدين وواعدات.
بدايةً مع البطلة في الجمباز سيمون بايلز (27 عاماً)، التي تمتلك 4 ذهبيات وفضية وبرونزيتين. هي تلعب مع فريق الولايات المتحدة منذ عام 2012، وتأمل بلادها بأن تتألّق في باريس وتُحرز المزيد من الميداليات.
والجدير ذكره، أنّ بايلز التي تُعدّ أفضل لاعبة جمباز في التاريخ، عادت إلى المسابقات في آب (أغسطس) 2023، بعد عام من التوقّف، بعد انهيارها في أولمبياد طوكيو، حيث انسحبت من مسابقات عدة صيف 2021، لوقوعها ضحية مشكلات نفسية و"تويستيز" (فقدان التوازن خلال الدوران في الهواء).
حققت بايلز عودة استعراضية إلى الساحة الدولية في بطولة العالم للجمباز في تشرين الأوّل (أكتوبر) 2023 حيث حصدت 4 ذهبيات.
هي أسطورة في الجمباز، لكن أي رياضي معرّض للوقوع في مشكلات خارجة عن إرادته، لهذا هي تبحث الآن عن تعويض كل ما فاتها في ألعاب باريس والعودة مجدّداً إلى مكانها الطبيعي في القمة.
من جهتها، تأمل السبّاحة البارالمبية جيسيكا لونغ (32 عاماً) في تحقيق المزيد من الميداليات، إذ تمتلك حالياً 16 ذهبية و8 فضيات و5 برونزيات، وهي لم تكتفِ بهذا القدر، حيث تتطلع لفرض نفسها على الساحة مرّة أخرى في باريس.
خاضت لونغ رياضات عدة في مسيرتها، مثل الجمباز وكرة السلة، لكنها ركّزت كل اهتمامها على السباحة أخيراً، الرياضة التي تعلّمتها في حوض السباحة لدى أجدادها.
أما البطلة الأخرى في السباحة، كايتي ليديكي (27 عاماً)، فهي تريد أيضاً أن تؤكّد وجودها القوي في باريس، إذ سبق لها أن أحرزت 7 ذهبيات و3 فضيات سابقاً.
هدف ليديكي الأساسي في باريس أن تكتب التاريخ وأن تصبح أوّل سباحة تُحرز ذهبيات في 4 نسخ متتالية في نفس السباق (800م حرّة).
علماً أنها في عام 2023، حصدت لقبها الـ16 الفردي في بطولة العالم، أكثر بلقب من حامل الرقم القياسي مواطنها الأسطوري مايكل فيلبس.
لا منافسة في كرة السلة
لا يوجد أي منتخب قادر على منافسة المنتخب الأميركي لكرة السلة في الألعاب الأولمبية. كيف لا وهذه البلاد تمتلك أفضل دوري في العالم، وهو الدوري الأميركي للمحترفين "ان بي أيه".
لم يتمكن أحد من الاقتراب من مستوى الولايات المتحدة في هذه اللعبة، فهي تنفرد بالرقم القياسي لعدد الميداليات، مع 16 ميدالية ذهبية وفضية وبرونزيتين. أما منتخب السيّدات، فلا يختلف الوضع لديه، إذ يتصدّر القائمة برصيد 9 ذهبيات وفضية وبرونزية.
دائماً ما تصبّ الولايات المتحدة اهتمامها على الألعاب الأولمبية أكثر من كأس العالم بهذه اللعبة. وبعدما حلّت في بطولة العالم الأخيرة في المركز الرابع، صمّمت الولايات المتحدة على الدخول إلى أولمبياد باريس بكامل أسلحتها، وسيكون من الصعب على أي منتخب آخر منافسة هؤلاء النجوم.
ستكون مهمّة المدرب ستيف كير كبيرة، لأن لا بديل عن الذهب مع نجوم مثل الأسطورة ليبرون جيمس وستيفن كوري وأنطوني ديفيس وكيفن دورانت وجويل إمبيد وجيسون تاتوم وغيرهم...
إذاً، تدخل الولايات المتحدة الألعاب الصيفية بباريس مع عدّة كاملة متكاملة، والأنظار كلها لديها متجهة نحو منصات التتويج، لأنها لم تهدف يوماً إلى مجرّد إثبات الحضور، بل إلى اكتساح الساحة في غالبية الرياضات.