محمد نجيب
عندما نتحدث عن كرة القدم فإننا لا نتحدث فقط عن رياضة يتابعها المليارات عبر العالم وتجمع الشعوب، بل نقول إن لها لغة يفهمها كل البشر، ولا يقتصر تأثيرها رياضياً فحسب، ولكن أصبحت صناعة واستثماراً يضخ مليارات الدولارات في موازنة البلدان، ناهيك عن تأثيرها الاجتماعي والسياسي، حتى أصبحت اللعبة الشعبية الأولى والأكثر متابعة والأعلى تأثيراً طوال العام، اذا استثنينا الفترة من 26 تموز (يوليو) الى 11 آب (أغسطس)، وهي مدة دورة الألعاب الأولمبية الصيفية المقامة حالياً في باريس، حيث الشغف والصخب لكرة القدم (وبخاصة في البطولات القارية والدولية او المسابقات المحلية)، الذي يتراجع في مقابل رياضات أخرى تستحوذ على اهتمام أكبر، حيث تنتظر أغلب شعوب العالم إقامة دورة الألعاب الأولمبية للاستمتاع بخليط ممتع من رياضات متنوعة، تتنافس الدول في ما بينها على التاج الأولمبي تحت شعار "الأقوى والأسرع والأعلى"، على الرغم من أن كرة القدم، سواء للرجال او للسيدات، من الرياضات المتواجدة في الألعاب الأولمبية، لكنها لا تحظى بالتنافس المثير اللازم، حيث يستحوذ اهتمام الشعوب على الرياضات الفردية والشعبية التي يصل عددها الى 32 رياضة، وهو نفس الاهتمام الرسمي والحكومي.
"لماذا كرة القدم؟"
هناك أسباب كثيرة تجعل من كرة القدم الرياضة الأقل اهتماماً بين عدد من الرياضات الأخرى في دورات الألعاب الأولمبية الصيفية، ومن ضمن الأسباب، أنه منذ دورة برشلونة عام 1992 أصبحت كرة القدم للرجال، الرياضة الوحيدة التي تشترط المشاركة بفريق من لاعبين دون 23 عاماً (مع استثناء 3 لاعبين ممن تزيد أعمارهم عن ذلك العمر)، وبالتالي يكون عدد اللاعبين المحترفين "نجوم السوبر ستار " غير متواجدين، بل تشارك المنتخبات بلاعبين واعدين، كما أن المشاركة تقتصر على 16 منتخباً فقط، على عكس البطولات القارية والعالمية في اللعبة، ما يقلّل من متابعة تلك الرياضة في الأولمبياد. أما السبب الأهم، هو أن فترة البطولة ليست ضمن أجندة التوقفات الدولية للاتحاد الدولي لكرة القدم، والتي تفرض على المنتخبات المُشارِكة استدعاء لاعبيها المحترفين، بل أيضاً تأتي عقب انتهاء منافسات قارية على غرار بطولة أمم أوروبا (اليورو) وبطولة "كوبا أميركا"، لذلك نرى منتخبات إسبانيا وفرنسا والأرجنتين تشارك من دون أبرز نجومهم. وهناك أيضاً بعض البلدان تُفضّل توجيه الإنفاق على الألعاب الفردية لتحقيق مجدٍ أولمبي بدلاً من الإنفاق على رياضات جماعية مجموع ميدالياتها الذهبية واحدة للرجال وأخرى للسيدات، بينما تتجّه الدول العظمى في الرياضة الجماعية الأخرى، مثل كرة السلة وكرة اليد والكرة الطائرة، للمشاركة بالمنتخب الأول وكامل محترفيهم (تسمح لهم اللائحة ما لا تسمح به لكرة القدم).
هنا تصبح أهمية كرة القدم في فترة دورة الألعاب الأولمبية مماثلة لأي لعبة لها ميدالية واحدة فقط، وتصل المنافسة عليها في المراحل الختامية، على عكس كرة اليد مثلاً التي تتسم مبارياتها بالقوة والندية من بداية المنافسات.
كرة القدم في باريس 2024
يشارك 16 منتخباً في منافسات كرة القدم في دورة الألعاب الصيفية المقامة حالياً في باريس، وللعرب ثلاثة منتخبات، وهي المغرب ومصر من إفريقيا والعراق من آسيا، تُقسّم المنتخبات إلى أربع مجموعات يتأهّل الأول والثاني من كل مجموعة للأدوار الإقصائية وصولاً للدور النهائي.
يضع العرب آمالهم على الثلاثي المشارك في تحقيق أول ميدالية اولمبية عربية في كرة القدم، حيث لم يسبق للعرب التتويج مسبقاً، وقد تعاظم الحلم في بداية تبشّر بفوز المغرب على الارجنتين "المتوّجة مرّتين بالذهب آخرهما في بكين 2008"، وانتصار العراق على أوكرانيا، وانتصار مصر على أوزبكستان، بينما تسعى فرنسا للاستفادة من عاملي الأرض والجمهور والتتويج بالذهبية الثانية تاريخياً لها في اللعبة، وتعزيز ترتيبها في جدول الميداليات، أما إسبانيا فتأمل في مواصلة الألقاب وتعزيز لقبها الرابع في اليورو بالتتويج بميدالية ذهبية ثانية تاريخياً.
تاريخ كرة القدم في الأولمبياد
كرة القدم من الرياضات الأساسية في الألعاب الأولمبية، وكانت متواجدة عبر التاريخ ما عدا في دورتي عام 1896، واقتصر وقتها على الرياضات الأولمبية التاريخية، و1932 حيث رفض الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) المشاركة، لجذب الأنظار نحو البطولة المستحدثة وقتها، وهي كأس العالم في الاوروغواي عام 1930.
من العرب، أصبحت مصر أول منتخب يشارك في الأولمبياد والأكثر مشاركة بـ15 تأهل، ولكن 13 مشاركة فقط بعد الانسحاب مرّتين ورفض المشاركة لأسباب مختلفة.
بريطانيا العظمى والمجر الأكثر حصولاً على الميداليات الذهبية في كرة القدم، بينما نيجيريا والكاميرون من إفريقيا من تُوجّتا بالذهب الأولمبي.