النهار

سيد محمد

يبدو أنّ الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" مقبل على واحدة من أكبر الأزمات التي واجهها في الفترة الأخيرة، بعدما صرّح أحد أفضل لاعبي العالم في الوقت الحالي، وأحد المرشحين لجائزة الكرة الذهبية هذا العام، وهو لاعب الوسط الإسباني رودري، نجم مانشستر سيتي، أنّ اللاعبين قد يقدمون على إضراب عن المباريات، بسبب الضغط الذي يعيشونه والذي يعتبر "فيفا" هو السبب الأوّل فيه.

وحذّر رودري من أنّ اللاعبين يقتربون من نقطة الانهيار، وقد يقومون باحتجاج على العدد المتزايد من المباريات، وسيؤدي ذلك إلى الإضراب، وهي جملة خطيرة للغاية وتحمل في طياتها الكثير وليس تصريحاً عابراً. وقد جاءت تلك الكلمات قبل موقعة مانشستر سيتي أمام إنتر ميلان يوم الأربعاء في دوري أبطال أوروبا، حيث يضيف النظام الجديد مباراتين إضافيتين على الأقل قبل مراحل خروج المغلوب، وهو ما يزيد من كثافة الجدول.

وتمتد قائمة مباريات مانشستر سيتي إلى ما هو أبعد من دوري أبطال أوروبا، ففي الصيف المقبل، سيشارك الفريق أيضاً في بطولة كأس العالم للأندية الموسعة، والتي تضمّ الآن 32 فريقاً، وهو ما يزيد الضغوط على اللاعبين.

وأعرب رودري عن إحباطه قائلاً: "أعتقد أننا قريبون من ذلك"، عندما سُئل عن احتمالية إضراب اللاعبين. "من السهل فهم ذلك؛ إسأل أي لاعب وسيقول نفس الشيء، إذا استمر الأمر على هذا النحو، فستكون هناك لحظة حيث لا يكون لدينا خيار آخر. لكن دعونا نرى".

رودري يفجّر الأزمة
وعلى مدار الموسمين الماضيين، خاض مانشستر سيتي 120 مباراة في مختلف المسابقات، ووصف اتحاد اللاعبين العالمي "فيفبرو" اتخاذ إجراءات قانونية ضدّ الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لزيادة جدول المباريات بأنه "أمرٌ لا مفرّ منه"، وهو الموقف الذي تدعمه أيضاً رابطة لاعبي كرة القدم المحترفين.

وأكّد رودري، الذي شارك في 63 مباراة مع النادي والمنتخب الإسباني في الموسم الماضي، على العبء البدني والعقلي الذي يتحمّله اللاعبون، فبعد موسم شهد فوزه بالدوري الإنكليزي الممتاز وبطولة كأس أمم أوروبا في فترة قصيرة، اعترف أنّ حتى فترة الراحة الطويلة لم تكن كافية. وقال: "لقد حصلت على شهر راحة وما زلت بحاجة إلى مزيد من الوقت للتعافي".

وشدّد رودري على أهمية الراحة من أجل الصحة العامة: "الصحة العقلية أمر بالغ الأهمية في لعبة اليوم. فهي تساعد في الانتعاش والمضي قدماً".

وخاض مانشستر سيتي 120 مباراة في مختلف المسابقات خلال الموسمين الماضيين، وشارك بعض لاعبي "سيتيزنز" في أكثر من 70 مباراة في موسم 2023/24 نتيجة لمسابقات النادي والمنتخب الوطني، حيث جرى ضمّ لاعب الوسط الإنكليزي فيل فودين إلى 77 قائمة من المباريات وخاض 72 مباراة، بينما جرى ضمّ مهاجم مانشستر سيتي الأرجنتيني السابق جوليان ألفاريز إلى 83 قائمة من المباريات وخاض 75 مباراة.

لاعبون آخرون في موقف رودري
وتتوافق مخاوف رودري مع مخاوف لاعبين كبار آخرين، فقد أعرب حارس مرمى ليفربول أليسون مؤخّراً عن استيائه من الجدول المزدحم، بينما اقترح زميله في فريق مانشستر سيتي مانويل أكانجي أنه قد يضطر إلى الاعتزال بحلول سن الـ30 بسبب قلة الراحة. وألمح مدرب ريال مدريد كارلو أنشيلوتي أيضاً إلى أنّ النادي يفكر في منح لاعبيه فترات راحة في منتصف الموسم، للتعامل مع المطالب المتزايدة.

وصرّح أكانجي: "الأمر صعب للغاية، لا تفكر فقط في هذا الموسم، بل أيضاً في الموسم المقبل، لنفترض أننا فزنا بالدوري أو الكأس، ثم نصل إلى نهائي كأس العالم للأندية؛ ثم نلعب مباراة الدرع الخيرية بعد ثلاثة أسابيع، متى سنحصل على إجازة؟".

وقال حارس مرمى ليفربول أليسون بيكر، إنّ اللاعبين لا يُستمع إليهم في ما يتعلق بحجم العمل وجدول المباريات.

وأشار يورغن كلوب مدرب ليفربول السابق في تصريحات لوسائل الإعلام، إلى أنه "أحياناً لا يسأل أحد اللاعبين عمّا يفكرون فيه بشأن خوض المزيد من المباريات، ربما لا يهمّ رأينا، لكن الجميع يعرف ما نفكر فيه بشأن خوض المزيد من المباريات، الجميع سئم من ذلك".

وأوضح كارلو أنشيلوتي، قبل مباراة ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا أمام شتوتغارت: "المشكلة هي أنّ جدول المباريات مزدحم للغاية، والآن لدينا بطولة جديدة، دوري أبطال أوروبا، لا نعرف كيف ستسير الأمور، وما إذا كانت ستكون أكثر متعة، لكن الحقيقة هي أن لدينا مباراتين إضافيتين".

خطورة الضغوط على صحة اللاعبين
وأعلنت الدوريات الأوروبية والاتحاد الدولي للاعبين المحترفين في تموز (يوليو) الماضي أنهما سيقدّمان شكوى رسمية مشتركة إلى المفوضية الأوروبية على أسس تتعلق بقانون المنافسة ضدّ الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في ما يتعلق بتقويم المباريات الدولية.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، نشر الاتحاد الدولي للاعبين المحترفين تقريراً يسلّط الضوء على مخاوف اللاعبين بشأن عبء العمل المفرط ونقص الرعاية من جانب الهيئات الحاكمة لكرة القدم.

وكشف التقرير الذي أعدّته منصة Football Benchmark أنّ 54% من 1500 لاعب خضعوا للمراقبة، واجهوا مطالب مفرطة أو عالية من حيث عبء العمل، مع تجاوز عدد كبير منهم للحدود الموصى بها من قبل الخبراء الطبيين.

وعلى وجه التحديد، جرى تضمين حوالى ثلث اللاعبين (31%) في فرق يوم المباراة لخوض 55 مباراة أو أكثر، بينما شارك واحد من كل ستة (17%) في أكثر من 55 مباراة، وأوضح التقرير أيضاً كيف تساهم المسابقات الدولية بشكل كبير في الضغط على اللاعبين من حيث الوقت، وهي مسؤولية تقع بالكامل على عاتق "فيفا".