هاني سكر
بدأ مدرب مانشستر سيتي بيب غوارديولا الموسم الجديد بأفضل طريقة ممكنة، بعد فوزه بالدرع الخيرية بفضل ركلات الترجيح التي منحته التفوق على مانشستر يونايتد بعد مباراة كادت أن تضيع من يده مرتين، الأولى حين منح غارناتشو الشياطين الحمر التقدم قبل 8 دقائق من النهاية، قبل أن يعادل برناردو النتيجة دقيقة 89، والثانية حين تأخر فريقه بركلات الترجيح إثر إهدار برناردو الركلة الأولى، قبل أن يضيع سانتشو الركلة الرابعة لليونايتد ويهدر إيفانز الركلة الثامنة ليسجل أكانجي بعدها ركلة الفوز لفريقه.
وعلى الرغم من أن هذا اللقب يبدو بمثابة العقدة بالنسبة للمدرب الإسباني، الذي خسر فريقه آخر 3 نسخ للدرع، فإن آخر فوز بالدرع لم يحمل بشائر خير لبيب كونه جاء ببداية موسم 2019\2020 الذي تُوج ليفربول بنهايته بلقب الدوري، إضافة لذلك لا تبدو بطولات بداية الموسم محببة لغوارديولا الذي خسر كأس السوبر الألماني 3 مرات في 3 مواسم كان فيها مع بايرن.
بعيداً عن فرحة البدايات، لا تسود أي حالة من الاطمئنان على أروقة مانشستر سيتي حول استمرار المدرب الإسباني لموسم آخر، وقد يشهد صيف 2025 إعلان بيب الرحيل بعد 9 سنوات قضاها مع سيتيزنز، وهو الرجل الذي جعل فريقه الأول بالتاريخ الذي يحقق 4 ألقاب متتالية في بريميرليغ، رافعاً حصيلته إلى 6 ألقاب بالدوري مع لقب بدوري أبطال أوروبا العام الماضي الذي شهد تحقيق سيتي خماسيةً تاريخية بالفوز بالدوري والكأس والأبطال والسوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية.
تحضيرات سيتي للموسم الجديد شهدت الكثير من الأمور الضبابية، وكثرت الشائعات حول إمكانية رحيل إيديرسون ودي بروين وبرناردو والعديد من اللاعبين الآخرين، لكن بالنهاية بقي جميع المحاربين القدماء الذين رافقوا بيب برحلة نجاحاته خلال السنوات الماضية، ولو أن بقاءهم بدا كأنه أمر مؤقت، فجميعهم مرشحون للرحيل حين ينتهي هذا الموسم، وبالتالي بصورة أخرى بدا أن بيب أراد أن يلتقط صورة تذكارية أخيرة مع نجومه المفضلين في شهر أيار (مايو) 2025 وهم يحققون آحر ألقابهم مع الفريق كونه اعتاد عدم الخروج بمواسم صفرية على اعتبار أن هذا لم يحدث معه بإنكلترا إلا بموسمه الأول في سيتي.
الشائعات حول مستقبل غوارديولا كثيرة، ولو أنه استبعد واحدة منها بالقول إنه لا يفضل العودة لبرشلونة بأي يوم من الأيام، لكن بالمقابل شهدت الأشهر الماضية تلميحات منه عن رغبته بخوض تجربة تدريب المنتخبات يوماً ما، وهو تحدٍ يبدو مؤجلاً بالنسبة لبيب إلى حين انتهاء مهمته في مانشستر، وأيضاً تحدث بيب عن مهمة لم يكملها في ألمانيا لأن بايرن هو الفريق الوحيد الذي دربه ولم يفُز معه بلقب دوري الأبطال.
مهمة بايرن غير المكتملة يتطلع لتحقيقها نسبياً من خلال فينسنت كومباني، الرجل الذي استشار بايرن بيب قبل تعيينه، لكن في الوقت ذاته، تقارير كثيرة تقول إن وجود كومبابي هناك ليس إلا مرحلة مؤقتة إلى أن يصبح المدرب الحلم بالنسبة لأولي هونيس متاحاً من جديد، فإن كان هونيس هو عراب القدوم الأول لبيب إلى بايرن، فليس مستبعداً أن يكون عراب المرحلة الثانية أيضاً بظل سيطرته على العديد من القرارات داخل النادي حتى الآن.
بعيداً عن فكرة الوجهة المقبلة، وعن مشروع مغادرة العديد من النجوم الذين بدأوا أساساً بالتقدم بالسن، يميل بيب للبحث عن التحديات دائماً، وأول التحديات التي شُطبت من قائمته هذا الموسم هو وجود يورغن كلوب، الرجل الذي قال بيب إنه بسببه تطور كثيراً لأن المنافسة ضده كانت تمثل حافزاً كبيراً بالنسبة له طوال المواسم الماضية، ورغم وجود تحدي أرتيتا، إلا أن بيب يدرك أن خصم السنوات الطويلة لم يعد موجوداً في إنكلترا اليوم، وأن كثرة الألقاب التي حققها في سيتي تدفعه ربما ليعيش مرحلة من الإشباع.
بعمر 53 عاماً يدرك بيب أن مرحلة الذروة في العطاء يصعب أن تستمر لوقت طويل جداً، ورغم الإجماع على أنه أحد أفضل مدربي كرة القدم عبر التاريخ، إن لم يكن أفضلهم، إلا أنه يعرف أن تهديدات الجيل الجديد حاضرة دوماً وعالم كرة القدم مليء دائماً بالتغيرات، لذا إن أراد خوض تحديات جديدة فعليه أن يبدأها بوقت قريب ولا يجعلها تتأخر لوقت طويل كي لا يفوته قطار العمر وتقل رغبته بالتعامل مع التغييرات.
حقق بيب نجاحاً منقطع النظير في برشلونة بعد سداسية 2009، وفي بايرن كان الرجل الذي حقق 3 ألقاب متتالية في الدوري، ومنذ رحيله لم يستمر أي مدرب لفترة 3 مواسم في بايرن، ثم جاء للسيتي ليخبر الجميع أن ما فعله فيرغسون قد يأتي مدرب إسباني ويفعله من خلال السيطرة على الدوري، والآن ربما اقتربت الرحلة من نهايتها، ومن يدري فربما علينا أن نستمتع بمانشستر سيتي بكل مباراة هذا الموسم ونراقبها بهدوء لأننا ربما نشهد على بداية النهاية لحكاية الرجل الذي هيمن على كل مفاتيح النجاح في الدوري الأصعب في العالم.