يُعدُّ "برج إيفل رمز باريس وفرنسا، وهو النصب التذكاري الأساسي الذي لا بدّ من زيارته عندما نتواجد في مدينة الأضواء". بهذه الطريقة يعرف الموقع الرسمي لهذا المعلم العالمي مكانته بالنسبة للعاصمة والبلد بأكمله.
لكن في أولمبياد باريس الذي انطلق الجمعة ويستمر حتى 11 آب/أغسطس، تحول هذا المعلم الذي "يتمتع بتاريخٍ رائع يمتدّ إلى أواخر القرن التاسع عشر" إلى أبرز ملاعب النسخة الثالثة والثلاثين من الألعاب الصيفية وربما أفضل ملعب في تاريخ الألعاب الحديثة بحسب البعض.
أمام البرج الذي صمّمه المهندس غوستاف إيفل وكان الهدف الأصلي منه منشأة موقتة لمعرض باريس العالمي لعام 1889 احتفالاً بالذكرى المئوية للثورة الفرنسية، تم استحداث ملعب للكرة الطائرة الشاطئية. لكنه ليس كالملاعب الأخرى بل "إنه مذهل بصراحة. لا يمكن لأي شيء أن يتفوق عليه" بحسب ما قالت الفائزة بفضية طوكيو قبل ثلاثة أعوام الأسترالية تاليكا كلانسي بعد الفوز وشريكتها مارياف أرتاشو ديل سولار على الصينيتين شين شو وشينيي شيا 2-1 الإثنين في منافسات المجموعة الثانية.
وتابعت كلانسي وفق ما نقل عنها الموقع الرسمي للألعاب "سأكون أكثر من سعيدة بالقول للرياضيين في الرياضات الأخرى إننا نملك بالتأكيد أفضل ملعب".
وحتى أن إحدى أبرز المنافسات لكلانسي على الذهب الأولمبي ذهبت أبعد من ذلك، والحديث هنا عن الأميركية تارين كلوث المصنفة ثانية عالمياً بصحبة شريكتها كريستن نوس، إذ قالت بعد اختبار اللعب ليلاً أمام البرج وأضوائه الرائعة حيث فازت وشريكتها على الفريق الكندي 2-0 في المجموعة ذاتها، "إنها المرة الأولى لنا (في الألعاب) لكن يمكنني القول من دون تردد إنه الأفضل".
وتابعت "يا إلهي، كان الأمر ساحراً، لاسيما بعدما هبطت الأضواء (على الملعب). تشعر الذهول لدى دخولك إلى المكان ورؤية جميع المشجعين والاستماع إليهم. ثم تمكنت من رؤية عرض الأضواء والهواتف (التي أضاءها المشجعون) وكل شيء معاً، كان أمراً لا يصدق".
وختمت "يا لها من طريقة لبدء المباراة".
"هذا ما تُصنع منه الأحلام"
شريكتها نوس ليس واثقة ما إذا كانت الميدالية الذهبية ستتفوق على تجربة ليلة السبت، قائلة "هذا ما تُصنَع منه الأحلام. الجلوس هناك ورؤية برج إيفل يلمع. رؤية جميع المصابيح الكهربائية من حولنا تضيء".
وتابعت "ستظل هذه الذكرى مطبوعة في ذهني إلى الأبد. سيكون من الصعب بالتأكيد التغلب عليها".
حتى الطقس الماطر الذي عكّر الافتتاح الرائع للألعاب على نهر السين وأثر على المباريات الأولى لمسابقة كرة الطائرة الشاطئية لم يخفف من حماس الرياضيين.
وقال لاعب الفريق الكوبي خورخي لويس ألايو مولينر الذي فاجأ وشريكه نوسلن دياس الفريق الأميركي السبت في المجموعة الرابعة لمنافسات الرجال (2-0)، إنه "من الرائع اللعب في هذا الملعب. إنه الأكبر الذي لعبت فيه على الإطلاق. من المميز جداً أن تلعب وبرج إيفل في الخلفية. الجمهور هنا، كان الملعب ممتلئاً تقريباً حتى تحت المطر".
بالنسبة للاعب المغربي زهير الجروي الذي خسر وشريكه محمد عبيشة المباراة الأولى في المجموعة الرابعة ضد الفريق البرازيلي 0-2، "لن يصدق الناس في الوطن أننا نلعب الكرة الطائرة الشاطئية تحت برج إيفل. إنه أفضل مكان لعبت فيه على الإطلاق".
لكن العواطف واللعب أمام الرمز الوطني والجمهور المحلي تركوا أثرهم على الفرنسية ألين شامرو التي خسرت وشريكتها كليمانس فييرا أمام الفريق الألماني 0-2، إذ قالت "انتظرت (خلال الإرسال) كي ينتهي (الجمهور من أداء النشيد الوطني). كنت أرتعش، خالجني الكثير من المشاعر. كان الأمر جنونياً".
وأقرت "من المؤكد أن ذلك يؤثر علينا (سلباً). نحتاج إلى تعلم كيفية استغلال هذه الطاقة".
والأولمبياد الباريسي فريد من نوعه حقاً، إذ اختار المنظمون بعض المواقع الأيقونية لإقامة المنافسات، بينها أيضاً ميدان الكونكورد المشهور بمسلّته التي تعود إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد والذي يستضيف مسابقات الرياضات الحضرية الحديثة: دراجات "بي أم إكس" فري ستايل، رقص الـ"بريك دانس"، التزلّج على الألواح وكرة السلة 3×3.
أما قصر فرساي، الوجهة مفضّلة لدى السياح ورمز البذخ الملكي ومحفل الدبلوماسية، فيشكل المسرح الفاخر لمنافسات الفروسية، فيما يحتضن القصر الكبير "لو غران باليه" مسابقات المبارزة والتايكوندو.