صرامة، قوّة، استراتيجية وقدرة على التحمل، هي عناصر ضرورية لممارسة كرة الماء، ولكن الأهم من ذلك كله أن يكون "الرياضي" يعرف السباحة جيداً ويفهم القوانين بشكل دقيق، خصوصاً أنها ليست رياضة سهلة، بل صعبة وخطرة وتحتاج إلى جهد بدني وتركيز عالٍ.
وإذا كانت كرة الماء رياضة غير شعبية في عالمنا العربي، إلا أن هذا الأمر لا يعني أنها "ميّتة"، بل على العكس لديها حضور كبير في بعض الدول، أبرزها مصر والسعودية والكويت والإمارات وقطر وغيرها، فيما تهيمن صربيا عالمياً إلى جانب كرواتيا والولايات المتحدة والمجر وإسبانيا وغيرها.
ما هي كرة الماء؟
باختصار، يمكن وصف كرة الماء بأنها "كرة يد"، ولكن داخل حوض السباحة، حيث يتواجه فريقان من سبعة لاعبين في حوض سباحة بعمق 3 أمتار تقريباً، أبعاده غير ثابتة قد تتراوح بين 20×10 و20×30 متراً.
وبحسب الاتحاد الدولي للألعاب المائية، فإن أبعاد حوض السباحة للرجال هي 30×20 متراً، وحوض سباحة بأبعاد 25×20 متراً بالنسبة إلى السيدات.
تنقسم المباريات إلى أربعة أشواط، مدّة كل منها ثماني دقائق، وهناك تشابه مع كرة السلة، إذ يتوقّف الوقت عند حصول خطأ، ويمكن حيازة الكرة لمدة 30 ثانية، وإذا لم يرمِها الفريق نحو المرمى خلال ذلك الوقت، تنتقل حيازتها إلى المنافس وتتم إعادة ضبط التوقيت مجدداً.
وباستثناء حارس المرمى، بإمكان اللاعبين مسك الكرة بيد واحدة فقط (اليمين أو اليسار)، واللافت أيضاً أن أي لاعب يمكنه رمي الكرة عالياً وتسديدها بالقدم، ولكنه أمر صعب ويُعدّ "قلّة احترام للخصم"، بحسب ما أكد نجم السباحة اللبناني سيفاك دمرجيان.
خطورة كبيرة
وأضاف في حديث لـ"النهار": "يحصل احتكاك كبير بين اللاعبين، تحديداً تحت الماء، حيث يمكن التقاط المنافس والتدافع يكون على أشدّه ويصل إلى حد الضرب أحياناً، ولكن في الدورة الأخيرة من الألعاب الأولمبية، التي أقيمت في باريس، استخدمت تقنية الفيديو المساعد (الفار) حتى يستعين الحكم بها، خصوصاً في الحالات الخطرة".
وأعطى سيفاك مثالاً: "إذا كان رأس أحد اللاعبين تحت الماء، يمكن للمنافس ضربه بالركبة، وهنا يحق للحكم طرده من الملعب من دون دخول بديل، ولذلك كان لا بد من حماية اللاعبين بالاستعانة بالفار، بعد ارتفاع نسبة الأخطاء الخطرة".
وأضاف: "من الضروري معرفة قوانين اللعبة جيداً قبل ممارستها".
الأفضل عربياً
وفي وقت تبدو هذه اللعبة غير منتشرة في بعض الدول، إلا أن ثمة دولاً أخرى تمارسها طوال العام، إذ تتدرّب 12 شهراً، مثل مصر (الأهلي وهليوبوليس والجزيرة وغيرها)، التي تستفيد من الطقس المثالي فيها ومسابحها الخارجية لممارسة كرة الماء.
وتعد مصر الأفضل عربياً، وهي بطلة أفريقيا، والسعودية أيضاً، التي تملك إمكانات عالية سواء مالية أو بشرية من خلال الاستعانة بأهم المدربين واللاعبين للتدريب مع المحليين ورفع مستواهم الفني والبدني.
مهارات ضرورية
من أهم المهارات المطلوبة لممارسة رياضة كرة الماء، معرفة السباحة جيداً، وأن يحب الشخص هذه اللعبة، ومع الوقت يتعلّم المهارات أكثر، شرط أن يمارسها بانتظام وبشكل متواصل.
وعلى اللاعب أن ينتبه جيداً لتحركات المنافسين والتعلّم من الأخطاء وإدراك القوانين بوضوح، حتى يصل إلى مرحلة متقدّمة من فهم اللعبة وتطوير الموهبة لديه، بالإضافة إلى التدريبات المكثّفة لرفع مستوى اللياقة البدنية والقدرة على التحمّل.
ساعة ونصف الساعة في الماء
وشدّد رئيس اللجنة الفنية في الاتحاد اللبناني للسباحة اللاعب السابق وليد كنعان على صعوبة ممارسة كرة الماء، لكنه أشار إلى أنها لعبة ممتعة.
وقال في حديث لـ"النهار": "يبقى اللاعبون أكثر من ساعة داخل حوض السباحة وممنوع أن تلمس أقدامهم الأرض، وهو وقت طويل يحتاج إلى جهد، لذلك فهي من أقسى الرياضات".
تابع: "تحتاج إلى مهارات عدة، مثل كيفية التقاط الكرة بيد واحدة، وكيفية السباحة بها والتمرير وصولاً إلى رميها نحو المرمى، مروراً بطريقة الدفاع للمنافس".
وأشار إلى أن تاريخ اللعبة في لبنان قديم، فبدأت تقريباً خلال فترة الاستقلال، وانتشرت في العديد من السواحل بدءاً من بيروت، وظهرت أندية مثل أبناء الخليج وهوليداي بيتش والرمال وصفرا مارين وحتى الجيش اللبناني، بالإضافة إلى الساتيليتي، الذي دخل موسوعة غينيس بعد إحرازه أطول سلسلة ألقاب في البطولات المحلية.