فيرستابن خلال سباق النمسا. (أ ف ب)
هاني سكر
حين بدأ الموسم الحالي من بطولة العالم للفورمولا 1 بدأ أننا على أعتاب انطلاق موسم ممل آخر، والأمر لا يتعلق بفوز ماكس فيرستابن في أول 7 سباقات فقط بل بالثقة العالية التي أظهرها فريق رد بُل، وربما يتذكر كثير من المتابعين الحديث عبر الراديو بين بطل العالم الهولندي وفريقه، حين قال للمهندسين "الفريق يحاول نسخ سيارة آر بي 19" التي استخدمها رد بُل الموسم الماضي، ليأتي الردّ "إذاً يبدو أنهم سيرون شيئاً جديداً هذا الموسم" كناية للقوة الكبيرة التي امتلكتها سيارة "آر بي20"، لكن ما حدث في آخر 9 سباقات سيجعل الجميع غير راغب بتقليد هذه السيارة!
على نحو مفاجئ، انهارت رد بُل لحدّ كبير، وفازوا بسباق وحيد في آخر 9 جولات، مع تحقيق المركز الثالث مرّتين، والغياب عن منصة التتويج بالكامل في 6 سباقات أخرى، ليبدأ الفارق بين ماكس ونوريس بالانخفاض ويصل إلى 62 نقطة، أما الفارق في صدارة بطولة الصانعين فأصبح 8 نقاط فقط بين رد بُل وماكلارين.
مدير الفريق كريستيان هورنر اعترف أن المشكلة التي حدثت تبدو مجهولة بالنسبة للفريق، وتفسير ذلك يبدو سهلاً، إذا ما رأينا أن التعديلات التي تمّ إجراؤها بغرض تحسين الأداء وصل عددها لـ9 في آخر 6 سباقات، وشملت أجزاء مختلفة من السيارة مثل الجناحين الأمامي والخلفي والمكابح وغطاء المحرك ودارة التبريد والكثير من الأجزاء المتنوعة، لكن هورنر يقول إن المشكلة الأساسية تكمن باختلاف المعلومات التي يحصل عليها الفريق، حيث تُظهر تجارب محاكاة السيارة ومجرى الهواء أن السيارة بحالة جيدة، لكن البيانات التي ترد خلال السباق تُظهر وجود مشاكل كبيرة.
بعد السباق الأخير في مونزا الإيطالية قال هورنر، إن توازن السيارة غير سليم، وإن هناك 3 فرق تتفوق عليه حالياً، وإن الفريق سيستخدم الفترة الحالية لإعادة دراسة البيانات القادمة من السباقات والتجارب لمحاولة تحديد واكتشاف المشكلة لمعالجتها، في الوقت الذي بدا فيه أن الفريق يبذل كل جهد ممكن خلال فترة الأسبوعين الماضيين لاستثمار كل دقيقة من الوقت وإيجاد حل للمشكلة.
الاستنفار لم يتعلق بفريق المهندسين والتقنيين فقط، حيث قال هورنر إن فيرستابن حضر الكثير من الاجتماعات مع التقنيين ليقدّم لهم الصورة الكاملة عمّا يشعر به خلال السباق، ويحاول إيجاد الحل معهم، وأنه كان حتى موجوداً في الاجتماعات الافتراضية عبر "زوم" وورشات تحضير وتجريب السيارة.
في الواقع لا يبدو أن الخلل هو مجرد مشكلة مختبئة داخل سيارة مصفوفة في الكراج لمدة أسبوعين، وفي الغالب يمكننا ربط ما يحدث بتسلسل من القضايا سيطرت على الصحف خلال الأشهر الماضية، وبالتأكيد أهمها هو رحيل المدير التقني للفريق أدريان نيوي بعد سنوات من النجاح عن الفريق.
حقق نيوي 7 ألقاب في بطولة العالم للسائقين مع رد بُل، و6 ألقاب بالصانعين، رافعاً عدد ألقابه، بين السائقين والصانعين، إلى 25 لقباً، بين ويليامز وماكلارين ورد بُل الذي انتقل لصفوفه عام 2006.
رحيل نيوي لم يكن عشوائياً من حيث المبدأ، بل قيل إنه مرتبط لحدّ كبير بالفضيحة التي طالت مدير الفريق كريستيان هورنر، بعد نشر محادثات تفيد بمحاولته التحرّش بإحدى موظفات رد بُل، وهي القضية التي أدّت لفتح تحقيق أقيلت الموظفة في نهايته، لكن قيل إن نيوي لم يكن سعيداً بما آلت إليه الأمور، وهو ما منحه سبباً إضافياً للاستقالة، ليعلن الفريق عن مغادرة العبقري الأول ومهندس التصاميم الأهم في عالم فورمولا 1 عن الفريق خلال الربع الأول من عام 2025.
صحيحٌ أن نيوي مستمر مع الفريق هذا الموسم، لكن بالتأكيد لا يمكنه عزل ذاته عن التفكير بما ينتظره الموسم المقبل مع أستون مارتن بعدما أعلن رسمياً عن انتقاله إليه في 2025.
يعمل رد بُل على التحضير لسباق باكو في أذربيجان بصمت كبير، على أمل أن يكون قد نجح خلال آخر أسبوعين بإيجاد حل للمشكلة المبهمة، ومع بقاء 8 جولات فإن مستوى الإثارة ممكن أن يرتفع لحدّ كبير، ما لم ينجح فيرستابن والفريق بحل اللغز.