النهار

دوري الأمم الأوروبيّة وصراع بناء الهويّة والأهميّة
المصدر: النهار العربي
ما زالت الكثير من الجماهير لا تعطي دوري الأمم الأوروبية الكثير من الأهمية، رغم مشاهدة المدرجات ممتلئة بصورة حماسية في معظم المباريات، فالواقع يقول إنه حتى مع وصولنا للنسخة الرابعة من البطولة، فإنها ما زالت تحارب لإثبات أهميتها وترسيخ وجودها ضمن البطولات الدولية، وبالوقت الذي كان فيه من المنتظر أن تزيد هذه الشعبية والأهمية مع تراكم البطولات، نرى أن هذا لم يحدث حتى الآن، بل على العكس يبدو اهتمام الجماهير على مواقع التواصل الاجتماعي أقل نسبياً مع مرور السنوات.
دوري الأمم الأوروبيّة وصراع بناء الهويّة والأهميّة
كيميش خلال لقاء ألمانيا والمجر (أ ف ب)
A+   A-
هاني سكر
 
ما زالت الكثير من الجماهير لا تعطي دوري الأمم الأوروبية الكثير من الأهمية، رغم مشاهدة المدرجات ممتلئة بصورة حماسية في معظم المباريات، فالواقع يقول إنه حتى مع وصولنا للنسخة الرابعة من البطولة، فإنها ما زالت تحارب لإثبات أهميتها وترسيخ وجودها ضمن البطولات الدولية، وبالوقت الذي كان فيه من المنتظر أن تزيد هذه الشعبية والأهمية مع تراكم البطولات، نرى أن هذا لم يحدث حتى الآن، بل على العكس يبدو اهتمام الجماهير على مواقع التواصل الاجتماعي أقل نسبياً مع مرور السنوات.
 
لو أحصينا على مدار 3 نسخ عدد المدربين الذين أقيلوا نتيجة الهزيمة بمباراة بدوري الأمم، فسنجد أن العدد قليل جداً، ونفهم نتيجة ذلك أن أهميتها بالنسبة للاتحادات والدول ليست بأهمية كأس العالم أو اليورو، حيث بات تغيير المدربين عادة طبيعية بعد هاتين البطولتين، لكن بالمقابل لا يمكن إنكار أن الإخفاق في هذه البطولة يمثل نقطة سوداء سرعان ما تقرّب المدرب من الرحيل.
 
يمكن أن نقرأ ذلك من خلال رحيل ساوثغيت عن إنكلترا، فالمدرب ذهب لأمم أوروبا وهو يقول إن الفوز باللقب هو الوحيد الذي سيشفع له بالاستمرار، حيث جاء هذا بعد احتلاله المركز الأخير بمجموعته بدوري الأمم، وهبوطه بالتالي للمستوى الثاني، ما زاد من الضغوط على المدرب وساهم بتقريب نهاية رحلته.
 
ويمكن القول إن الأمر ذاته انطبق على مدرب ألمانيا السابق هانزي فليك، فإخفاق دوري الأمم قرب رحيله، ثم جاء إخفاق كأس العالم وفقدان ردة الفعل بالودّيات بعدها ليقضي عليه.
 
بالمقابل، تنسى الجماهير احتساب ألقاب دوري الأمم بسجلّات اللاعبين رغم أنها بطولة رسمية، فحتى الآن حين نتذكر مسيرة رونالدو مع البرتغال نتذكر فوزه بيورو 2016، وتتناسى الغالبية أنه فاز بدوري الأمم بعد ذلك.
 
فرنسا فازت بالنسخة الثانية لكن رغم ذلك يرى الكثيرون أن ديشامب لم يحقق إلا لقب مونديال 2014، كما لم يلقَ فوز إسبانيا بآخر نسخة من البطولة الكثير من الاهتمام، واعتبر الجميع أن التميز في اليورو كان بمثابة المفاجأة.
 
 ومن هذه النقطة يمكننا أن نصل لاستنتاج مهم هو أن بطولة كهذه باحتكاكها الكبير منحت منتخب دي لا فوينتي فرصة لترتيب الصفوف وتحديد طريقة اللعب الأنسب للفريق، بغض النظر عن إضافة لاعبين مهمين لاحقاً مثل يامال، لكن أسلوب الفريق كان واضحاً منذ دوري الأمم.
 
تحصل المنتخبات الكبيرة على فرصة تأهيل ذاتها بمباريات رسمية من مستوى رفيع، لكن هذا المستوى بدأ ينكسر تدريجياً نتيجة هبوط المنتخبات الكبرى من المستوى الأول وصعود غيرها، لذا نشاهد منتخبات مثل البوسنة والمجر تخسر بالخمسة من ألمانيا وهولندا بأول جولة، ولو أن اليورو أخبرنا بكل الأحوال أن الفوارق بين المنتخبات الكبرى والفئة التي تليها لم تعُد كبيرة.
 
أراد الاتحاد الأوروبي خلق بطولة تزيد من شغف الناس للمنتخبات من خلال لعبها على مدار أشهر متعددة، بما يشبه الدوري، قبل الذهاب للمربع الذهبي، لكن لا يبدو حتى الآن أن البطولة كسبت صراع الأهمية، ولو أن التقليل من قيمتها قد يجعل أي مدرب تحت خطر أكبر.

اقرأ في النهار Premium