آية جبر
دائماً ما تقول دول الغرب إن كل الدول العربية هي دول نامية، ومتأخّرة، ولا تستطيع مواكبة التطورات التي أحدثوها في مختلف نواحي الحياة؛ فجاء أولمبياد باريس 2024 ليبين حقيقة هذه الادّعاءات، والأكاذيب التي صدّقها العالم، وأكّدت على أننا لا يمكن الاعتماد علينا في أي مجال دولي حافل مثل تنظيم البطولات المختلفة في المجال الرياضي.
وظهرت حقيقة هذا الأمر، بعدما تعرّضت فرنسا وألمانيا للانتقادات الشديدة من قبل الجميع، سواء كانوا لاعبين أو جمهوراً، أثناء قيام الدولة الأولى بتنظيم النسخة الـ33 من دورة الألعاب الأولمبية الصيفية الحالية، وأيضاً أثناء قيام الدولة الثانية بتنظيم بطولة كأس أمم أوروبا "يورو 2024".
أولمبياد باريس يتلقّى انتقادات منذ البداية
تلقّى تنظيم النسخة الـ33 من دورة الألعاب الأولمبية الجارية حالياً العديد من الانتقادات منذ اللحظات الأولى، خصوصاً بعدما أظهر المنظّمون لوحة العشاء الأخير للسيد المسيح في وسط تلاميذه بشكل غير لائق، وطريقة توحي بالاستهزاء به، وهو ما أثار غضب جميع الديانات السماوية، سواء كانت مسيحية أو إسلامية.
وشنّ الجميع حملة شرسة على دولة فرنسا، سواء من قبل بابا الفاتيكان الذي رفض هذا التنظيم، وأدانه بالكامل، وأيضاً الأزهر الشريف الذي أصدر بياناً تضمن رفضه ظهور سيّدنا عيسى بهذا الشكل.
ولم يقتصر تنظيم هذه الدورة من الأولمبياد عند هذا الحدّ؛ بل وصل الأمر أيضاً إلى قيام فرنسا بالترويج للمثلية، وبرّرت موقفها أن هذا يُعتبر بمثابة حرّية.
وعلى الرغم من أنها زعمت أن هذه المعتقدات حرّية؛ فلماذا جرى الهجوم الشرس على لاعبة الكرة الشاطئية المصرية دعاء الغباشي، التي كادت أن تُستبعد من الأولمبياد بسبب الحجاب، وتمّ وضع شرط تعجيزي لها للموافقة على مشاركتها، والذي يتمثل في ارتداء البكيني وخلع الحجاب، وهو ما رفضته هذه اللاعبة، وقامت بحملة قوية في الإعلام الغربي، ولذلك؛ تراجعت اللجنة الأولمبية عن قرار استبعادها.
الأمراض تتفشى بين اللاعبين
ولم تقتصر الانتقادات الموجّهة إلى فرنسا عند هذا الحدّ؛ بل شملت أيضاً هجوم العديد من اللاعبين على تنظيم أولمبياد باريس، خصوصاً بعدما تفشّت الأمراض بين عدد كبير من السبّاحين الذين ظهروا في حالات تقيؤ مستمرة، بعد المشاركة في المنافسات في نهر السين، وشنّ جميع السباحين حملة قوية ضدّ النظمين؛ مؤكّدين على أن النهر ملوّث، ولا يصلح للسباحة نهائياً.
وجاء من بينهم السباحة البلجيكية جوليان فيرميولين، التي أكّدت أنها شعرت بمذاق غريب أثناء مشاركتها في سباق 1500 م للسيدات، فضلاً عن رؤية بعض الأشياء التي أكّدت على أنها لا ترغب في تذكّرها إطلاقاً، خصوصاً أنه تواجدت في النهر القمامة، وغيرها من أنواع الملوثات.
وهذا ما جعل قيام بلجيكا بالانسحاب نهائياً من المنافسات، خوفاً على جميع لاعبيها من الإصابة ببعض الأمراض، خصوصاً بعدما عانت اللاعبة كلير ميشيل من مرض شديد، ما جعل اللجنة الأولمبية تبادر إلى تأجيل الترياثلون الرجالي؛ بسبب اكتشاف سوء جودة المياه، وعدم صلاحيتها للسباحة فيها.
