جاءت المقابلة في كرة الماء بين السوفيات والمجريين ضمن دورة ملبورن الأولمبية عام 1956 ساخنة، وكانت معركة مائية في الحوض حيث لم تفز المجر 4-0 فقط، بل كسبت سمعة ودعاية دوليتين تخطتا البعد الرياضي للمناسبة.
وكانت نفوس المجريين مشحونة وتريد الرد بأي وسيلة على "الأخ الأكبر" الذي غزا بلدهم بنحو 200 ألف جندي ودخل عاصمتهم بودابست في 24 تشرين الأول (أكتوبر).
وحضرت بعثة المجر إلى ملبورن من دون أن تنجز استعداداتها، وفي طابور العرض وضع أفرادها شريطاً أسود على علمهم.
وقبل "المنازلة المائية"، رفض المجريون مصافحة منافسيهم، لكن الحقيقة المرّة في العلاقة المتأزمة بين الطرفين انفجرت لاحقاً وكان مسرحها حوض كرة الماء، حيث تواجه منتخباهما في مباراة تحوّلت إلى ملاكمة مائية صُبغت بالدم.
ونشب الاشتباك في الدقيقة 12 من المباراة عندما تقدم المجريون 4-0، وكانت المدرّجات تغلي بغالبية من مواطنيهم يصرخون "ليعود الروس إلى بلادهم"، وترد الأقلية "إنكم فاشيون".
ويبدو أن حكم المباراة السويدي سام سوكرمان توجّس شراً من اللقاء، فطلب من الطبيب المناوب يونغ كيرسي أن يتواجد في الحوض لمساعدته حين تدعو الحاجة.
وصدقت توقعاته حين وجّه فلاديمير بروكوف لكمة "جارحة" إلى أرفين زادور، ولما صبغ دمه مياه الحوض هاج الجمهور وصرخ "قتلوا زادور"، علماً أنه أصيب بجرح بسيط فوق حاجبه.
وتحوّل اللقاء سريعاً إلى تبادل للكمات بين تسديد الكرة وتمريرها، ما اضطر الحكم سوكرمان إلى ايقاف المباراة قبل انتهائها.
وخسر منتخب الاتحاد السوفياتي "النزال"، وقيل إن "المحتل نال جزاءه"، علماً بأن الحادث طوّق خشية أن يترك تداعيات كبيرة تؤثر على مسار الألعاب وتعكّر المثل الأولمبية.
واحتفظ منتخب المجر باللقب الأولمبي وقد حقّقه للمرّة الرابعة بعد دورات 1932 و1936 و1952، وكان فوزه من أجل جمهورية تُنازع وبلد جريح.
ويفاخر أبطاله أمثال غيارماتي وماركوفيتش وبوروش وسيفوش وكارباتي وزادور طبعاً، بأنهم كلّلوا "معمودية الدم" بميدالية ذهبية، عقب 7 انتصارات في مقابل 6 انتصارات وهزيمة واحدة ليوغوسلافيا، و5 انتصارات و3 هزائم للسوفيات.
ولما عاد زادور إلى القرية الأولمبية، تلقى برقية دعم من شيخ أميركي قتل الشيوعيون ابنه في كوريا، وأعلن تبنيه للاعب المجري الذي رفض الفكرة والتخلي عن عاداته وبيئته.
لكن أياً من أفراد المنتخب الفائز بالذهب لم يتجرأ على الرجوع إلى ربوع المجر.