أصدر البيت الأبيض مذكرة جديدة تتعلّق بالذكاء الاصطناعي موجهة للوكالات الأمنية الوطنية، تلزمها بمراقبة المخاطر المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي وتقييمها وتخفيفها، وخاصة ما يتعلق بانتهاك الخصوصية، والتحيّز، والانتهاكات الأخرى لحقوق الإنسان.
يأتي هذا القرار في إطار مساعي الرئيس الأميركي جو بايدن للحفاظ على تفوق الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي، خاصة في مواجهة المنافسة مع الصين. وأوضح مسؤول رفيع في البيت الأبيض أن "على الوكالات الأمنية الوطنية تبني هذه التكنولوجيا بما يتماشى مع قيمنا"، مضيفاً أن الفشل في ذلك "قد يعرضنا لخطر مفاجآت استراتيجية من قبل منافسينا، مثل الصين".
تتضمن المذكرة إرشادات حول كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في المهام الأمنية الوطنية من خلال إطار عمل واضح. وبحسب البيان الصادر عن البيت الأبيض، فإن "هذه المتطلبات تلزم الوكالات بمراقبة المخاطر المرتبطة بالذكاء الاصطناعي وتقييمها وتخفيفها، خاصة ما يتعلق بانتهاك الخصوصية، والتحيز والتمييز، وسلامة الأفراد والمجموعات، والانتهاكات الأخرى لحقوق الإنسان.".
تهدف هذه التوجيهات إلى تمكين الحكومة من الاستفادة الأفضل من الأدوات الحديثة للذكاء الاصطناعي التي تصدر من وادي السيليكون. وأشار المسؤول في البيت الأبيض إلى أن "الابتكار الذي شهدناه، خاصة في موجة الذكاء الاصطناعي المتقدمة الحالية، كان مدفوعاً كثيراً من القطاع الخاص، ومن الضروري أن نواصل تعزيز هذا الدور الريادي." كما أكد أن الذكاء الاصطناعي أصبح عنصراً حاسماً في تشكيل المنافسة الجيوسياسية والعسكرية والاستخباراتية.
ومع ذلك، لا تزال هناك مخاوف كبيرة بشأن تطبيق هذه الأدوات في مجالات حساسة مثل الأمن القومي، نظراً لإمكانية حدوث "هلوسات" في نماذج الذكاء الاصطناعي أو إنتاج نتائج غير دقيقة. كما أن مجموعات البيانات العامة التي تعتمد عليها هذه النماذج غالباً ما تحتوي على معلومات شخصية قابلة للتحصيل قانونياً عن المواطنين الأميركيين، وهو ما أثار قلق المسؤولين، وفقاً لما نشرته Defense One .
وأكد المسؤول أن مجتمع الأمن القومي يدرك جيداً هذه المخاوف. وأوضح أن هناك عملية لاعتماد الأنظمة، وهي ليست مقتصرة على أنظمة الذكاء الاصطناعي فقط، بل تشمل جميع الأنظمة الأمنية الوطنية. وأشار إلى الأوامر التنفيذية السابقة التي أصدرها بايدن، مثل إنشاء "معهد أمان الذكاء الاصطناعي" كجزء من جهود التخفيف من مخاطر الذكاء الاصطناعي، خاصة في الاستخدام الحكومي.
تجدر الإشارة إلى أن المذكرة الجديدة تعيّن معهد أمان الذكاء الاصطناعي التابع لوزارة التجارة كمركز الاتصال الرئيسي للقطاع الصناعي الأميركي مع الحكومة. تأتي هذه الجهود بالتوازي مع المبادئ التوجيهية الموجودة بالفعل لدى وزارة الدفاع والمجتمع الاستخباراتي حول تطوير الذكاء الاصطناعي ونشره.
وفي سياق متصل، أكد المسؤول أن مسألة توافر بيانات المواطنين الأميركيين أصبحت تشكل مشكلة متنامية. وأضاف قائلاً: "نحن قلقون جداً بشأن الطرق التي يمكن أن يتم بها بيع بيانات الأميركيين الحساسة قانونياً، حيث تُجمع بكميات كبيرة بيعت من خلال وسطاء البيانات، وبالتالي قد تصل إلى أيدي خصومنا." وللتعامل مع هذه المخاطر، أصدر الرئيس بايدن أمراً تنفيذياً في فبراير الماضي يهدف إلى الحد من وصول الخصوم إلى بعض هذه البيانات.
رغم التحدّيات المرتبطة بالمخاطر، أكد المسؤول ضرورة أن تتيح الحكومة لمجتمع الأمن القومي "تجربة" الذكاء الاصطناعي من خلال "مشاريع تجريبية."، وقال: "هناك تحديات مصاحبة لتبني أي تكنولوجيا جديدة"، مشيراً إلى أن الإطار الذي وُضع سيخضع لتحديثات مستمرة مع مرور الوقت.
ومع ذلك، قد تواجه هذه التحديثات تحديات سياسية، إذ تعهد المرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب بإلغاء الأمر التنفيذي لبايدن بشأن سلامة الذكاء الاصطناعي في حال فوزه بالانتخابات.
يُظهر إصدار هذه المذكرة الجهود المستمرة من قبل البيت الأبيض لضمان أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تُستخدم بطريقة تعزز الأمن القومي الأميركي وتتماشى مع القيم الأميركية، مع الحفاظ على الريادة في مواجهة التحديات التكنولوجية العالمية المتنامية.