غطست رئيسة بلدية باريس آن إيدالغو الأربعاء في المياه العكرة للسين، وذلك للتأكيد أن النهر أصبح الآن نظيفاً بما فيه الكفاية لاستضافة منافسات السباحة في الهواء الطلق خلال الألعاب الأولمبية التي تحتضنها العاصمة الفرنسية اعتباراً من 26 الحالي.
واضعة نظارات واقية وبدلة مبللة، سبحت ابنة الـ65 عاماً صدراً قبل أن تغمر وجهها وتبدأ في الزحف الأمامي لمسافة بلغت قرابة 100 متر ذهاباً وإياباً.
وانضم إليها مسؤولون محليون كبار على رأسهم توني إستانغيه، الفائز بثلاث ميداليات ذهبية أولمبية في التجديف والذي يرأس حالياً اللجنة المنظمة لألعاب باريس، وذلك بعدما سبقتهم إلى ذلك السبت وزيرة الرياضة والألعاب الأولمبية أميلي أوديا-كاستيرا.
وقال استانغيه "اليوم هو تأكيد على أننا وصلنا بالضبط إلى المكان الذي أردنا أن نكون فيه. نحن الآن على استعداد لتنظيم الألعاب في نهر السين".
ويحتضن الممرّ المائي الشهير حفل الافتتاح في 26 تموز (يوليو)، وذلك في سابقة لأنها المرة الأولى التي تفتتح فيها الألعاب الصيفية خارج الملعب الرئيس.
كما سيستضيف السين سباقات السباحة في المياه المفتوحة وجزء من سباق الترياثلون.
وبسبب قوّة التيارات المائية التي خالفت التوقعات في هذه الفترة من العام، ألغى المنظمون الشهر الماضي أول جلسة تدريب كاملة لحفل الافتتاح بمشاركة جميع القوارب النهرية البالغ عددها 85 والتي ستحمل الرياضيين على طول المسار الممتد ستة كيلومترات.
وقال جان-ماري موشيل، المتخصّص في دراسة المياه وتوزيعها فوق الأرض وصفاتها وخصائصها الطبيعية والكيميائية وتفاعلها مع البيئة والكائنات الحية، لوكالة فرانس برس "إذا كان التدفّق سريعاً جداً، سيشكل مشكلة خطيرة لحفل الافتتاح".
وفي الرابع من الشهر الحالي، أفادت بلدية المدينة أن مستويات بكتيريا الإشريكية القولونية (إي كولاي) في منطقة السباحة الأولمبية بوسط باريس قد انخفضت إلى الحدود المقبولة لمدة أربعة أيام.
لكن في الأسبوع قبل الماضي، كانت مستويات الإشريكية القولونية، وهي بكتيريا تشير إلى وجود مادة برازية، أعلى من الحدود العليا.
في إحدى الفترات، كانت مستويات الإشريكية القولونية أكثر بعشرة أضعاف من الحد المقبول بسبب هطول أمطار غزيرة خلال الشهرين السابقين ما أدى إلى مخاوف بشأن استضافة المسابقات الأولمبية.
ومن المقرّر أن يتم استخدام نهر السين في مرحلة السباحة لمسابقة الترياثلون أيام 30 و31 تموز (يوليو) و5 آب (أغسطس)، بالإضافة إلى السباحة في المياه المفتوحة يومي 8 و9 آب (أغسطس).
وأنفقت السلطات الفرنسية 1.4 مليار يورو (1.5 مليار دولار) في العقد الماضي لمحاولة تنظيف النهر من خلال تحسين نظام الصرف الصحي في باريس، فضلا عن بناء مرافق جديدة لمعالجة المياه وتخزينها.
وتسبّبت الأمطار الغزيرة في شهري أيار (مايو) وحزيران (يونيو) في مشاكل تلوّث كبيرة.
ورغم الجهود والأموال الطائلة التي أنفقت، ما زال تأثير العواصف كبيراً على شبكة مياه الصرف الصحي التي يعود تاريخ بعضها إلى القرن التاسع عشر، ما يؤدّي إلى تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة مباشرة في النهر.
واضطرت إيدالغو التي ترغب في إنشاء أماكن عامة للسباحة في النهر العام المقبل، إلى تأجيل نزولها شخصياً في النهر الشهر الماضي لإثبات نظافته، قبل أن تقوم بهذه الخطوة الأربعاء.
وكان الرئيس إيمانويل ماكرون الذي وعد أيضاً بأن يسبح في النهر، غائباً عن هذه الحملة التطمينية لانشغاله بأزمة سياسية ناجمة عن قراره الدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة الشهر الماضي.