النهار

الأوغندي جوشوا... جاء من وسط الغابات وسيطر على ذهب الأولمبياد
المصدر: النهار العربي
قد يكون اسم الأوغندي جوشوا تشيبتيغي ليس معروفاً لدى كثيرين، خصوصاً في الوطن العربي، بالرغم من كونه واحداً من أكبر الرياضيين في العالم في الوقت الراهن، وتحديداً في رياضة السباق لمسافات طويلة.
الأوغندي جوشوا... جاء من وسط الغابات وسيطر على ذهب الأولمبياد
الأوغندي جوشوا تشيبتيغي. (أ ف ب)
A+   A-
آية جبر

قد يكون اسم الأوغندي جوشوا تشيبتيغي ليس معروفاً لدى كثيرين، خصوصاً في الوطن العربي، بالرغم من كونه واحداً من أكبر الرياضيين في العالم في الوقت الراهن، وتحديداً في رياضة السباق لمسافات طويلة، حيث تمكّن من نيل الميدالية الذهبية في دورة الألعاب الأولمبية في النسخ الأخيرة منها، قادماً من واحدة من الدول النامية التي تُعدّ واحدة من أكثر الدول الفقيرة داخل القارة السمراء أفريقيا، والعالم أجمع، بسبب نقص مواردها، وزيادة عدد السكان فيها.

ويمكن البدء بالحديث عن العداء الأوغندي بأنه صاحب الميدالية الذهبية في أولمبياد باريس 2024 في سباق 10000 م، والذي تمكن من حصدها مؤخّراً، بعدما سجّل رقماً أولمبياً تاريخياً، حيث كان أول المتسابقين الذين تمكّنوا من اجتياز خط النهاية في هذا السباق بوقت 26:43.14 د، ليكون بذلك أسرع عداء للـ10000 م في تاريخ الأولمبياد، محطّماً بذلك أرقامه القياسية العالمية المسجّلة باسمه.

جوشوا عداء عالمي بأرقام قياسية
ولم تكن الميدالية الذهبية الأولمبية للأوغندي جوشوا الوحيدة في تاريخه، بل سبق وأن حصل عليها، ولكن في السباق الآخر، وهو الـ5000 م، بالإضافة إلى الميدالية الفضية في سباق الـ10000 م، وكلاهما في أولمبياد طوكيو عام 2021.

وبجانب الميداليات الأولمبية، فإن جوشوا هو بطل العالم في رياضة السباق لمسافات طويلة لثلاثة أعوام متتالية، ويحتفظ برقم قياسي عالمي في كلتا المسافتين، ولم يستطع أحد كسرهما حتى الآن، كما أنه تمكن من الحصول على لقب السباق الطويل لمسافة 10 آلاف م في بطولة العالم للناشئين في بداية دخوله عالم السباق.

واستمراراً لسرد أرقام الأوغندي جوشوا تشيبتيغي، فإنه قد تمكن من كسر الرقم القياسي العالمي في سباق 5000 م الذي كان مسجلّاً باسم الكيني كينينيسا بيكيلي لمدة 16 عاماً، بعدما حقّق الذهبية في هذا السباق في وقت زمني قدره 12:37.35د، والذي لا يزال مسجّلاً باسمه حتى الآن، ولم يتمكن أي عداء من كسره حتى الوقت الراهن.

الأوغندي يتخلّى عن الدفاع عن ذهبيته
وكان من المقرّر أن يشارك العداء جوشوا صاحب الـ29 عاماً في سباق الـ5000 م في أولمبياد باريس الحالي، الذي سيُقام السبت 10 آب (أغسطس)، لكن الاتحاد الأوغندي أعلن مؤخّراً أن العداء لن يخوض هذا السباق، ولن يدافع عن الذهبية الأولمبية للنسخة الثانية توالياً، بسبب رغبته في التعافي جيداً من أجل المشاركة في المسابقات القادمة، خصوصاً بطولة العالم لألعاب القوى، للدفاع عن لقبه في سباق المسافات الطويلة.

