عندما نتكلّم عن بايرن ميونيخ، يرتبط اسم اللاعب الألماني توماس مولر تلقائياً بهذا النادي. فهو ابن بافاريا، وترعرع مع العملاق الألماني منذ الصغر، ولم يظهر بقميص آخر طوال مسيرته الكروية.
توماس مولر ليس لاعباً عادياً يمرّ اسمه مرور الكرام بين أسماء لاعبي كرة القدم المحترفين، بل هو أسطورة، ليس فقط في بايرن ميونيخ، بل في تاريخ اللعبة.
تمكن مولر في مباراته الأخيرة في الدوري الألماني أن يدوّن رقماً قياسياً جديداً في سجلاته مع النادي البافاري، حيث أصبح الأكثر ظهوراً بقميص بايرن ميونيخ (710 مباريات) متخطّياً الأسطورة سيب ماير (709 مباريات). ولم يكتفِ بهذا القدر، بل كلّل هذا الإنجاز بهدف رائع في مرمى فرايبورغ، مسجّلاً هدفه الرقم 150 في منافسات الـ"بوندسليغا".
عبقري في الملعب
ظهر حسّ مولر التهديفي منذ البداية مع بايرن ميونيخ، لكنه لمع بشكل خاص في كأس العالم 2010 مع منتخب بلاده ألمانيا، عندما سجّل 5 أهداف وأحرز الحذاء الذهبي كأفضل هداف في البطولة.
أسلوب لعبه لا يشبه أسلوب لعب أي لاعب آخر. هو ليس لاعباً مهارياً، ولا سريعاً، لكنه اللاعب الذي يحتاجه أي فريق في صفوفه.
يُعتبر مولر أفضل لاعب من حيث التمركز على أرض الملعب. يعرف جيّداً كيف ومن أين يجب أن يستلم الكرة، ولا يكتفي بأدوار محدّدة لمساعدة فريقه، بل ينوّع وظائفه داخل المستطيل الأخضر، فنجده هدافاً ناجحاً وممرّراً بارعاً وقائداً حقيقياً.
في كثير من الأحيان، مولر هو من يوجّه اللاعبين في المباريات، أكان من خارج أو من داخل الملعب. حتى أنّ المدربين يستشيرونه في مواقف كثيرة خلال اللقاءات. ليس بالضرورة أن تضع دوماً شارة القيادة لتكون قائداً على أرض الملعب، يكفي أن تكون "العبقري" توماس مولر.
مظلوم إعلامياً
في عصرنا هذا، ليس دائماً الأفضل هو من يُنصف إعلامياً، فالآن من يدفع أكثر يُنصف أكثر. وهو الحال الذي يسير في الأندية الإنكليزية والإسبانية بشكل أساسي، أما في الدوري الألماني، فمهما علا شأن اللاعب، لا يأخذ حقه إعلامياً إلّا عندما ينتقل خارج ألمانيا.
لكنّ مولر لا يحتاج إلى "تطبيل إعلامي" ليؤكّد أنه من أفضل اللاعبين الذين مرّوا في تاريخ كرة القدم، لأنّ أرقامه وحدها تتحدّث عنه.
وبالحديث عن الإعلام، يُعَدّ مولر من بين أكثر اللاعبين المثيرين للجدل في تصريحاته، فهو يمتلك حس الفكاهة، وغالباً ما يرفع سقف التحدّي بوجه الخصوم ويستفزهم في كثير من الأحيان، خصوصاً خلال منافسات دوري أبطال أوروبا. ورغم ذلك، لا تسلّط وسائل الإعلام الضوء بالشكل المطلوب على إنجازاته، كما تفعل مع نجوم آخرين، وهو أمر غريب لأسطورة بحجم "البومبر".
أرقام كبيرة
لا يمكن اختصار أرقام توماس مولر بأسطر قليلة، لأنّ إنجازاته كثيرة أكان مع ناديه بايرن ميونيخ أم منتخب "الماكينات".
مع ألمانيا، أحرز مولر كأس العالم عام 2014 في البرازيل، وكان العنصر الأساسي في هذا الإنجاز. أما مع بايرن ميونيخ، فقد حقق لقب الدوري الألماني 12 مرّة، ودوري أبطال أوروبا مرّتين، وكأس ألمانيا 6 مرّات، وكأس العالم للأندية مرّتين، وكأس السوبر الأوروبية مرّتين، وكأس السوبر الألمانية 8 مرّات.
لعب مع "المانشافت" 131 مباراة وسجّل خلالها 45 هدفاً و41 تمريرة حاسمة. أما خلال 710 مباريات مع العملاق البافاري، فقد سجّل 245 هدفاً و269 تمريرة حاسمة في مختلف المسابقات.
هي أرقام ليست عادية، بل تاريخية وبقميص واحد هو بايرن ميونيخ. تلقّى مولر عروضاً كثيرة من أندية أوروبية خلال مسيرته، وعندما كان في قمّة مستوياته، إلّا أنه رفضها كلها للبقاء في النادي الأحب إلى قلبه.
الآن، وضع مولر حداً لمسيرته "الذهبية" على الصعيد الدولي بعد كأس الأمم الأوروبية 2024، لكنه لا يزال مستمراً بالعطاء مع بايرن ميونيخ، محققاً انطلاقة قوية حتى مع دخوله لدقائق معدودة من مقاعد البدلاء.
باختصار، محظوظ كل من عاصر توماس مولر، أكان لاعباً وزميلاً، أو عاشقاً لكرة القدم.