هذا إلى جانب اكتشاف بعض الحالات، التي بمجرّد انتهاء السباق، تعرّضت لحالات تقيؤ شديدة لعشر مرّات متتالية. فضلاً عن إعلان اللجنة الأولمبية وجود إصابات بكورونا "كوفيد 19" بين عدد من اللاعبين، والذين وصلوا إلى أكثر من 14 لاعباً ولاعبة.
فرنسا تمنع الطعام والشراب والهواء عن المشاركين
كذلك، تضمنت الانتقادات الموجّهة إلى فرنسا، والتي أكّدت فشلها في تنظيم أولمبياد باريس 2024، شكوى العديد من اللاعبين، أنها منعت عنهم الطعام والشراب، وأصبحوا يبحثون عنهما، ويسيرون مسافات طويلة خارج فنادق الإقامة لإيجادهما.
وذلك إلى جانب درجات الحرارة المرتفعة في هذا التوقيت في العاصمة الفرنسية. وعلى الرغم من ذلك؛ إلّا أن الفنادق لم يتواجد فيها أي منافذ للهواء من أجهزة تكييف أو مراوح، وهو ما جعل اللاعبين يقومون بفتح النوافذ للحصول على "نسمة هواء"، كي يستطيعوا الاسترخاء لبعض الوقت.
فضلاً عن انتشار العديد من الحشرات داخل غرف الفنادق، وفي الحمامات، والتي أظهرتها بعض الفيديوهات المنتشرة من قبل اللاعبين على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي جاء من بينها البق، وبعض الحشرات الأخرى.
حقيقة ادعاءات الغرب أنّ العرب دول متأخّرة
على الرغم من أن الادعاءات التي جاءت من قبل الغرب أن العرب دول متأخّرة ونامية؛ إلّا أن أولمبياد باريس 2024 ويورو 2024 كشفا عكس هذه الادعاءات. خصوصاً بعدما تلقّت بطولة يورو 2024 هي الأخرى العديد من الانتقادات بسبب الأمطار التي كانت تغطي أرضية الملاعب، وعدم وجود سقف يمنع تساقط المياه على رؤوس اللاعبين والمشجعين.
وإذا تحدثنا عن تنظيم الدولتين، والانتقادات التي طالت كلاً منهما، وعن تنظيم بطولة كأس العالم الماضية في قطر 2022، فنجد أن العالم الغربي الذي يزعم بأننا لا نقدر على مواكبته، هو أوّل من قام بالإشادة بتنظيم المونديال، وتداولت الصحف العالمية العديد من الأخبار التي أشادت بهذه البطولة، والتي جاء من بينها وصف إحدى هذه الصحف لمونديال قطر بأنه أفضل بطولة في القرن الـ21؛ بدايةً من حفل الافتتاح حتى المباراة النهائية، وأيضاً الملاعب، والتقنيات التي تواجدت فيها، والفنادق التي استقبلت جميع الجنسيات، وأبدى الجميع إعجابه الشديد بها لتوافر كل احتياجات المعيشة الأساسية داخلها.
وبعد كل هذه المشاهدات التي قدّمناها، فأي تقدّم تتحدث عنه دول الغرب؟ وبأي حق يتهمون العرب بأنهم متأخّرون ولا يستطيعون الإشراف على تنظيم أي محفل دولي في أي جانب من جوانب الحياة؟
ولذلك، فإنه يمكننا القول إن أولمبياد باريس 2024، وقبلها أمم أوروبا، جاءا من أجل توضيح الحقيقة الكاملة أمام العالم، والتي تتمثل في سوء تنظيم هذه الدول للمحافل المختلفة، وتفوّق الدول العربية عليهم بمجرّد تنظيم بطولة واحدة فقط. هذا إلى جانب الانتقادات التي تلقّتها فرنسا وألمانيا، واللتان تتحدثان دائماً أنهما في المقدّمة، وأنّ الدول العربية في المؤخّرة. وفي نفس الوقت، نجد أنّ الإشادات التي حصلت عليها دولة قطر أيضاً جاءت من قبل هذه الدول التي تُطلق علينا دول العالم النامي أو القديم.