تجربة أوغندية يجب أن تُطبّق في الأراضي العربية
وفيما نسرد الأرقام القياسية التي يحققها العداء جوشوا الأوغندي، يجب أن نشير إلى نشأته البسيطة التي جاءت من وسط الغابات في وطنه، كأحد الصغار الذين ترعرعوا وسط الطبيعة، ويعشقون السباق والعدو بين أحضانها، ومنها جرى اختياره من الاتحاد الخاص، ليقوم بتمثيل بلده في المسابقات المحلية في البداية، ثم الوصول إلى البطولات القارية، ومنها إلى المحافل الرياضية الكبرى التي سيطر عليها منذ ظهوره فيها في العام الأول 2017.

ومن هنا يأتي الحديث عن الدول العربية التي يجب أن تحذو مثل هذه التجربة التي أثبتت نجاحها في العديد من الدول، خصوصاً الأفريقية، التي لا تملك الكثير من الإمكانيات لتحضير لاعبيها من أجل تمثيلهم في المسابقات الكبرى، ما جعلهم يلجأون إلى استقدام الهواة المتمرّسين في رياضة محدّدة، ثم يبدأون بتحضيرهم للمشاركة في البطولات الرسمية مع تعليمهم كافة القواعد التي يجب أن يتبعوها عند المشاركة، ومن ثم يخوضون المنافسات للاستمتاع بهوايتهم الخاصة التي اعتادوا على ممارستها بصورة مستمرّة منذ الصغر، والتي تأتي بثمارها في النهاية بالحصول على الميداليات، وتحقيق الأرقام القياسية، ولنا في جوشوا الأوغندي المثال الأكبر، ومثله الكثير من اللاعبين.

ولا تكتفي هذه الدول بتحقيق إنجاز أو آخر مع اللاعب الذي يجري اختياره، بل إنها تقدّم له العناية الصحية اللازمة، وتوفّر له المعدات والأجواء المناسبة للتدريب مع وضع الخطط لتأهيله جيداً للمنافسة في المسابقات الجديدة، مع توفير كافة المقومات اللازمة للنجاح، من أجل جلب المزيد من الإنجازات إلى بلده، وخير مثال على ذلك، هو موقف الاتحاد الأوغندي الأخير الذي قرّر عدم مشاركة جوشوا في سباق 5000 م في أولمبياد باريس 2024، وترك الدفاع عن الذهبية الأولمبية للنسخة الثانية توالياً، وذلك في سبيل الحفاظ عليه، ومن أجل التعافي للمشاركة في بطولات أخرى قادمة.

والمراد هنا، أن المسؤولين الرياضيين في مختلف الألعاب في الدول العربية يجب عليهم أن يبدأوا بتطبيق ما تفعله الدول الأفريقية الفقيرة، بالبحث عن اللاعبين الذين سيمثلونها في البطولات العالمية من قلب المدن الصغرى، حيث تُولد المواهب الحقيقية وسط الطبيعة المحيطة.

فيجري اختيار العداء من وسط الغابات والمناطق الصحراوية، والسبّاحين من البلدان الساحلية، وعلى هذا المنوال يجب اختيار جميع اللاعبين بمختلف الألعاب. وكما يُقال بالمثل الشعبي المصري "أعطي العيش لخبازه"، وليس لهؤلاء الذين يتواجدون في كبرى الأندية بوساطات أحدهم أو لأنه على مقربة من مسؤول ما، أو الذين يقدّمون أنفسهم على أنهم من كبار اللاعبين في رياضتهم الخاصة، ثم يأتون في المحافل الرياضية الكبرى مثل بطولات العالم، والأولمبياد، ولا يحققون شيئاً لبلادهم،. وربما يكون أولمبياد باريس الحالي شاهداً على ذلك، والذي لم يحقق فيه الرياضيون العرب الكثير من الميداليات حتى الآن في مختلف الألعاب الجماعية والفردية.

اقرأ في النهار Premium