جيمي فاردي. (إكس)
آية جبر
في قانون لعبة كرة القدم، يبدأ العدّ التنازلي لعمر اللاعب داخل المستطيل الأخضر عندما يصل إلى الثلاثين من عمره. وهناك من يكسر هذه القاعدة في بعض الأحيان. وليكن على سبيل المثال البرتغالي كريستيانو رونالدو أو الأرجنتيني ليونيل ميسي، وكذلك السويدي زلاتان إبراهيموفيتش... إلّا أنّ كل هؤلاء لمعوا منذ البداية، وازداد بريقهم في الملاعب في العقد الثاني من عمرهم، واستمروا على تألقهم حتى تخطّوا عمر الثلاثينات، فمنهم من ظلّ بريقه لامعاً مثل "الدون" أو من خفت نوره مثل "ليو".
إلّا أن الإنكليزي جيمي فاردي تختلف مسيرته تماماً عن جميع هؤلاء، والذي لم يسطع بريقه في سماء لندن إلّا بعدما تخطّى عمر الثلاثين، بعدما كان قد ظهر كالضوء الخافت في عقده الثاني، والذي سرعان ما انطفأ لسنوات عدة قبل أن يعود مرّة أخرى لينفجر ويشع في ملاعب الـ"بريميرليغ" مع فريقه ليستر سيتي.
فاردي عامل الفحم الذي لعب كرة القدم كهواية
على عكس الكثير من نجوم كرة القدم في العالم، لم تكن بداية الإنكليزي جيمي فاردي موفقة في ملاعب كرة القدم، بعدما استغنى النادي الذي ترعرع فيه منذ البداية، شيفيلد يونايتد، عنه من دون مقابل، لعدم الاقتناع بإمكانياته الفنية، وهو ما جعله يترك لعبة كرة القدم نهائياً ويعمل في مناجم الفحم من أجل اكتساب لقمة العيش. إلّا أنه لم يترك شغفه وحلمه أبداً، لذلك وافق على اللعب لفريق ستوك بريدج الذي كان يتواجد في الدرجة الثامنة من الدوري الإنكليزي آنذاك، وتواجد معه طيلة ثلاثة مواسم من دون مقابل مادي، حيث كان يلعب من أجل المتعة الشخصية له فقط.
بعد ذلك بدأ بريق عامل الفحم يلمع أكثر في ملاعب كرة القدم الإنكليزية، ونجح في الانتقال إلى فريق هاليفاكس تاون الذي كان يلعب في الدوري الدرجة الخامسة، وبالرغم من تألّقه الشديد معه ونجاحه في إحراز 26 هدفاً خلال 37 مباراة فقط، إلّا أنه ظلّ يتواجد ضمن صفوفه كأحد الهواة بلا عقد.
استكمل مسيرته الكروية مع نادٍ آخر داخل هذه الدرجة من الدوري، وهو فليتوود تاون الذي خاض معه 36 لقاءً، وتمكن من تسجيل 31 هدفاً. ومن ثم، انتقل إلى نادي ليستر سيتي موسم 2013/2012 الذي كان يلعب في الدوري الإنكليزي الدرجة الثانية آنذاك، وبدأ مسيرته الاحترافية الحقيقية داخل المستطيل الأخضر وهو بعمر الـ26 عاماً.
"الثعلب الماكر" الذي تسلل وسط الكبار
لعب جيمي فاردي مع فريق ليستر سيتي منذ ذلك الحين، وتألّق معه وأحرز العديد من الأهداف التي قادت الفريق في النهاية إلى التأهل إلى الدوري الإنكليزي الممتاز موسم 2015/2014 الذي اختتم به "الثعالب" موسمهم متواجدين في المركز الـ14. لكن في الموسم الثاني، تمكن "المشاغب" فاردي من قيادة فريقه نحو تحقيق الإنجاز الأكبر والتتويج بلقب الدوري الإنكليزي الممتاز للمرّة الأولى في تاريخه، ونجح وقتها في الحصول على لقب أفضل لاعب بالـ"بريميرليغ"، كما أنه احتل وصافة جدول ترتيب الهدافين آنذاك برصيد 24 هدفاً خلف مواطنه هاري كاين لاعب توتنهام آنذاك.
فاردي إمبراطور الثلاثينات
لم يقدّم فريق ليستر سيتي بعد موسمه الذي تُوّج به بلقب الـ"بريميرليغ" الكثير، إلّا أنّ أسطورته بقيت حية كما هي، وظل "المشاغب" الإنكليزي يواصل التألّق داخل المستطيل الأخضر، ومع وصوله إلى عمر الثلاثين كان فاردي قد تمكن من تسجيل 33 هدفاً في الـ"بريميرليغ".
وبينما ترقّب الجميع اعتزال اللاعب، كان الإنكليزي يستعد لبداية حقبة ذهبية خاصة به في ملاعب كرة القدم، والتي كان أوّلها نجاحه في أن يصبح أكبر لاعب في تاريخ الدوري الإنكليزي يحصد الحذاء الذهبي، بعدما سجل 23 هدفاً في موسم 2020/2019، وهو بعمر الـ33، واستمرت صولات اللاعب وجولاته داخل ملاعب الدوري الإنكليزي حتى نجح في تسجيل 103 أهداف، ليدخل قائمة أكبر الهدافين في تاريخ البطولة، ويحتل المركز الخامس، ويصبح أكثر لاعب تسجيلاً للأهداف في تاريخ البطولة فوق عمر الثلاثين.
مرعب كبار الـ"بريميرليغ"
تمكن جيمي فاردي خلال مسيرته القصيرة في الدوري الإنكليزي من تسجيل 136 هدفاً، من بينها 49 هدفاً أمام كبار الـ"بريميرليغ"، وكان فريق أرسنال أكثر من سجل اللاعب في شباكه برصيد 11 هدفاً، ويتساوى معه فريق برينتفورد، ثم يأتي ليفربول في الوصافة، بعدما استقبلت شباكه من "المشاغب" 10 أهداف، ويحتل مانشستر سيتي المركز الثالث بعد أن سجّل فيه اللاعب 9 أهداف، ويتساوى معه فريق توتنهام بعد الهدف الأخير الذي استقبله.
"إن غرقت السفينة سأغرق معها"
توالت العروض على اللاعب بعد ذلك من أجل التعاقد معه بعد تألقه الواضح، خصوصاً في موسم 2023/2022 الذي شهد هبوط ليستر سيتي إلى الدرجة الثانية مرّة أخرى، ووقتها رفض جيمي فاردي الرحيل عن فريقه الذي كان السرّ الحقيقي وراء نجوميته، حيث قال حينها: "إن غرقت السفينة سأغرق معها"، ولعب معه موسماً كاملاً بدوري "تشامبيونشيب".
وعاد مجدداً إلى الدوري الممتاز بالموسم الجديد 2025/2024، وسجّل في أولى مبارياته أمام توتنهام، وأصبح ثاني أكثر لاعب يسجّل في المباريات الافتتاحية بالـ"بريميرليغ" برصيد 8 أهداف خلف المصري محمد صلاح، وزاد من حصيلته التهديفية إلى 137 هدفاً بالمسابقة، ووصل إلى هدفه رقم 104 فوق سن الثلاثين، معلناً عن عودة "المشاغب" مرّة أخرى إلى عالم الأضواء، وظهر بأطرف اللقطات عندما ردّ على جماهير توتنهام الذين هاجموه، وأشار لهم بأنه حصل على لقب الـ"بريميرليغ" بينما هم فلا.