النهار

كيف يشحن "المجنون" أرتيتا فريقه لموسم آخر من الأمل؟
المصدر: النهار العربي
بعد موسمين من فقدان الحلم وعيش الخيبة بالأمتار الأخيرة من الموسم سيجد أي أحد صعوبة بإعادة إقناع ذاته بتحمل ضغط العمل والتخطيط للموسم والانتقال من جولة لأخرى وملاحقة أمل أن تكون النهاية مختلفة هذه المرة، فكيف يكون الأمر حين يكون خصمك هو ذاته بكل عتاده وقوته، وهو ذاته الفريق الذي لا يرغب أي أحد بأوروبا في مواجهته والذي هو بالتأكيد مانشستر سيتي الذي كان ميكيل أرتيتا يوماً من منظومة النجاح بداخله قبل أن يقرر رفع سقف التحدي على نفسه وعدم الاكتفاء بأن يكون جزءاً من فريق العمل التدريبي بل أن يكون قائد مشروع بدا احتمال المغامرة فيه مرتفع جداً.
كيف يشحن "المجنون" أرتيتا فريقه لموسم آخر من الأمل؟
أرتيتا خلال لقاء أرسنال وأستون فيلا (أ ف ب)
A+   A-
هاني سكر
 
بعد موسمين من فقدان الحلم وعيش الخيبة بالأمتار الأخيرة من الموسم، سيجد أي أحد صعوبة بإعادة إقناع ذاته بتحمل ضغط العمل والتخطيط للموسم، والانتقال من جولة لأخرى وملاحقة أمل أن تكون النهاية مختلفة هذه المرة، فكيف يكون الأمر حين يكون خصمك هو ذاته بكل عتاده وقوته، وهو ذاته الفريق الذي لا يرغب أي أحد بأوروبا في مواجهته والذي هو بالتأكيد مانشستر سيتي الذي كان ميكيل أرتيتا يوماً من منظومة النجاح بداخله قبل أن يقرر رفع سقف التحدي على نفسه وعدم الاكتفاء بأن يكون جزءاً من فريق العمل التدريبي، بل أن يكون قائد مشروع بدا احتمال المغامرة فيه مرتفعاً جداً.
 
بدأ أرسنال مع أرتيتا رحلة البحث عن الحلم المفقود هذا الموسم بأفضل طريقة، فالأمر لا يتعلق بحصد 6 نقاط من أول جولتين فقط، بل كان الحدث المهم هو بالتفوق على أستون فيلا الذي خطف 6 نقاط من المدفعجية الموسم الماضي، وكان لهذه النقاط الأثر الأهم لحرمان فريق أرتيتا من التتويج بلقب الدوري، لذا بدا كأن أرتيتا قد أراد بدء الحلم الجديد بالثأر ممن كان سبباً بفشل الحلم السابق.
 
العمل المطلوب من أرتيتا بداية الموسم قد يتركز على الناحية الذهنية أكثر من الفنية، لأن فريقه قد وصل أساساً لمستوى فني مرتفع جداً في الموسم الماضي، لكن ما يحتاجه هو إقناع مجموعته الطموحة التي ترتكز بمعظمها على لاعبين قليلي الخبرة والإنجازات بأن يواصلوا العمل ولا يستسلموا، وهو ما سعى أرتيتا فعلاً لفعله قبل بداية الموسم بوضع لاعبيه بمواقف لم يتوقعوها من مدربهم المعروف بحبه للمفاجآت والقيام بأشياء غريبة.
 
خلال معسكر الفريق الاستعدادي لبدء الدوري، جمع أرتيتا لاعبيه لتناول الغداء معهم، وبنهاية الغداء طلب منهم أن يتفقدوا جيوبهم ليكتشفوا أن معظمهم قد تعرض للسرقة وفقد هاتفه أو محفظته، وتبين أن أرتيتا كان قد قام مسبقاً بالاتفاق مع مجموعة من النشالين ليباغتوا لاعبيه خلال جلستهم، ونجحت خطته فعلاً دون أن يدرك اللاعبون ما حدث.
 
أراد أرتيتا إيصال رسالته بأسلوب ترفيهي للاعبيه، فما فعله حمل طابع المزاح من جهة، ومن جهة أخرى أخبرهم بأن يحافظوا على تركيزهم دائماً ويكونوا جاهزين لمجابهة أي موقف وإعطاء رد الفعل المناسب، وبالواقع هذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها أرتيتا بشيء غريب خلال قيادته لأرسنال والسنوات الماضية تشرح لنا ذلك.
 
في 2021 كان أرسنال يمر بفترة صعبة، وكان عليه أن يذهب إلى أنفيلد لمواجهة ليفربول بالملعب الذي كان الفريق يتلقى فيه خسارات كبيرة حينها، وأراد المدرب الإسباني تجريب شيء جديد في التمارين، فوضع مكبرات صوت في الملعب التدريبي وشغّل مقاطع لهتافات جمهور ليفربول خلال تدريب فريقه بمحاولة منه لمحاكاة أجواء اللعب في أنفيلد، وواحدة من الأفكار المجنونة الأخرى كانت حين حمل مصباحاً مشتعلاً خلال خطابه قبل مباراة برايتون في 2022 وطلب من لاعبيه أن يكونوا متصلين ببعضهم البعض كي يشعوا معاً وأن يكون اتصالهم أقوى بجمهورهم مثلما يفعل المصباح مع الأسلاك والبيئة المحيطة به، ولو أن اللافت بالنهاية أن لا تصرف أرتيتا الأول ولا الثاني ساعدا على الانتصار وخسر أرسنال بالمرتين من ليفربول وبرايتون، لكن أشياء كهذه كفيلة بإظهار أفكار المدرب وابتعاده عن الكلاسيكية وامتلاكه الأفكار الغريبة دائماً.
 
ولا تحتاج أفكار أرتيتا للمناقشة حول مدى نجاحها، فما حققه من تطوير كبير بمستوى الفريق في آخر موسمين دليل كبير إلى ذلك، وهذا الموسم يبدأ أرتيتا سعيه لإيجاد المزيد من الصلابة مستفيداً من الجاهزية الجديدة لبارتي الذي منح الوسط المزيد من القوة بمشاركته بجانب رايس ولو أن هذا قلل بعض الشيء من الحرية التي كان أوديغارد يحصل عليها بالسابق.
 
بالمقابل، يبدأ ساكا الموسم بفعالية عالية بصناعة اللعب توجي أن أقدامه جاهزة للجري لموسم آخر ومحاولة تقديم المزيد لناديه الأم الذي دعمه ووقف بجانبه، حاله حال هافيرتز الذي حصل على ثقة النادي ليكون رأس حربة الفريق هذا الموسم بعد الأيام الصعبة التي عاشها بالماضي بعدما كان موضع انتقاد الكثير من الجماهير.
 
سئل كلوب وغوارديولا بالسابق عن عدد النقاط الذي تحتاجه لتضمن الفوز بالدوري الإنكليزي، وغالباً ما كان الجواب يتخطى حد 100 نقطة كي تضمن تماماً ألا تعيش سيناريو ليفربول حين خسر الدوري مرتين من سيتي رغم تجاوز حد 90 نقطة، والآن يسعى أرتيتا لتجنب التفكير بهذه السيناريوهات السوداء ودراسة فكرة أن الحلم والأماني ما زالت ممكنة.

اقرأ في النهار Premium