البطلة الإكوادورية لوسيا يبيز. (أ ف ب)
آية جبر
في دورة الألعاب الأولمبية التي أُقيمت في العاصمة الفرنسية باريس شاهدنا أبطالاً من كل الدول، حملوا معهم الأحلام، منهم من نجح، ومنهم من فشل، ومنهم من كانت له حكاية ورواية.
أما عن حكاية اليوم، فبطلاها من "الأميركيتين"، أولهما من الولايات المتحدة الأميركية التي عاقبها لاعبها بالفضية، بينما كانت الأخرى بطلة إكوادورية، جاءت بأحلام البسطاء، وعادت بفضية الأولمبياد.
لوسيا… بطلة رسمت أحلامها بالرصاص ولوّنتها بالفضة
لوسيا يبيز، اسمٌ لم يكن متعارفاً عليه قبل أيام قليلة، وربما لو بحثنا عنه عبر متصفح "غوغل" لما وجدنا أي نتائج، ولكن اليوم إن كتبنا اسمها فستظهر لنا نتائج البحث على أنها واحدة من أبطال أولمبياد باريس 2024، التي نجحت في الحصول على الميدالية الفضية لصالح بلدها الإكوادور بلعبة المصارعة - وزن 53 كلغ... فما قصتها؟
فاجأت لوسيا الجميع بعدما تمكنت من حصد الفضية بـ"الهرولة" تجاه مدربها الشخصي، ولكنها لم تكن تحتفل معه فقط، بل احتفلت مع والدتها التي تواصلت معها عبر الهاتف في مكالمة فيديو، لتكشف المحادثة التي دارت بينهما عن قصتها المُلهمة التي ربما يجب أن يضعها كل حالم أمامه في طريق سعيه نحو النجاح، وذلك عندما أخبرت والدتها بحصولها على الميدالية الفضية، وأنها بات بإمكانها شراء المنزل الذي لطالما حلمت به معها منذ الصغر، وأنّ كلاهما ليستا بحاجة بعد الآن إلى العمل.
وبعد هذه المحادثة، كشفت بعض الصحف الكبرى أنّ الفتاة صاحبة الـ23 عاماً، كانت تعمل منذ صغرها كبائعة أقلام رصاص، وكان حلمها أن تصبح بطلة أولمبية، ولطالما سعت من أجل تحقيق ذلك، وبالرغم من فقرها الشديد، وعدم قدرتها على توفير المقابل المادي من أجل الإعداد الجيّد للمشاركة في أكبر محفل رياضي في العالم، إلّا أنها لم تيأس أبداً، وساعدتها والدتها بكل طاقتها حتى حققت الحلم، لتؤكّد مقولة: "من جدّ وجد".
وبهذه الميدالية، دخلت لاعبة المصارعة لوسيا يبيز التاريخ من أوسع أبوابه، وتمكنت من كتابة اسمها بأحرف من ذهب في تاريخ الإكوادور كاملاً، بعدما أصبحت أوّل فتاة تحصل على ميدالية في لعبة المصارعة في البلاد، كما أنها أضافت الميدالية الأولمبية الثامنة في تاريخ بلدها.
وأصبحت لوسيا بمثابة الحكاية التي يتواجد فيها أبطال يُحتذى بهم، ويعلم الجميع أنّ الظروف حجج واهية، ومن أراد النجاح عليه أن يؤمن بنفسه فقط، ويصنع المستحيل. وحتى وإن سقط، فعليه الوقوف من جديد ومواصلة سعيه بلا توقف، ويشق طريقه نحو النجاح لاعتلاء القمة.
ماكوين ترك الذهبية من أجل الفضية!
وبينما نتكلم عن قصة بطلة سعت من أجل حلمها، وتحدّت الظروف حتى وصلت إلى مبتغاها وحققت ما لم يُحقق من قبل في تاريخ بلدها، فإنّ البطل الأميركي شيلبي ماكوين، لاعب القفز العالي، قد عاقب وطنه بسبب تعاليه، وربما يمكن أن نقول بسبب "غبائه".
تصدّر لاعب الولايات المتحدة الأميركية شيلبي ماكوين عناوين الصحف الكبرى، بعدما تساوى في عدد النقاط مع البطل النيوزيلندي هاميش كير في سباق القفز العالي، وعليه اقترح الحكم قيام اللاعبين بتقاسم الميدالية الذهبية في ما بينهما، على غرار ما حدث في أولمبياد طوكيو 2021، عندما وافق لاعب الوثب العالي، القطري معتز برشم على تقاسم الذهبية مع الإيطالي جيانماركو تامبيري، إلّا أنّ اللاعب الأميركي رفض ذلك بالرغم من موافقة منافسه.
وبناءً على القوانين الدولية، فإنّ الحكم قد أعاد السباق مرّة أخرى من أجل أن يُحقق أحدهما الفوز على الآخر، وبالفعل تمكن النيوزيلندي هاميش كير في الانتصار بهذا السباق، ليُتوّج في النهاية بالذهب الأولمبي، بينما اكتفى الأميركي ماكوين بالحصول على الميدالية الفضية بعدما حلّ في المركز الثاني.
وما بين قصة كفاح وتكبّر، شهدت الألعاب الأولمبية في باريس أحداثاً مختلفة ستبقى خالدة في ذاكرة كل من تابع هذه الدورة التي استمرّت ثلاثة أسابيع.