إذا كان الحديث عن الإجراءات الأمنية المشدّدة التي تتّخذها فرنسا لاستضافة الحدث الأبرز عالمياً في الرياضة، يسيطر على وسائل الإعلام العالمية والعربية، إلا أن ما يمكن أن تسجّله دورة الألعاب الأولمبية 2024 من لحظات كبرى، سيكتب تاريخاً جديداً للدولة الأوروبية، بعد استضافتها الثالثة لها.
وسائل أمنية استثنائية تتسلّح بها فرنسا لحماية الحدث الرياضي، بمشاركة عشرات الآلاف من قوات الأمن والجيش وجنود فرنسيين، وكل ذلك من أجل تفادي أي هجوم محتمل بطائرات من دون طيار، مع إغلاق المجال الجوي لمسافة تصل إلى 150 كلم حول باريس.
وعلى الرغم من التحقيقات الإدارية التي أجرتها الحكومة الفرنسية والتهديدات بإمكان حدوث عمل إرهابي، إلا أن ما ينتظر العالم من لحظات تاريخية لا يُمكن تجاهله.
نهر السين بلون جديد
مع التخوّف الكبير من نسبة التلوّث التي "تغمر" نهر السين، وبعد التأكيد الفرنسي بأن معايير النظافة أصبحت مطابقة ولا تمثّل نسبة مياه الصرف الصحي خطراً على السباحين، بات هذا المعلم السياحي الشهير اليوم منطقة تاريخية.
وسيقام حفل افتتاح الدورة الصيفية للمرّة الأولى خارج الملعب الرئيسي، بحسب إعلانات تشويقية لخطط المنظمين المذهلة التي تنتظر كل من يريد مشاهدة الحدث (500 ألف شخص).
وبدلاً من استخدام الملعب الرئيسي لألعاب القوى في العرض الافتتاحي، كما هي العادة، نقل المنظمون الحدث إلى خارجه وتحديداً إلى قلب العاصمة، تماشياً مع شعار "الألعاب مفتوحة على مصراعيها".
مساواة بين الجنسين
بعدما كان يُنظر للألعاب الأولمبية على أنها "احتفال بقوّة الرجال"، تبدّلت الحال اليوم، وأصبحت المساواة بين الجنسين في المنافسات عنواناً بارزاً للمرة الأولى في دورة باريس، بعد مرور 128 عاماً على دورتها الأولى.
ويأتي هذا القرار نتيجة للارتفاع المتزايد لمشاركة الإناث في كل دورة ألعاب، ما يعكس الاتجاهات المجتمعية الأوسع في معظم أنحاء العالم، حيث وصلت نسبة مشاركة النساء إلى 44 في المئة خلال أولمبياد 2012، ثم ارتفعت إلى 48 في المئة في أولمبياد 2021.
ولن يتساوى عدد الرجال والنساء المشاركين في أولمبياد باريس فحسب، بل ستُعطى أهمية أكبر للأحداث النسائية، مثل ترشيح اثنين من حاملي العلم في حفل الافتتاح (رجل وامرأة) لكل اتحاد وطني.
أكبر تغطية تلفزيونية
يترقّب الناس عموماً وعشاق الرياضة بشكل خاص انطلاق حفل الافتتاح، لكن هذه المرة سيكون أقرب إليهم، بعدما أكدت وحدة خدمات البث الأولمبية أن الحفل سيحظى بأكبر تغطية تلفزيونية مباشرة على الإطلاق.
وسيُنشر أكثر من 100 نظام كاميرا بينها الأنظمة الآلية والرافعات، بالإضافة إلى 200 هاتف ذكي على القوارب لتقديم منظور فريد للحفل، الذي يتوقّع أن يصل إلى نحو مليار مشاهد.
بذلة تكنولوجيّة للسبّاحين
أحدث بذلات السباحة المتطوّرة تكنولوجياً ستكون حاضرة ليتسلّح بها السبّاحون في الحوض، في خطوة ابتكارية استثنائية يتوقّع أن تحدث الفارق في رياضة السباحة.
مدفوعة بالتكنولوجيا المُستلهمة من السفر الفضائي، تعد البذلة الأكثر قدرة على الإطلاق على منع امتصاص المياه.
وسيتم ارتداء هذه البذل من قبل أفضل السبّاحين والسبّاحات، الذين يسعون جاهدين إلى تقليص كل واحد في المئة من الثانية من أوقاتهم.
سقف زجاجي ضخم
ستكون منافسات المبارزة والتايكواندو غير عادية في هذه الدورة، إذ ستقام في القصر الكبير تحت سقفه الزجاجي الضخم.
وبُنيَ القصر من الحجر والزجاج والفولاذ، ويُشتهر بمعارضه الفنية، الحفلات، عروض الأزياء وفعاليات الطهي.
وتطلّب بناء القاعة الواسعة، الخالية من الأعمدة الوسطى والمغطاة بسقف زجاجي بإطارات أنيقة من اللون الأخضر، أكثر من 6 آلاف طن من الفولاذ.
ساعات قليلة وتفتتح دورة الألعاب الأولمبية بشكل رسمي، ويبقى الأهم بالنسبة إلى المنظمين أن تنتهي من دون أي خسائر في الأرواح.