هاني سكر
يمثل لقاء السوبر الأوروبي عادةً فرصةً لبطل الدوري الأوروبي كي يقدّم أفضل ما لديه أمام بطل دوري الأبطال، والسنوات الماضية كانت شاهدة على تمكّن العديد من الفرق القادمة من البطولة الأقل، من تحقيق اللقب، أو على الأقل إحراج من تفوّق على كبار القارة وفاز بأصعب بطولة على مستوى الأندية في العالم. لكن قبل ساعات من انطلاق لقاء السوبر الأوروبي 2024، لا يبدو أن أتالانتا يملك الكثير من الحظوظ لمجاراة ريال مدريد، فرغم امتلاك مدرب محنك على الخط الجانبي، إلّا أن ظروف الفريق الإيطالي قبل مواجهة وارسو لا تبدو بأفضل حال على الإطلاق.
نجح جيان باولو غاسبيريني، مدرب أتالانتا، بخطف الأضواء حين قاد فريقه للفوز على ليفربول في أنفيلد بثلاثية، قبل أن يُلحق بباير ليفركوزن الهزيمة الأولى والأخيرة للفريق الألماني بمختلف البطولات الموسم الماضي، حين فاز عليه في النهائي وقدّم مباراة للذكرى بعد سيطرته بشكل خرافي خلال النصف الأول منها، لكن أمام ريال مدريد سيكون غاسبيريني المدرب الأول الذي يحتاج لكتابة أسماء مبابي وفينيسيوس ورودريغو وإندريك وغولير على أوراقه والتفكير بكيفية مواجهة كل هؤلاء النجوم الذين يتواجدون بالخط الأمامي للفريق.
مباراة السوبر قد تكون الانطلاقة الأولى لكيليان مبابي بعد انتقاله لريال مدريد، حيث التزم اللاعب بتدريبات الفريق خلال الأيام الماضية، ورغم عدم مشاركته في أي مباراة خلال معسكر الفريق في أميركا إلّا أن الفرنسي لن يفوّت فرصة الحضور في وارسو، ومحاولة كسب اللقب الأول، بخاصة أن هذا اللقب سيعني انفراد ريال مدريد بالرقم القياسي بعدد التتويجات بالبطولة، حيث سبق وأن شارك الريال بالسوبر 8 مرات وفاز بـ5 ألقاب، وهو عدد الألقاب نفسه الذي حصل عليه كل من ميلان وبرشلونة، بالتالي يمثل هذا اللقاء فرصة للانفراد بالرقم القياسي بعدد التتويجات بالبطولة.
ويبدو هذا الأمر معاكساً تماماً لأتالانتا الذي عاش قبل حوالى 3 أشهر فرحة التتويج بأول لقب أوروبي في تاريخه، قبل أن يجد نفسه اليوم أمام فرصة لمضاعفة عدد ألقابه الأوروبية، ولو أنه يعرف صعوبة هذه المهمّة تاريخياً، لأن ريال مدريد خسر نهائياً واحداً فقط من أصل 6 نهائيات خاضها بالسوبر، فبعد خسارته من تشيلسي 1998 وغالتاسراي 2000، انطلق ريال مدريد وافتتح الميرينغي رصيده من ألقاب البطولة عام 2002 ضدّ فينورد قبل أن يعززها ضدّ إشبيلية 2014 و2016 ومانشستر يونايتد 2017 وفرانكفورت 2022، أما الاستثناء الوحيد بين هذه المواجهات الخمس فكان ضدّ أتلتيكو 2018، حين فاز الأخير بالأشواط الإضافية 4-2.
قائمة ريال مدريد للمواجهة لا تشهد على أي غيابات كبيرة بظل انضمام بيلينغهام للفريق، عدا عن دخول ديفيد ألابا بالقائمة رغم غيابه عن معظم فترات الموسم الماضي للإصابة، في الوقت الذي تعاني فيه قائمة أتالانتا من غيابات بالجملة لأسباب متنوعة سواء للتمرّد أو للإصابة! حيث ساءت علاقة النجم الهولندي كوبمينيرز مع إدارة النادي التي أرادت التمسك باللاعب وعدم بيعه لجوفنتوس، وطلبت الحصول على 60 مليون يورو للتخلّي عنه، وهو ما دفع اللاعب للتمرّد ورفض التدريب، قبل أن يقدّم تقريراً طبياً لمدربه يدّعي فيه التعرّض للإجهاد ما سيؤدي لغيابه عن اللقاء.
أما الضربة الأهم لغاسبيريني فستتمثل بغياب مهاجمه سكاماكا الذي كان مفتاحاً أساسياً لنجاح الفريق الموسم الماضي، قبل أن يتعرّض لإصابة بالرباط الصليبي خلال الفترة التحضيرية للموسم الجديد، إضافة لغياب الوافد الجديد زانيولو ونجم دفاع الفريق تولوي إضافة لسكالفيني، كما من غير المتوقع تواجد البلال توريه في المواجهة، بعدما أكّد غاسبيريني رغبة اللاعب بالرحيل عن النادي بعد عام فقط من الانضمام لصفوفه.
وجود أتالانتا يعني مشاركة فريق جديد في السوبر للعام الرابع على التوالي، بعد فياريال 2021 وفرانكفورت 2022 ومانشستر سيتي 2023، علماً أنه سابع نادٍ إيطالي يخوض السوبر، ومن الممكن لأتالانتا أن يصبح الفريق الـ26 الذي يحقق اللقب.
على مستوى المواجهات المباشرة، التقى الفريقان في الدور الثاني من دوري الأبطال موسم 2020\2021 وحينها فاز ريال ذهاباً بهدف وإياباً بثلاثة أهداف لهدف، وعلى الصعيد التاريخي يملك أنشيلوتي وغاسبيريني تاريخاً كبيراً من الذكريات لعلّ أقدمها هي أن غاسبيريني كان مدرباً لصغار يوفنتوس حين كان أنشيلوتي لاعباً في صفوف فريق الرجال.
أما على صعيد المواجهات المباشرة بينهما، فنجح أنشيلوتي بالفوز 3 مرات مقابل فوزين لغاسبيريني وتعادلين، بالتالي يمكن توقّع مواجهة ندّية بين مدربين يتمّ وصف كل منهما بـ"الثعلب الإيطالي"، حتى لو كان الفارق بخزينة الألقاب كبيراً جداً، لأن أحدهما ببساطة فاز بلقبه الأوروبي الأول بعمر 66 عاماً، بعد أن بدأ بعيش أفضل فترة بمسيرته التدريبية مع أتالانتا في السنوات الأخيرة، في الوقت الذي يمثل فيه الثعلب الآخر أنشيلوتي المدرب الأكثر تتويجاً بلقب دوري أبطال أوروبا.
انتظر كثيرون أن يكون لقاء السوبر الأوروبي بين الأستاذ كارلو أنشيلوتي والتلميذ المتفوق تشابي ألونسو، لكن غاسبيريني قطع الطريق أمام هذا اللقاء وفرض ذاته بالنهائي، بانتظار معرفة ما إذا كان أتالانتا قادراً، من خلال لوكمان ودي كيتيلاري ومن حضر، بإيقاف قائمة ريال مدريد المثالية.